الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المعسكر السعودي العربي والمعسكر الإيراني القطري


المتشدقون بالوحدة العربية -وقد كنت واحدًا منهم لنحو عشرة أعوام مضت- عليهم أن يفيقوا من سباتهم!.

فأي حديث عن الوحدة العربية في ظل الوضع الحالي في المنطقة ليس فقط حديثًا فجًّا وكاذبًا، ولكنه حديث مبتذل.

فقد أصبحت هذه المفردة، (الوحدة العربية)، من ضمن المفردات التي انقرضت مع نهايات القرن العشرين، وبالتحديد منذ أن تجرأت دولة عربية -هي العراق وقت حكم الرئيس الأسبق صدام حسين- على احتلال دولة أخرى -هي الكويت- واستباحة أرضها ومقدراتها، ومنذ أن تحولت البوصلة العربية للخارج فأصبح القرار في لبنان لا بد أن يمر بطهران أولًا، وكذلك القرار في صنعاء لا بد أن يخضع أولًا لتوقيع إيراني حتى تمكن قراءته، وكذلك في دول الخليج لا بد أن يمر القرار بواشنطن حتى يمكن فهمه والتعامل معه!.

والهجوم على الوحدة العربية أو الدعوة لعدم التشدُّق بها ليس ضربًا في جسد صلب بغرض تفتيته، ولكنه واقع حال لجسد مهلهل بالفعل، فالأوضاع السياسية في العالم العربي تقتضي قراءة طبيعية لا مجال لتجميلها حتى يمكن التعامل معها، خصوصًا أن الثلاثين عامًا الماضية -ومنذ 1991- شهدت متغيرات دولية وإقليمية وعربية نسفت مرتكزات الوحدة العربية ودمرت حصون من كانوا يبنون عليها.

والمختصر أن الواقع في المنطقة الآن هو صراع واختيار بين معسكرين: معسكر سعودي عربي تقوده المملكة على اعتبار أنها في فوهة المدفع الإيراني الفارسي وأمام كل ما تحيكه إيران، وتسندها الدوحة فيه في العراق وسوريا ولبنان شمالًا، وفي البحرين شرقًا، وفي سلطنة عمان واليمن جنوبًا، وكل ذلك تتأثر به السعودية في المقام الأول، وبين معسكر إيراني قطري له أجندته الخاصة وله أذرعه الشيطانية.

فالسعودية في فوهة المدفع، وهي المقصودة الأولى بكل تحركات المعسكر الآخر؛ لأن نظام الحكم في طهران -ومنذ 40 عامًا من ظهوره- لا يزال يعتقد أن بإمكانه هزيمة العواصم العربية واستباحتها ونشر المذهب الشيعي ومفردات الثورة الإيرانية، ويعمل باستمرار على سحق السنَّة وإعلاء رايته الشيعية المذهبية -وهذا واقع حال في العراق وسوريا ولبنان واليمن كذلك- فانظروا إلى من قتل من السنَّة وانظروا إلى حكايات التوطين الشيعية الميليشياوية في دمشق ونواحيها.

لقد خلق نظام الملالي حربًا مرَّ على أوانها الرسمي أكثر من 1400 سنة بالتمام والكمال.

إنه يعيد الصراع بين معاوية ومناصريه وعلي وبنيه، ولا يفهم أنه مرت قرون طويلة على هذه المعركة، وفي النهاية والمجمل كلنا مسلمون.

وعلى الطاولة -وأمام هذين المعسكرين "السعودي العربي" و"الإيراني القطري"- تجرى وقائع الصدام والدم.

ففي اليمن حرب ضارية تأكل الأخضر واليابس ولا بد في النهاية من منتصر وفائز بالحرب، وإذا حدث -لا قدر الله- أن انهزم المعسكر السعودي العربي فقد ذهب جنوب الخليج وأصبح الخليج العربي ومضيق هرمز وأصبحت مياه المحيط الهندي -وصولًا إلى مضيق باب المندب- منطقة فارسية.


وإذا حدث -لا قدر الله- وانهزم هذا المعسكر في الشمال في سوريا ولبنان والعراق فقد أطبق الهلال الشيعي الإيراني على منطقة الخليج العربي كلها وابتلعها بداخله، وتضم السعودية والكويت والإمارات والبحرين، وبالطبع الدوحة وسلطنة عمان موجودتان في المعسكر الإيراني من قبل.

إنها تحركات بالدم على رقعة شطرنج هائلة، وإذا نجح ملالي إيران ومن يسندهم في هذا المخطط، فإن الاتجاه نحو الغرب آنذاك في مصر ودول الشمال الإفريقي سيصبح سهل المراد والمرام.

إنها ليست حكايات فيلم بوليسي، ولكنه صراع دائر بالدم والنار على الأرض في العراق وفي سوريا وفي لبنان واليمن وغيرها.

ووراء هذا كله -وبحسابات أكبر من الطرفين- تقف كل من أمريكا وإسرائيل، ومصلحتهما أن يشتد أتون هذا الصراع ويستمر قرنًا كاملًا -وليس سنوات معدودة- حتى يمكن الاستفادة من الناحيتين والفوز بحصة الأسد وأخذ الفواتير كاملة من الطرف المنتصر ومن الطرف المنهزم كذلك!.

إنها وقائع حرب مذهبية كبرى، لا مجال فيها للخداع أو المواقف المتذبذبة؛ فإما الصف السعودي العربي، وإما الصف الإيراني الفارسي القطري.

أما حديث الوحدة العربية والتضامن العربي وما إلى هذه الإكليشيهات من بريق فعلى المجاذيب أن يخرجوا بعيدًا عن الحرب إن استطاعوا وأن يتمسكوا بإكليشيهاتهم وشعاراتهم.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط