الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ناصر خليفة يكتب: قراءات مستوحاة من باطن التاريخ

صدى البلد

"قراءات إلحادية ملفقة" ..
تلقيت من صديق لي وزميل في العمل الصحفي، رسالة بعنوان "قراءات"، قراءات تاريخية من شأنها التشكيك في كل عقيدة سماوية وكتاب سماوي خاصة القرآن، ذلك الكتاب الذي قال الله عنه {ذلك الكتاب لا ريب فيه}، طلب مني صديقي أن أطرح تلك القراءات على صفحتي في "الفيسبوك" للنقاش حولها، فلم أفعل لأني آثرت أن اتناولها في مقالي هذا لأبدي رأيي فيها وربما لمن يقرأ المقال رأي آخر ..
 
.. في البداية وقبل أن يسرد القراءات كتب صديقي تلك العبارة : "القراءة هي عدو الأديان الأول" ولست أدري كيف أقتنع بمثل هذا الاتهام في حين أن أول ما نزل من القرآن كلمة "اقرأ " فكيف يعادي القرآن القراءة وقد اشتقت لفظ كلمة القرآن من القراءة ؟! ..

المهم ، يقول صديقي في رسالته :"اقرأ قليلًا عن الألواح *الأوغاريتية* (مملكة قديمة في سوريا تعود لعام 7500 ق.م) لتكتشف أن قصة آدم وحواء خطها أحد الأدباء قبل ثلاثة وثلاثين قرنًا (أو ثلاثة آلاف وثلاثمئة عام) من الآن وقبل قرون عدّة من سفر التكوين اليهودي !" ثم يكمل: "اقرأ قليلًا عن إنوما إليش *Enûma Eliš* أو “ملحمة الخلق البابلية” لتكتشف أن قصة الخلق في الأديان الإبراهيمية الثلاثة جاءت من هناك !!".

وهنا نتوقف طويلا ، فكثيرا ومنذ سنوات بل قرون من الزمان ومسألة خلق آدم كما قصها القرآن هي قضية جدلية كبيرة، يجادل فيها كل من لم يؤمن برسالة محمد نبي الإسلام [عليه السلام ] ، حتى خرج علينا السيد داروين ليفك شفرة هذا الشك الكبير ليسعد المشككين ويثلج صدروهم وأفكارهم و"عقولهم النيرة" عندما طرح نظرية تطور الجنس البشري، وأن هذا الإنسان أصله قرد ! لكن مات داروين ولم يكشف لنا ولا لمؤيديه لغز الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان ! وبالطبع تنطع كثيرون وحملوا فوق عقولهم هذه النظرية ليثبتوا بها أن قصة خلق الإنسان المذكورة في القرآن هي قصة لا أساس لها من الصحة ! وأنها من نسج الخيال والأساطير كباقي القصص المحمدية القرآنية ! مثل قصة نوح والطوفان والتي يقولون عنها أنها أيضا أسطورة جاءت من خيال *شين ئيقي ئونيني* عندما كتب تلك الملحمة !! ولست أدري من شين نونيني هذا ! الذي اخذ عنه القرآن قصة نوح والطوفان !!

لم يكتفوا بقصة خلق آدم وحواء ولا بقصة الطوفان بل تطرقوا إلى قصة النبي عيسى نبي المسيحية [عليه السلام ] فقالوا: إن من كتب أسطورة الإله حورس هو من تحدث عن الولادة من عذراء و الهروب و شفاء المرضى وعودة الأموات والمشي على سطح الماء ..!! وأن قصة الصلب سرقت من تراث كيميت الفرعوني !! 

.. ولم يكتفوا بهذا الحد من التلفيق والأكاذيب فمن يكذب شيئا من القرآن سيكذِب كل شيء جاء به "محمد" فلم يفتهم بالطبع التشكيك في قصة الاسراء والمعراج، ثم مراحل تكون الجنين في رحم الأم .. الخ الخ،، وهكذا كانت كل القراءات التي وصلتني وفي نهايتها كُتبت تلك العبارة :
((اقرأ قليلًا لتكتشف وتكتشف ولتعرف حجم الخديعة التي تعيشها البشريّة ))

ولست أدري عن أي خديعة يتحدثون؟! هل هي خديعتهم هم أم خديعتنا نحن ؟!
ولست مندهشا ولا متعجبا بل حزينا على هذا المستوى العقيم الذي وصل إليه هؤلاء الباحثون "المتحضرون " .. الذين اتبعوا أهواءهم فكانت أمورهم فرطا وأفكارهم شتاتا يغوص كل حين في شتات ..
 
كيف وربي يقول {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} (69 يس) وهو من قال : {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }(83 يس).

تنويه : لا أشك لحظة في إيمان صديقي فهو زميل دراسة ورفيق رحلة طويلة لكنه منذ أن عرفته وهو عاشق للقراءة حتى النخاع .