الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السيسي/ ناصر .. زعامة الأمة المستهدفة


لا يمكن بحال أن تمر ذكرى ثورة يوليو المجيدة دون الوقوف خشوعا في محراب جمال عبد الناصر، الذي مازال يعيش في وجدان الشعب العربي، ومازال يعيش في العقل الجمعي للشعب المصري، ومازال يعيش في ذاكرة شعوب أفريقية وأوروبية وأمريكية وأسيوية، وذلك للا شيء إلا لكونه عبر عن أحلام وتطلعات الكثير من أبناء تلك الشعوب، وحمل آمال وآلام الطبقات الكادحة المطحونة بين أضلاعه، فملك قلوب هذه الطبقات، وعاش في وجدانهم.

في ذكرى السادسة والستين لثورة يوليو المجيدة وجدنا الفريق الكاره لزعيم الأمة العربية ينشط كما لم ينشط من قبل؛ مشوِّها كل فعل، سالبا كل ميزة، مضيفا كل نقيصة، وفي المقابل كان الفريق المؤمن بالثورة وقائدها، والذي يحكم على الأمور دون أن يكون في قلبه زيغ، ولا على أعينه غشاوة، فذاد عن الثورة، كما دافع عن الزعيم، هذا الذود وهذا الدفاع اللذان رأى فيه دفاعا عن الوطن، ودفاعا عن الرمز، وذودا عن مؤسسات الدولة ومكتسبات الثورة، وذلك لأن التيار المهاجم للثورة والزعيم، هو نفسه التيار المعادي للدولة ومؤسساتها، وإن تخفى تحت أقنعة لم يعد يُخْدع بها أحد.

إن التفسير الذي وجدناه يلامس العقل لهذا الهجوم الشرس على الثورة وزعيمها في هذه الذكرى السادسة والستين؛ والذي لاحظنا بدقة متناهية أن من قاموا عليه هم من يرفضون ثورة الثلاثين من يونيه ويصفونها بالانقلاب العسكري وهو نفس وصفهم لثورة يوليو المجيدة، مع الاختلاف الواضح في الحالتين، وهو ما يؤكد أن هذا الهجوم تم الإعداد له، لأن في عقلية القائمين عليه ربط بين الثورتين، وهو ربط لا ننفيه، بل نؤكده، وهو الارتباط الوثيق بين الشعب والجيش، ولكنهم لا يرون من المعادلة إلا طرفا واحدا يسبب لهم أرقًا شديدا وهو الجيش، أما الشعب وتطلعاته، ومصيره فهو لا يهم إلا إذا اتفق مع هذا الفريق، ساعتها يعتبرون للشعب وجودا.

إن استهداف الثورة وزعيمها في ذكراها السادسة والستين جاء وفي عقل المهاجمين الرئيس عبد الفتاح السيسي، فهناك ارتباط عضوي بين ثورتي يونيه ويوليو، وهناك ارتباط وثيق بين زعيمي الثورتين، مهما اختلفت طرائق الفعل، فالزعيمان انحازا للشعب، وكل منهما يقدم مشروعا مصريا خالصا، وكلاهما يدرك قيمة الدور المصري في محيطه مرة وعلى مستوى الإقليم أخرى وفي العالم ثالثة، ويسعى السيسي كما سعى ناصر لإقامة دولة قوية يحميها جيش قوي، ويعتمد السيسي على نفس ما اعتمد عليه ناصر في تحقيق الإنجازات وهو الشعب، ومن هنا كان المستهدف هو تشويه صورة ناصر لدى هذا الشعب، ذلك التشويه الذي يأمل القائمون عليه أن ينسحب على الرئيس السيسي، الذي لا يألو فريق من المصريين جهدا في تشويه كل إنجازاته.

ولكنهم سيظلون في واد وأبناء شعب مصر العظيم في واد آخر، وإذا كانت تقاس قيمة العظماء بما يقومون به من أعمال، وما يشيّدون من مشاريع، وبما يتركونه من آثار، فإن هؤلاء الأعظم تقاس قيمتهم بما يُحْيُون من قيم، وما يمنحون الإنسانية من مُثُلٍ، وما يخلقون من آمال، وما يبعثون من طموح، وما يرسمون للآخرين من طريق، وما يساعدون فيه الغالبية العظمى من تحقيق لذواتهم.

إن هؤلاء الأعظم قلة نادرة تمنحها السماء للشعوب في لحظات حاسمة في تاريخها، فتبدلها من حال إلى أخرى، لأنها تصدر أعمالها عن قناعة، وتمنح من قلبها عن رضى، وتبذل من روحها عن إيمان، فيلتف حولها الناس، وتؤمن بها الجماهير، وتدافع عنها الشعوب في كل بقاع الدنيا.

لقد كان جمال عبد الناصر أحد هؤلاء الأعظم، ويأتي السيسي ليسير على نفس درب الأعظم فآمن بشعبه، فالتف حوله، منحه من قلبه، فأحبه، بذل من روحه، فسكن أرواح أبنائه.

وكما لم يكن ناصر لشعبه وللشعوب العربية مجرد رئيس، ولم يكن مجرد زعيم – رغم انتشار اللقب – بل كان ملهما صادقا، فتخطى حواجز الأمكنة، ليتربع في قلوب ملايين رأت فيه المخلص، وكان لها الأمل، وظل لها الحلم، الذي رفضت – بعد مرور عشرات السنوات على رحيل جسده – أن تتخلى عنه، بل كلما اشتد عليها الخطب، ازدادت به تمسكا، وظل لها نبراسا، فإن السيسي يمثل أملا لشعب مصر والشعوب التي تجعل من مصر بوصلة لها، وما أن تثمر تلك الزروع التي يبذرها الرئيس السيسي - وها هي آخذة في الإنبات، إلا وسيكون ثمرها الذي يقطف في شمس الضحا، زادا لتلك البلاد المجاورة، وسبيلا لتلك الشعوب المتأهبة لنجاح التجربة المصرية السيساوية، التي هي امتداد طبيعي لتجربة ناصر الخالدة، والتي ستكون الرد الحاسم على هذا الفريق الكاره لنفسه، والتي سيكون فيها نهاية لتلك المحاولات التي تستهدف رموز الوطن، تلك المحاولات التي لم يلق لها الشعب بالا، والتي لن تغير من الأمر شيئا، حيث سيظل الشعب مؤمن بزعيمه، ملتف حول علم بلاده.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط