الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علماء الدين يصححون اعتقادات خاطئة: عاشوراء يوم نجا الله فيه موسى من فرعون وليس لاستشهاد الحسين.. وصيامه يكفر ذنوب سنة ماضية باستثناء الكبائر.. وأكل العاشورة ليس بدعة

صيام عاشوراء
صيام عاشوراء

  • علي جمعة:
  • عمل "العاشورة" احتفالا بعاشوراء ليس بدعة
  • «3 سُنن» مُستحبة في يوم عاشوراء
  • الشحات الجندي:
  • صيام يُكفر سنة سابقة ويُستحب صيام التاسع معه
  • 4 مراحل لتشريع الصوم في عاشوراء
  • الإفتاء: صيام عاشوراء لا يكفر الذنوب الكبائر

تحتفل الأمة الإسلامية اليوم، الخميس، بذكرى عاشوراء -العاشر من شهر المحرم- وفيه ذكرى نجاة موسى "عليه السلام" من بطش فرعون، ويحاول «صدى البلد» إلقاء الضوء على هذا اليوم، من حيث سُننه وصيامه ومراتبه، ومكانته.

«3 سُنن» مُستحبة في يوم عاشوراء
قال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يعتز بشهر المحرم كثيرًا، حتى إنه ورد في بعض الروايات، أنه كان يكثر الصيام فيه، وخص يوم عاشوراء بثلاث سُنن.

وأوضح «جمعة» أن السُنن الثلاث التي خص بها النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء، هي «الصيام، الاحتفال، والتوسعة على الأهل والعيال»، مشيرًا إلى أن الشهر المحرم عامة، هو ثالث الشهور الحرم السرد، ذي القعدة، والحجة، والمحرم، ثم بعد ذلك الشهر الرابع، هو رجب؛ ولذلك سموه: رجب الفرد؛ لأنه وحده.

وأضاف: "وروى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان فى سفر فعندما دخل المدينة، وهناك تقويم لليهود، فعندهم شهر اسمه "تشري"، وكان في اليوم العاشر من شهر تشري، نصر الله سيدنا موسى، فأنجاه من فرعون".

وتابع: "فلما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وجد يهودا يصومون ذاك اليوم، فسأل: "ما هذا؟"، قالوا: "هذا يوم نجي الله فيه موسى"، فقال: "نحن أولى بموسى منهم"، فصامه وأمر أصحابه بصيامه، وظل عاشوراء فرضًا على المسلمين إلى أن أنزل الله سبحانه وتعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»، حتى قال: «فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ»، فأصبح هذا ناسخًا لهذا".

ولفت إلى أنه ظل صوم يوم عاشوراء سُنة إلى يوم الدين حتى قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ»، ولكنه انتقل إلى الرفيق الأعلى -صلى الله عليه وسلم- فصار من السُنة المرغوب فيها أن نصوم تاسوعاء وعاشوراء.

واستشهد «المفتي الأسبق» بقوله -صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ وَسَّعَ على عياله يوم عاشوراء «مَنْ وَسَّعَ على أهله...»، وفي رواية: «على عياله...»، وسع الله عليه سائر سنته»، أخرجه الطبراني، وصححه الشيخ أحمد بن الصديق، والعراقي، منوهًا للسُنة الثانية في هذا اليوم.

ونوه بأن عبد الله بن المبارك قال وكان في سند الحديث: «فجربناه أربعين سنة فوجدناه صحيحا»، أي أنه وسع في سنين فوسع الله عليه وضيق في أخرى فضيق الله عليه، «ولقد جربناه أكثر من ثلاثين عامًا فوجدناه صحيحًا ولكن الحمد لله لم ننقطع عنه أبدًا ونوسع على العيال في أرزاقهم هذا اليوم فيوسع الله علينا أرزاقنا سائر السنة».

وأشار إلى أن بعض النابتة يقولون أخرجه الطبراني في «الكبير»، وفي سنده ضعف، عبد الله بن المبارك يرد على هؤلاء، فيقول: "نحن جربناه، فوجدناه صحيحا، ولكن بالرغم من ذلك، إلا أن هذا الحديث قد صححه الإمام، حافظ الدنيا، العراقي، شيخ الحافظ ابن حجر، وصححه في عصرنا الحاضر، الشيخ أحمد بن الصديق، في «هداية الصغرا في تصحيح حديث التوسعة على العيال ليلة عاشورا».

وأوضح أن الاحتفال هو السُنة الثالثة في هذا اليوم، مشيرًا إلى أن المصريين بحسهم اللطيف، وبتجاربهم الروحية مع الله سبحانه وتعالى، اخترعوا حلاوة، وأسموها عاشورة، ويعملوها في ليلة عاشوراء، والجيران يهدوها لبعضهم البعض، وكل هذه الفرحة مردها إلى أنهم فرحوا بنجاة موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، مؤكدًا أنها ليست بدعة.

فضل صيام يوم عاشوراء
وذكر الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن صيام يوم العاشر من المحرم المسمى يوم «عاشوراء» يكفر السنة التى سبقته، كما قال النبى - صلى الله عليه وسلم، ويستحب صيام يوم التاسع والعاشر من شهر المحرم، وذلك لما روى عن النبى - صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع"، وقوله: "خالفوا اليهود صوموا يومًا قبله ويومًا بعده".

وقال «الجندي» إن هذا اليوم له فضيلة عظيمة، وحرمة قديمة، وصومه لفضله كان معروفًا بين الأنبياء عليهم السلام، وقد صامه نوح وموسى عليهما السلام، فقد جاء عن أبى هريرة - رضى الله عنه - عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: «يوم عاشوراء كانت تصومه الأنبياء، فصوموه أنتم» أخرجه بقى بن مخلد فى مسنده.

4 مراحل لتشريع صيام عاشوراء
أكد الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن صوم عاشوراء شرع على 4 مراحل، مشيرا إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صامه قبل الهجرة.

وقال «الجندي» لـ«صدى البلد»، إن المرحلة الأولى لصوم عاشوراء أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصومه بمكة ولا يأمر الناس بالصوم؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ- تَعني عائشة: لما قدمَ المدينة ربيع الأول ثم جاءَ يوم عاشوراء صامه وأمر الناس بصيامه، وهذا أقربُ التأويلات- صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» رواه الشيخان.

وأضاف أن المرحلة الثانية: أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، وذلكَ حينما رأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له -وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به-؛ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ بِصِيَامِه» رواه مسلم.

وتابع: "صيام عاشوراء صارَ حينها فرضًا ثمَّ نسخَ بفرضِ رمضان، وذلكَ لعمومِ الأدلةِ الواردة في الأمرِ بالصيام، والأمر يفيدُ الوجوب".

ووأوضح أن المرحلة الثالثة: أنه لما فرض صيامُ شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بصيام عاشوراء وتأكيده فيه، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «لَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وقَال: مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ» رواه الشيخان، مشيرًا إلى أن أهل أجمعَوا بعدَ نسخِ وجوبهِ إلى استحبابِ صيامهِ، نقلَ ذلك النووي وغيره.

وأشار إلى أن المرحلة الرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفردًا، بل يضم إليه يوما آخر مخالفة لأهل الكتاب؛ فعن ابنِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّه قالَ حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

الحكمة من صيام يوم عاشوراء
وأفاد الدكتور محمد ليلة، أستاذ مساعد علم الحديث بالأزهر، بأن الحكمة من صيام يوم عاشوراء، لأن موسى عليه الصلاة والسلام كان يصومه، وأنه اليوم الذي نجاه الله فيه من فرعون، مستشهدًا بما رود في صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَىَ اللهُ فِيهِ مُوسَىَ وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَىَ شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَىَ بِمُوسَىَ مِنْكُمْ". فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ».

وذكر لفظ البخاري في صحيحه: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ»، وفي صحيح مسلم (1919) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ، وَتَتَّخِذُهُ عِيدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوهُ أَنْتُمْ»".

أيام الصيام بـ«عاشوراء»
أوضح الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، أنه ورد عن السلف الصالح صوم عاشوراء بيوم قبله ويوم بعده، وكذلك صوم التاسع والعاشر، ويجوز أيضًا صوم اليوم العاشر من محرم فقط، منوهًا بأن كل هذا وارد في صوم عاشوراء للمُسلم أن يصوم عاشوراء يوم قبله ويوم بعده، أي أيام التاسع والعاشر والحادي عشر، وذكر ذلك بعض العلماء وقالوا هذا أتم.

وقال «عثمان» إن بعضهم ذكر أن الثابت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما قاله ولم يفعله: أنه صام العاشر فقط، ولكن قال: «لإن بقيت لأصومن التاسع»، أي اليوم التاسع والعاشر، كما يجوز صوم العاشر من محرم فقط، فهو جائز، لأن كل هذا ورد عن السلف الصالح.

ذنوب لا يكفرها صيام عاشوراء
وصدقت دار الإفتاء على أن صيام يوم العاشر من محرم المسمى يوم "عاشوراء" يكفر السنة التى سبقته، كما قال النبى (صلى الله عليه وسلم)، مشيرة إلى أنه يستحب صيام يوم التاسع والعاشر من شهر المحرم، وذلك لما روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم: "إذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع"، وقوله: "خالفوا اليهود صوموا يومًا قبله ويومًا بعده".

وبيّنت أن تكفير الذنوب بصيام عاشوراء الوارد في حديث: «صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» المراد به الذنوب الصغائر، وهي ذنوب سنة ماضية أو آتية إن وقعت من الصائم، فإن لم تكن صغائر خفف من الكبائر، فإن لم تكن كبائر رفعت الدرجات، أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة النصوح، وقيل يكفرها الحج المبرور، لعموم الحديث المتفق عليه "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".