الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رسائل الكبار


بمجرد انفجار الأزمة السياسية الأخيرة بين أمريكا وتركيا، وكنتُ على يقين بأن هذه "النيران الصديقة" ستخمد بنفس سرعة اشتعالها.. فسلاح العقوبات الاقتصادية بين الحلفاء تختلف فلسفته ودوافعه عن استخدامه مع الأعداء.

 وعندما بادرت الولايات المتحدة برفع "العصا" لترويض الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وتحجيم شراهته للسلطة وتوسيع نفوذه العالمى، كانت "الجزرة" في الكواليس ولم تفرط فيها واشنطن لحماية مصالحها التجارية والسياسية مع الدولة العثمانية الجديدة.. فما يبدو على السطح تهديدا من الرئيس الأمريكى "التاجر" دونالد ترامب، هو في باطنه مساومة كبرى وسيناريو مرسوم من الإدارة الأمريكية لابتزاز الأتراك اقتصاديا وسياسيا لتقوية شوكة التحالف بين الطرفين بما يخدم المخطط الأمريكي الجهنمى لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفقا لحسابات وأجندة "ولاد العم سام" و"دهاء" اللوبى اليهودي!.

وفى الوقت المناسب، وعند لحظة محددة.. تستجيب تركيا للاستراتيجية الأمريكية وتقبل دور "الشُرطى" في تنفيذ الأوامر مقابل "حزمة" من المنافع والاستثمارات لإنعاش اقتصادها المتأثر نسبيا بمغامرات أردوغان ضد المعارضة في الداخل.. غير أن العثمانيين الجدد يرفضون منطق الطاعة العمياء أو الرضوخ الكامل دون نقاش، ولايعترفون بالرهان علي لاعب واحد فقط.. لذلك يصنعون "ميزانهم الخاص" بالتنسيق مع الروس من ناحية، والنمور الآسيوية وفى مقدمتهم الصين العنيدة من ناحية أخرى.. ومغازلة الكتلة الأوروبية بورقة التجارة العالمية والأسواق المشتركة من ناحية ثالثة.. وأخيرا، الالتفات إلي "الصديق القطرى الوفى" عند الضرورة للاستفادة من ثرواته وأمواله فى علاج أى أزمة طارئة، وفورا يُلبى الصديق النداء بأكثر المساعدات سخاء وكرما لتبلغ ١٥ مليار دولار فى صورة استثمارات مباشرة داخل تركيا!.

هكذا نعيش حالة متوهجة من "الرسائل المتبادلة" بين الكبار فى عالم تسوده المصالح ولغة المال وقوة العقل .. فلا مجال للحروب العسكرية أمام سطوة الاقتصاد وانتشار روافده في كل مكان .. وهذه الرسائل قد تكون مقروءة للشعوب العربية، ومن قبلهم أصحاب القرار السياسى فى أنظمتنا "العريقة"، وقد نكون متميزين فى القراءة والمعرفة والاستنتاج، ولكننا "متقاعسون" عن كتابة وتأليف فصول جديدة من إبداعنا وإنتاج أدواتنا لنحظى بمثل هذه الرسائل .. والآن من نحسبهم "صغارا وخِرافا" يمارسون اللعبة باحترافية ويتقنون أداء "الكنز الاستراتيجى"، ويربحون في النهاية، حتى وإن تأخر المحصول قليلا .. فإلى متى نظل متفرجين "سلبيين" ؟!.. ولماذا؟!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط