الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد سمير يكتب : العرب بين الحقيقة والسراب‎

صدى البلد

إن العرب في مراحل حكمهم الى ذروته كان لديهم سلطان يحمي بيئتهم الثقافية في الاستمرار والتطور الي ان بدأت الحياة السياسية والحاكمة بالتدهور، وبدأ الجانب الاخر من العالم في الانخلاع من السلطة العربية بمحاربتها والتكاتف ضدها والعرب المسلمين منذ ساعتها الي الان في محاولات بائسة لاستعادة ملكهم الضائع ظنا منهم اننا سنسترجع ما فقدناه في لمحة وأن المياه قطعا سترجع لمجاريها وكأننا لا نصدق ما حدث .. فكانت محاولتنا صبيانة لاسترجاع ما كنا فيه من العزة والسلطان تارة بالجماعات الدينية السياسية وتارة بالأخرى المتطرفة وغابت عنا فكرة ان الحكم لا يأتي بالشجاعة والقتال فقط وانما يأتي بفهمنا حقيقة ما نحن عليه وحقيقة ما نختلف فيه وحقيقة هذا العالم الذي تغير ، ولنسأل أنفسنا سؤالا:
 
هل بإمكان العرب إذا حكموا هذا العالم الآن أن يقدموا حضارة تخطف أبصار واهتمام بني الإنسان ؟

قطعا لا إن الشعوب العربية غارقة في صراعات السلطة وبسط النفوذ ، هذا يرجع لتأثرها التاريخي بالقبيلة والعصب والدم والشعوب العربية تعد أكثر الشعوب تمسكا بمبدأ الجماعة فالفرد فيها يضحي من أجل المجموع وهذا في حد ذاته سمة انسانية فاضلة وحميدة لكن ما يشوهها مع مرور الوقت هو ضياع حق الفرد ضمن مجموعته وهو ما يعزز مبدأ البقاء للأقوى فيكاد المجتمع لا يلقي بالا لضعفائه ومحتاجيه ويتساقطون واحدا تلو الأخر حسب قوتهم ومكانتهم لأن المجتمع هنا غاية وسيلتها الفرد وهذا ما نختلف فيه عن شعوب الغرب من حيث يُعتبر كل فرد علي حِدة  عنصرا هاما في ذاته ضمن مجموعته متساويًا مع غيره في الحقوق والواجبات كضمانة لبقاء وثبات نسق المجموع لأن المجتمع عندهم وسيلة غايتها الإنسان ، ومع ذلك فإن الغرب ليس مثاليا ونحن لسنا شياطين ولكن هي نظرة علي واقعنا قد أُصيب فيها أو أُخطئ .

إن شعوب هذا العالم التي أدمنت العلم والتطور والموبايل والإنترنت و القمر الصناعي والنانو تكنولوجي وتسخير الجاذبية وتحليل الذرة والتحكم بها هذه الشعوب ستخضع حبا ولهفة لمن يقدم لها المزيد ويروي تعطشها الدائم للرفاهية والسرعة و من ثم تأتي القوة العسكرية كشيء لا حق وله ضرورته أيضا في حماية رواد أي حضارة جديدة تطل علي العالم المليء بالمتربصين والمنتفعين .. ومن هنا نسأل أيضا: 

هل نمتلك نحن العرب اقتصادا من نوع مختلف ننصر به الجوعي ونحقق الاتزان الذي ينشده بني الإنسان ؟؟
والإجابة اننا من أكبر الداعمين للدولار واقتصاد البنكنوت وبورصة الأوراق و أننا شركاء ضالعون في صفقة البترودولار المسمومة التي صنعت من الورقة الخضراء إلها  نعبده و نقدم له القرابين ونحن أكثر الدول إهدارًا للعدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص كما أوضحت وأكثر ما فعلناه هو أسلمة النظم الإقتصادية الغربية
ليس لتقويمها او الإضافة فيها بل لتعزيزها علي نحو أسوأ في صورة استغلال ديني فج ، وبما أن الاقتصاد والسياسة وطبيعة المجتمع هي أحد العناصر الأصيلة في الكشف عن ملامح الدولة إذن فالثقافة هي العنصر الأهم بين هذه العناصر لأنها اللغة التي يُعبر بها اي مجتمع عن نفسه ومن ثم يُخاطب بها الأخرين .

وهنا نسأل هل نمتلك نبضا ثقافيا معاصرا نحتضن به العالم فنجعله مكانا افضل ؟؟
والإجابة أيضا لا .... فإن حصيلة ثقافتنا تتجسد في أصحاب السمو و الفخامة والمعالي و سعادة الباشا والبيه وهي ألقاب خرجنا بها من سياق الحاضر والمستقبل فأي قوة ثقافية لدينا نقدمها للعالم ونحن أول من فسق ابن سينا وابن الهيثم وابن النفيس وأحرقنا علوم ابن رشد ، إن تاريخنا رغم فصوله السوداء الا انه امتلك علماء أصبحوا رغم فناء أجسادهم أكبر مُلهمي هذا العالم فذهب سلطاننا وحكمنا وبقي العلم والعلماء.

كل هذه الأسئلة اجابتها واضحة ومفادها اننا لا نستطيع ان نقدم شيئًا للعالم فضلا عن أننا لا نستطيع حتى ان نواكبه ، نحن ببساطة لا نستحق مكانا فيه لأننا لم نقدم له الأن سوى القتل والعبث والجهل بدعوى ان العالم يتآمر علينا لأننا الأحق بحكمه .