الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سر الحياة الذي يقتله المسلمون!


أمرنا الإسلام بالتوسط والاعتدال في كل أمورنا، ونهانا عن الإسراف بالكلية. لكن المسلمين في هذه الأيام إلا قليلًا منهم اختاروا لأنفسهم ما لم يختره أو يقرره الإسلام، واتبعوا أهواءهم بغرض الاستمتاع بالحياة طولًا وعرضًا من وجهة نظرهم، ولذا صرنا في الحال الذي لا يخفى على أحد، وهو الأسوأ منذ 1440 عامًا من هجرة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلوات ربي وتسليماته عليه.

فالكون المأمورون بإعماره صرنا أول من يخرب فيه وفي توازنه البيئي، حتى صرنا جميعًا إلا من رحم الله نقتل سر الحياة فيه بلا رحمة أو التوقف ولو لحظات لمراجعة الذات والتوقف عن هذه المقتلة التي نرتكبها على مدار اليوم لسر الحياة وهو "الماء".

فلقد قال تعالى: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ".

وقد وضع الإسلام مجموعة من القيم والآداب والأسس والقواعد للمحافظة على الماء وعدم الاسراف فيه وحمايته عبر ترشيد الاستهلاك باعتبار أن الإسراف والتبذير من أهم عوامل الخلل والاضطراب في منظومة التوازن البيئي المحكم الذي وهبه الله - سبحانه - للحياة والأحياء في هذا الكون. 

وقد أظهرت الحسابات والتجارب العملية أن متوسط ما يستهلكه الفرد المسلم في منطقة الخليج والشرق الأوسط في الوضوء للصلاة من الصنبور يقدّر بـ 10 لترات من الماء الصالح للشرب؛ بينما القدر الذي يحتاجه تأسيًا برسول الله هو (مدًّا واحدًا)، وهذا يعني أن كمية الماء المهدور أثناء عملية الوضوء يقدّر بـ 13.5 ضعفًا للكمية اللازمة لأداء هذه الفريضة. ولهذا فإن معدّل ما يبدّده الشخص الواحد من الماء الصالح للشرب –أثناء الوضوء فقط- يصل إلى 46 لترًا في اليوم الواحد. 

وبحسب إحصائيات فإن المسلم يبدد في العام ما يعادل 16,950 لترًا من الماء، وإذا ما أضفنا إلى ذلك كمية المياه التي تهدر أثناء أداء فريضة الغسل، فإن الماء المهدر سيصل إلى 19,500 لترًا سنويًا لكل فرد من أفراد أي مجتمع إسلامي.

في مصر وحدها يتم إهدار ما يقرب من مليار متر مكعب في عملية الوضوء فقط، حيث أظهرت بيانات إحصائية، أن إجمالى عدد المساجد والزوايا الموجودة بمصر بنهاية عام 2016-2017، بلغ 132 ألفا و809 مساجد وزاويا.

يحدث هذا الإهدار في الوقت الذي تعاني فيه معظم الدول الإسلامية من الشح المائي.

ويحدث هذا في الوقت الذي يعلم جميع المسلمين أن الحرب القادمة ستكون على الماء وليس النفط أو الغاز، ويحدث هذا وقد علم المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الإسراف في الماء، فقال فيما رواه عبدالله بن عمر .

ويحدث هذا في الوقت الذي تحارب فيه مصر لأجل الحفاظ على حصتها في الماء.

نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإسراف في استعمال الماء حتى ولو كان من أجل الوضوء، فقد روي عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ فقال (ما هذا الإسراف؟)، فقال: أفي الوضوء إسراف؟، قال (نعم وان كنت على نهر جار) .

وأخرج مسلم من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد"، والإسراف يتحقق باستعمال الماء لغير فائدة شرعية، كأن يزيد في الغسل على الثلاث، وقد اتفق العلماء على أن الزيادة في غسل الأعضاء للوضوء على الثلاث مكروه، وأنه إسراف في استعمال الماء.

ولذا ننصح بضرورة تحويل مجرى مياه الوضوء بالمساجد والزوايا إلى خزانات يتم سحب مياهها من خلال المجالس القروية والمحلية لتوضع في خزانات استراتيجية على مستوى المركز أو المدينة التابعة لها، ليسهل بعد ذلك إعادة استخدامها إما بتحليتها وهذا لن يحتاج لإجراء عمليات معقدة عليها لأنها في الأصل مياه نقية، أو توجيهها في عملية الزراعة. 

هذا الإجراء من شأنه تخفيف العبء عن شبكات الصرف الصحي وعلى المنازل والمساجد في القرى التي لم يصلها الصرف الصحي بعد وتضطر للجوء إلى عمليات النزح البدائية والتي نعلم جميعًا أين تلقي سيارات النزح هذه مياه الصرف!

ويمكن للدولة أن تدعو المواطنين للإسهام في تنفيذ هذه الفكرة إذا كان فيه عبئًا على الدولة، بأن يجمع الأهالي في بعض العزب أو الكفور أو القرى المتجاورة مع بعضها ثمن توفير سيارة لشفط ونقل المياه، ثم وبالتنسيق مع المجلس المحلي أو مجلس المدينة يتم زراعة أشجار مثمرة بطول هذه القرى أو العزب أو الكفور، وتروى من هذه المياه ويعود ريعها على الأهالي المساهمين في الفكرة أو تحويلها إلى رجال أعمال تبرعوا بتوفير هذه السيارات أو الخزانات.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط