الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

النار تنتقل للعراق بعد سوريا


الأحداث الأخيرة في العراق تؤكد أن شيئًا ما يدبر من قبل إيران لهذا البلد العربي الجميل. وأن النظام الإيراني يعمل بكل جهده لتحويل المعركة القادمة مع الولايات المتحدة إلى العراق بعد قرابة إنتهاء قصة سوريا وحل الإشكالية الخاصة بإدلب سواء بالدم أو بالصفقات.

فضرب القنصلية الأمريكية في البصرة بالصواريخ، وقيام ميليشيات إيران المسلحة بتوجه تهديداتها إلى القوات الأمريكية في العراق. علاوة على حوادث القتل والتصفية والاغتيالات المجهولة التي شهدتها بغداد طيلة الشهور الأربعة الماضية ويتوقع زيادتها الفترة القادمة.

كلها شواهد تؤكد أن إيران تريد أن تكون بغداد هى الوحل القادم وأن تصفي الحسابات مع واشنطن داخلها.

والرغبة الإيرانية في ذلك تكمن في أن واشنطن لها قوات داخل العراق، يمكن أن تنالها الميليشيات بعمليات إرهابية عدة. وعليه يمكن لطهران أن تقوم بلي ذراع واشنطن.

خصوصا وأن شهر واحد فقط، يفصلنا عن موجة عنيفة من العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران وحظر صادرات النفط الإيراني تمامًا حتى تصل مبيعات إيران إلى الصفر.

الأوضاع في منتهى السخونة والنظام الإيراني، اصبح محاصرًا سياسيا واقتصاديا من عدة جهات سواء من جانب واشنطن أو الدول الاقليمية الكبرى مثل السعودية، والتي كشفت للعالم كله مخططاته في العراق وسوريا ولبنان واليمن وتقوم دبلوماسيتها بعمل اللازم معه على مختلف الأصعدة.

أو محاصرًا بضغوطات اقتصادية عنيفة فالدولار الواحد = 180 ألف ريال إيراني وهناك حالة سخط وتململ داخل إيران وغليان في الداخل بسبب الضغوطات الاقتصادية الهائلة واستحالة المعيشة في الوضع الراهن.

تحويل إيران العراق إلى ساحة مواجهة جديدة مع واشنطن غرضه أن تبعد الأنظار عالميا عن مشاكلها، وتخلق ساحة ملتهبة تنشغل بها واشنطن عن مواجهتها معها. لكن الثمن سيدفعه العراق الذي أصبح ساحة لتدخلات إقليمية ودولية سافرة.

كما أن حالة السيولة السياسية، التي يعشها البلد منذ الانتخابات الماضية قبل عدة شهور وعدم القدرة حتى اللحظة على حسم منصب رئيس الوزراء الجديد ينذر بأخطار هائلة على الجسد العراقي.

في نفس الوقت، فلو نجحت إيران في جر واشنطن لمعركة مختلفة التفاصيل في بغداد، فإن مصيرا أسودًا سينتظر العراق وسيتحول البلد العربي القوي الغني إلى وطن تمزقه الأهواء والتدخلات وتنفذ فيه الأجندات وتصفي فيه الحسابات.

الوضع صعب والابتعاد العربي الرسمي من جانب جامعة الدول العربية، وتهميشها لنفسها في كل هذه الملفات الحساسة يصيب بالرعب . فكل القوى تتدخل في العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي غيرهم ولا يوجد موطىء قدم لجامعة الدول العربية !

وكل القوى والكيانات تطرح سيناريوهات عدة للمنطقة ومشاكلها، كل بحسب رؤيته ومصالحه والجامعة العربية مشلولة الفكر والتوجه ويجرى تهميشها بشكل مفزع.

إن البيانات السياسية الهشة التي كانت تصدر عنها، وليست لها أي قيمة كانت تنبه الرأي العام العربي والعالمي إلى دور ما للجامعة العربية في هذه الأحداث ولو بإبداء الرأي وبدء عمل نقاشات وتحاور بشأنها.

أما اليوم فلا دور ولا بيانات ولا نقاشات.

إن الجامعة العربية المريضة بالشلل تحولت إلى جثة على باب القبر. أما العراق في هذه الحالة، والجميع يتجهزون لإشعال النار فيه، فله الله أولا ولنا أن نحزن ثانية ونسأل عمن بإمكانه أن ينقذ بغداد من أنياب الفرس والأمريكان والميليشيات.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط