الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المحتوى قبل الأسعار يا أصحاب القرار


مع تفاقم أزمة الصحافة فى بلادى مصر، وارتفاع تكاليف الطباعة، إلى الحد الذى يهدد بحجب أغلب الإصدارات الصحفية عن الظهور، ومع الصمت الحكومى تجاه مطالب دعم الصحف، ظهرت دعاوى، وبدت أفكار، ومقترحات، تظهر فى الأفق، تبحث جميعها عن كيفية التغلب على تكاليف الطباعة، والخروج من مأزق الخسائر، التى تسببها الفجوة بين التكاليف والعوائد.

من بين تلك الأفكار، رفع سعر بيع الصحف اليومية، وهى الفكرة، التى من المقرر عرضها على الهيئة الوطنية للصحافة، للنقاش خلال الاجتماع المقرر له غدا، مع رؤساء تحرير الصحف التى تصدرها المؤسسات المملوكة للدولة.

المقترح يقضى برفع سعر بيع المطبوعة من العدد اليومى إلى 3 جنيهات، والأسبوعى إلى 4 جنيهات، وذلك فى محاولة لتعظيم عائد البيع، ومن ثم التغلب، ولو بقدر يسير على تغطية التكاليف، أو الحد منها.

غير أن المقترح، فى رأينا، وضع فرضية أن الصحف تتميز بنسبة توزيع عالية، ومن ثم فإنها تستطيع، برفع السعر أن تحصل مبالغ إضافية، من حصيلة التوزيع.

والحقيقة، أن الأمر عكس ذلك تماما، فالصحف المطبوعة، وحتى تلك التى تصدرها المؤسسات الصحفية الكبرى المملوكة للدولة، تعانى تراجعا فى التوزيع، ولا يصل فى مجموعه إلى نصف مليون نسخة، فى وقت كانت تشهد فيه صحف كبرى نسب توزيع عالية تصل إلى مليونى نسخة خاصة فى العدد الأسبوعى، غير أن ذلك تراجع بشكل كبير، خلال الآونة الأخيرة، حتى نستطيع القول أن أكثر الصحف انتشارا، ولا داعى للتسمية، لا توزع أكثر من 30 ألف نسخة فى عددها الأسبوعى، ويقل هذا الرقم بالنسبة لباقى الصحف، ناهيك عن الصحف الخاصة التى ارتفعت لديها نسبة المرتجعات بشكل مخيف.

التفكير برفع أسعار البيع معتمدا على التوزيع، لن يجدى نفعا، خاصة فى ظل ضعف المحتوى الصحفى، الذى تخرج به أغلب الصحف، التى هجرها القارئ، إلى المواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعى، التى تشكل التهديد الأكبر للصحافة المطبوعة، خاصة مع ضعف المحتوى الصحفى، وتراجع الأداء المهنى فى أغلب المؤسسات الصحفية.

قوة المحتوى، وحسن الإدارة، والتخلص من سلبيات الماضى، أمور يجب أن تسبق قرار رفع الأسعار، وهى رسالة لأصحاب القرار، فحواها أن رفع الأسعار لن ينقذ الصحافة من المصير المحتوم، الذى يمكن أن ينتهى باختفاء الصحافة المطبوعة، أو جعلها قاصرة على مجرد الاشتراكات، التى تراجعت هى الأخرى، بسبب ترشيد الإنفاق الحكومى.

علاج أزمة الصحافة، وكما سبق وأن ذكرنا فى مقالات سابقة، فى حاجة إلى رؤية شاملة، تضع خطة طويلة المدى لإنقاذها، خاصة أن الحكومة ترفع يدها عن دعم الصحف خلال مدة أقصاها 4 سنوات، فى وقت تجاوزت فيه ديون المؤسسات الصحفية، المملوكة للدولة ، أكثر من 20 مليار جنيه.

نذكر بأن الحلول يكمن بعضها فى ضرورة دمج بعض الإصدارات، وعلاج أزمة البطالة المقنعة، داخل تلك المؤسسات، بجانب اللجوء إلى أساليب جديدة، تعمل على تحسين المحتوى، والعودة بالصحافة لكى تكون معبرة عن المجتمع، وليس الحكومة، بجانب إعادة النظر فى نظام التعيين، والتخلص من قوائم الانتظار بتلك المؤسسات، والتى تشكل عبئا ماليا كبيرا عليها، قبل أن تشكل أزمة مهنية خطيرة، تبدو انعكاساتها واضحة على المهنة من ناحية، وعلى المجتمع والدولة من ناحية أخرى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط