الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جراحة عراقية عاجلة


تأتي التطورات الأخيرة على الساحة العراقية لتطرح العديد من علامات الاستفهام. وحالة من الترقب الشديد لما هو قادم بالعراق خلال الأربع سنوات الماضية ولتكون بمثابة جراحة عاجلة للوضع الشائك.

فبعد نحو أربعة أشهر من الانتخابات البرلمانية الماضية وبعد خلافات وشد وجذب بين مختلف الكتل السياسية في العراق جاء فوز الرئيس العراقي الجديد برهم صالح وتكليفه عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة الجديدة. ليشكل واقعا جديدا متسارعا على الساحة العراقية.

فقد كانت عملية اختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد معضلة كبرى. كان ينتظر أن تستمر شهور خصوصًا وأن كتلا شيعية متنافرة ومختلفة فيما بينها كانت تصر على أن يكون شخص رئيس الوزراء القادم محسوبًا عليها ومن صفوفها.

وفي الساعات الأخيرة وبترتيبات لا تزال خافية نجحت القوى الشيعية العراقية في توحيد صفوفها والاتفاق على اختيار عادل عبد المهدي رئيسًا للوزراء.

وكان السبب الرئيس، هو أن عبد المهدي ليس دعوجيًا محسوبا على حزب الدعوة الحاكم في العراق منذ 12 سنة كما انه ليس متحزبا على كتلة بعينها داخل العراق.

لكن هذا في رأي الكثيرين وانا منهم لا يعني أن شخص رئيس الوزراء الجديد بدون أى خلفية سياسية وولاءات معينة.

فالعكس هو الصحيح تمامًا.

فعبد المهدي محسوب على إيران. قبل أن يكون محسوبًا على واشنطن داخل بغداد في لعبة النفوذ والسيطرة. ونفس الحال مع رئيس البرلمان الجديد، ومع رئيس الجمهورية الجديد برهم صالح المحسوب على الاتحاد الوطني الكردستاني المقرب من إيران.

لكن المختلف في شخص عبد المهدي، أنه كان بعيدًا عن المعركة السياسية الطائفية طوال الأعوام الماضية واحتفظ باستقلاله بعيدًا عن المعمعة فلم يخرج منه تصريح مؤيد لجهة أو تصريح ينصر فريق على آخر.

فاختلق لنفسه نزاهته، وأصبح ينظر إليه في الأوساط العراقية وبالرغم من أنه سياسي شيعي ورغم أنه شارك في الثورة الإيرانية منذ بدايتها أنه سياسي مستقل.

لكن السؤال الى متى يبقى عبد المهدى مستقلاَ في قراراته؟ وإلى متى يظل محتفظًا بحياديته بعيدًا عن المشهد المتراطم بالداخل.

للأسف أغلب الظن أن ذلك سيستمر لشهور معدودة. وذلك لأنه سيكون مطالبًا بعد فترة بدفع فواتير الحساب للقوى السياسية التي دفعت به للحكم.

فكل صفقة لها ثمن. كما أن ضغوط القوى السياسية عليه ومن خلال البرلمان ستكون لها حساباتها. علاوة على كل هذه الخلافات والصراعات داخل الساحة العراقية والتي تولى فيها عادل عبد المهدي مهام منصبه.

فهناك الداخل العراقي المثقل بمشاكل عدة ليست فقط سياسية ممثلة في الصراعات والخلافات والولاءات.

ولكنها أيضا مشاكل اقتصادية واجتماعية وخدمية غير مسبوقة. فالفساد في العراق مشكلة كبيرة والبطالة بالعراق مشكلة كبيرة. وترنح الاقتصاد كذلك وأحوال البنية التحتية الخدمية أيضا. مشكلة خصوصا وان العراق لا يزال لتوه خارجًا من الحرب على تنظيم داعش الإرهابي.

إن عبد المهدي ليست أمامه فقط مسؤولية ضخمة ومشاكل رهيبة، ولكنه أمام تحدٍ غير مسبوق وعليه أن يكون قارب الانقاذ للعراق بعد نحو 15 عامًا على سقوط بغداد عام 2003 ودخول الأمريكان.

ولا يُعرف إن كان عبد المهدي سينجح في مهمته كذلك أم لا؟

كما لايُعرف هل سيتركه من أوصلوه للسلطة يعمل أم سيطالبونه بفواتير الحساب؟

وماذا عن إيران؟.. إن العراق بالنسبة لها اليوم هو طوق إنقاذ لاقتصادها المتردي وحالتها السياسية الصعبة.

فهل تترك عبد المهدي في حاله حتى ينقذ وطنه أم أنها ستتدخل منذ الساعات الأولى لحكمه. لفرض ما تريد ضاربة عرض الحائط بالرغبة العراقية الجامحة في إصلاح حال البلد والعبور من نفق الطائفية والفقر والفساد والظلام؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط