الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اكتشافات مذهلة في عالم النبات


من يصدق أن النبات يتمتع بالحواس الخمس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس، ويطرب للموسيقي ويكره الضوضاء ويفهم الجاذبية ويضبط توازنه، ويعرف العشق وتجري في عروقه نفس هرمونات الحب التي عند الإنسان "السيروتونين والدوبامين ".. هذا ما توصل إليه د. ميشيل بولن في أبحاثه المستمرة في علم الأعصاب النباتي plant neurobiology منذ عام 2014 وحتى الآن، وأكد أن النبات يتعلم من التجربة والخطأ ويجيد حل المشاكل واغتنام الفرصة، وجذوره تتقن فن تخطى العقبات، ويواجه الريح والعطش بفكر إقتصادي دقيق وناجح وعلى الإنسان أن يتعلم منه، ويؤكد أن النبات لديه نسخة من المخ والأعصاب لم تكتشف بعد، تختلف عن تلك التي عند الإنسان، ويقول أن كل الأدلة تشير إلى وجود هذا "العقل النباتي" وأن عدم فهمنا له لا يعني أنه غير موجود.. 

ولأن النبات يشارك الإنسان في 50% من بصمة الحمض النووي (أي الصفات)، فهما يتشابهان في النظام العام للخلية وحفظ النوع بالتكائر، والكثير من التفاعلات والعادات، فنظام الأكل والجوع هو نفسه عند الطرفين. النبات يخزن الغذاء الذي يصنعه بالنهار من ضوء الشمس ليستخدمه في ساعات الجوع أثناء الليل، ونفس النظام عند الإنسان حيث يساعده الكبد في خزن الغذاء واستخدامه عند الجوع أيضا. 

النبات هو الخادم الأمين والصديق الوفي لباقي المخلوقات وأفضاله عليهم لا تحصى، بينما هو الزاهد المتعفف، فغذاؤه الأساسي يعتمد على عنصرين فقط هما ضوء الشمس وغاز ثاني أوكسيد الكربون المسبب لاحترار الأرض.. وفي المقابل، يصطف ناكرو المعروف: الإنسان والحيوان يأكلان النبات، والحيوانات الكبيرة تأكل الصغيرة، والرقعة الخضراء تتناقص كل دقيقة بقدر مساحة ملعب كرة قدم.. علما أن كل النبات على سطح الأرض لا يمثل إلا 15%، والبقية مغمور أو عائم في البحار والمحيطات. 
 
النخلة مثال رائع للعطاء، تقوم على ثمارها وأجزائها عشرون صناعة! وكل بقايا النباتات مفيدة كوقود أو تدخل في صناعة الأعلاف التي تحقق عائدا ضخما من خلال انتاج اللحوم والدواجن والبيض والأسماك. 

غابات الأمازون وحدها تنتج نصف الأكسوجين الذي يتنفسه العالم، و30 نوعا من النبات توفر 90% من غذاء البشر، وإضافة إلى الراحة في ظلالها، شجرة واحدة توفر ملاذا وسكنا لـ 200 طائر، ويصنع منها 170 ألف قلم رصاص إذا قطعت، ويدخل الخشب في البناء وصناعة الورق والأثاث لكل بيت وشقة ومكتب حول العالم. 

وفضل النبات على الطب معروف منذ القدم.. 70 ألف نبات طبي تستخرج منها حاليا مختلف الأدوية لمعظم الأمراض، ومن جذوره ولحائه وبذوره تؤخذ التوابل وزيوت الطهي ومختلف الروائح.

تنوع الورود والأزهار نفحة إلهية، بهجة ومتعة للعامة ومصدر إلهام للفنانين ومصممي الأزياء وصناع العطور، إضافة إلى رمزيتها كهدايا ورسائل بين المحبين، يوجد منها 1000 نوع تجاري تدر 100 مليار دولار سنويا.. الأعجب من كل هذا، نوع نادر من الأشجار يضيء ذاتيا، ويعكف فريق في جامعة شمال استراليا على دراسة التوسع في زراعته ونشره على جميع الطرق لإنارتها به! 

وللنبات إحساس مرهف.. ينمو ويترعرع إذا جاوره نبات صديق، ويحارب بجذوره جارا غير مرغوب فيه، ويعقد صفقات تجارية تحت الأرض، ويعرف عدوه وكيف يستنجد بغيره منه.. نبات الطماطم يطلب النجدة من الزنابير بإطلاقه مادة كيميائية لاستدعائها إذا هاجمه جراد، وأكثرنا سمع عن نبات "الست المستحية" الذي ينكمش إذا لامسه أحد، وبعض النباتات يقتل من يلمسه، أو يسبب له أمراضا جلدية خطيرة، وبعضها يفهم خطر العدوى ويلفظ البذور المصابة في الزهرة لحماية البقية.. وقال عالم في شمال إيطاليا إن النبات يغني ويعزف موسيقى، وأنه استمع إلى بعضها وسجله.

ومع أن النبات يتغذى على ضوء الشمس وغاز ثاني أوكسيد الكربون كما ذكرنا، إلا أن بعض النباتات طور طرقا جديدة للتغذية أذهلت العلماء. في عام 2009 اكتشفت في الفلبين نباتات قادرة على اصطياد الضفادع والفئران والحشرات وأكلها، وصنفوها ضمن "أكلة اللحوم"، وتبين أن لديها حيل مختلفة لفعل ذلك كأن تطبق عليها أوراقا قوية لا يمكن الفكاك منها وتفرز عليها عصارات هاضمة وتمتصها، وبعضها يفرز مواد لاصقة أو لديه كؤوس مبطنة بشعيرات متجهة للأسفل بحيث أن كل من يسقط فيها لا يخرج منها.. ولا يعرف العلماء ما الذي اضطرها إلى ذلك، خصوصا وأن لديها البديل وهو التغذية من الضوء كبقية النباتات.
 
أما لماذا يرتاح الإنسان وسط الأشجار والخضرة فليس لمجرد استنشاق الأوكسيجين كما يظن البعض، بل لسبب أهم اكتشف مؤخرا، وهو أن النبات يفرز مادة تسمى "فيتونيسيد" تخفف الألم والتوتر وتخفض ضغط الدم وتبعث الراحة والطمأنينة في النفس!.

ونظرا لحساسية النبات وزهده وعطائه الهائل، تحرك أنصار البيئة والرفق بالحيوان، وراحوا يطالبون بعدم قطع الأشجار أو إلقاء النبات في الماء المغلي "وهو حي"!..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط