الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب أحمد البراهمي تكتب: لصوص

صدى البلد

تنتج السرقات في حالة عدم الرضا عن النفس ولا عن الرزق المنزل من السماء ومن الأسلوب المتدني والسلوك غير الأخلاقي من بعض البشر , هو عدم رضائهم عن أنفسهم , وعدم قناعتهم بما أعطاهم الله من صفات , وطمعهم بما عند غيرهم من تلك الصفات التي وهبها الله لغيرهم.

بالرغم أن الله عادل وأكيد قد وهب هؤلاء أشياء أخرى - ولكنهم حاقدون ناقمون غير قانعين بما وهبهم الله - فماذا يفعلون؟ يسطون علي أعمال غيرهم وينسبونها لأنفسهم ظنا منهم أن صاحب الشأن لن يصل إليهم , فإذا حدث وواجههم بفعلتهم النكراء كان ردهم أن ذلك شيء بسيط , هم فقط سرقوا كلاما.

ويدعون أنهم لا يقصدون رغم أنهم يعلمون أن هذه الأعمال هي نتاج فكر وجهد الشخص الأساسي ,وهي وقت مقتطع من وقته , وفكر مقتطع من فكره , ومجهود كان أولى به أن يحتفظ به لنفسه . 

ولكنه أراد أن يخرج إبداعه ليراه الناس , فرسم صورة جميلة في لوحة زيتية أو لوحة شعرية أو قصة أو مقال . هذا الإنسان الذي سرق يوهم نفسه ببساطة بفعلته ليستمر في سرقاته . يقنع نفسه أنه يعرف الله ويصلي ويصوم وينام قرير العين , وهو سارق مغتصب شيئا ليس له , ومشكورا علي جهد لم يبذله .
 
كل ما فعله أنه نقل تعب وعناء شخص لنفسه ولأعماله , ليحصل هو علي كلمات إعجاب , والغريب أنه يفوق المجرمين فيتلقي الشكر علي هذا العمل المسروق , وغير عابئ بأنه ليس هو الموجه له الشكر , وليس هو من يستحق ذلك الشكر . 

أي نوع هؤلاء الناس ,الذين يريدون الحصول علي شهرة زائفة لا يعرفون الله - وقد قال الله في كتابه
"لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ". هؤلاء الناس يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، وسارقو الأعمال الأدبية يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا
وهؤلاء السارقون منهم المهرة في السرقات فيحورون الكلام ويغيرون بعضه , أو يقتبسون منه دون الإشارة إلي الكاتب الأصلي وأيا كان ما يفعلون فهم في النهاية لصوص بعضهم يسرق الفكرة وبعضهم يسرق المضمون.

وذلك إن دل فإنه يدل على العجز والخسة الأخلاقية . وفي المقابل الشخص المسروق قوله أو عمله أو إبداعه سواء شعرا أو قصة أو مقالا  يصاب بالإحباط ويشعر بالجرح , ويشعر بالحزن علي فقدانه جهده وعمله وإبداعه.
 
ولذا فإن قانون حماية الملكية الفكرية , كان هو الأسلوب الأمثل في القضاء علي هؤلاء اللصوص , لقد ازدادت السرقات وتنوعت , وأصبحت هناك الصحف الصفراء والتي لا يهمها التدقيق في نقاء النص ونسبته إلي صاحبه, بل وظهر هناك اللصوص غير المحترفين والذين يريدون مديحا علي شيء لم يفعلوه فيسرقون العمل كاملا ويضعون اسمهم عليه .

بل وازداد الأمر فأصبح البعض يسرق رسالات الدكتوراه والماجستير من الذين تعبوا فيها وأفنوا وقتهم ومجهودهم،  أصبحت السرقات في كل مجال , وكأن الناس لا يعرفون أن الله سيحاسبهم علي تلك السرقات مثل سرقتهم الأموال وأنها لا تقل خطورة ولا تقل شأنا ولا ذنبا عن السرقات المادية , ولكن لماذا العجب فإن من يسرقون أقوات الناس من السهل جدا أن يسرقوا أفكارهم - هم فقط ينتظرون الفرصة عندما تتاح لأنهم سمحوا لأنفسهم بنسبة النص الثابت لكاتب معين إلى كاتب آخر كذبا وتزويرا للحقيقة، فمثلهم مثل المفسدين في الأرض .