الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ضبط الأداء الإعلامي.. القانون وحده لا يكفى


كثيرة هى القوانين المنظمة للأداء الصحفى والإعلامى، فى بلادى مصر، وقد تنوعت ما بين قوانين، ولوائح عمل، ومواثيق شرف صحفية، وقسم بأغلظ الأيمان على مراعاة واجبات المهنة، وحق المجتمع والدولة، والرأى العام.

والقوانين، قديمها وحديثها، وعلى كثرتها لم تجد نفعا، أو تحدث أثرا، أو تقدما ملموسا سواء على مستوى الأداء المهنى، أو خدمة الرأى العام والمجتمع، وتحولت إلى مجرد أوراق تذخر بها المكتبات، وتعج بالحديث عنها الندوات، ودهاليز الهيئات.

الواقع يقول إن لدينا قوانين ثلاثة، هى الحاكم الفعلى لشئون الإعلام، صحافة وتليفزيون، وإذاعة، وهى قانون المجلس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، هذا بخلاف قانون نقابة الصحفيين، ولائحتها الداخلية، فضلا عن مواثيق الشرف الصحفى المنبثقة عن كل ما سبق.

وبنظرة إلى الواقع وبعد إقرار تلك القوانين، وما ترتب عليها من إنشاء مجالس وهيئات، لايزال الأداء الإعلامى دون المستوى، ولم يرق بعد إلى حد احترام عقلية القارئ أو المشاهد، أو حتى الآداب العامة للمجتمع وقيمه، وظروفه الإجتماعية والسياسية.

فلم تعد القوانين هى الحاكمة، رغم ما تحويه من عقوبات، ورغم ما يقوم به المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، من إجراءات، باعتباره السلطة الأعلى على الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، بل أصبحت هناك عوامل أخرى تتحكم فى الأداء الإعلامى، عام وخاص، بل تقوده إلى خارج السياق، ويغلب عليها طابع رأس المال الخاص، والأهواء الشخصية، والخروج على الدين والقيم الاجتماعية.

التراجع الثقافى ومن قبله القانونى، يغلب على الكثيرين ممن يعملون بمجال الإعلام، والعالم الافتراضى فرض سيطرته على الكثيرين منهم، الذين لا يعون النواحى القانونية أو التشريعية فى الأداء الإعلامى وما ينبغى أن يكون عليه.

فبدلا من التحقق من المصادر، شخصيات ومعلومات، أصبح كل مرتادى مواقع التواصل الاجتماعى، ونشطاؤه هم المصادر الصحفية، والإعلامية، مع ما يتسم به العالم الافتراضى من زيف وتزوير، وترويج للأكاذيب، دون التحقق من المعلومات.

رأى الكثيرون ممن يعملون فى مجال الإعلام، على اختلاف أنواعه، مابين مقروء، ومرئى، ومسموع، أن مواقع التواصل الاجتماعى، بيئة خصبة للحصول على المعلومات، بمجرد لمسة لجهاز التليفون المحمول، وهو أمر يسير لايكلف الصحفى أو معد البرنامج أو حتى مقدمه، عناء البحث عن المعلومة فى جو تسوده الحرارة الشديدة، ويتنفس فيه الكثيرون الجهل وعدم المعرفة.

غلف ذلك كله شخصيات سيكوباتية، طفت على سطح الإعلام، لتخرج على الرأى العام، بآراء تخالف الدين، والأداء المهنى السليم، وقيم وعادات المجتمع، تحت مزاعم تحقيق مشاهدات وقراءات، وأصبح الخروج على الثوابت الدينية والمجتمعية، هو السبيل للحصول على أعلى نسبة قراءة ومشاهدات، التى تهدف بالأساس للمال فى النهاية، بعيدا عن الرسالة الأخلاقية التى يجب أن تقدمها وسائل الإعلام.

القوانين المنظمة للإعلام، إذن، وحدها لاتكفى لضبط الأداء الإعلامى، وحماية المجتمع من مخاطر التوسع فى مظاهر هى أبعد ما تكون عن المهنية، وعن طبيعة المجتمع، سواء من حيث احتياجاته، أو حتى الظروف التى يمر بها، سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية.

ضبط الأداء الإعلامى فى حاجة إلى إعمال الضمير، والعودة إلى أخلاقيات المهنة، ودعم الشخصيات الإعلامية بمزيد من الثقافة والإطلاع، حتى لا يكون عطاؤهم الإعلامى، مجرد ثمرات أصابها العطب، أو مواد وأفكار أصابها العفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط