الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السعودية أنقذت شرف الإمبراطورية العظمى


جاء الحوار الذي أدلى به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى وكالة بلومبرج العالمية ليضع النقاط على الحروف في العلاقات السعودية – الأمريكية بشكل خاص وفي العلاقات العربية- الأمريكية بشكل عام.

البداية عندما صرح الرئيس ترامب بأن المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تعيش أكثر من أسبوعين بدون حماية الولايات المتحدة الأمريكية وأنه أبلغ العاهل السعودي الملك سلمان بذلك!

التصريح فج في معانيه ولم تكن له أي مناسبة، كما أن العلاقات السعودية – الأمريكية في أزهى حالاتها بالفعل وخصوصا خلال العام ونصف العام الاخير منذ مجىء ترامب للسلطة.

لكن لم يكن ممكنًا السكوت عليه، وكان لزاما على الجهة الأخرى في السعودية ان ترد على فجاجة الإدارة الأمريكية والتصريح الذي ليست له أي مناسبة سوى استغلاله من قبل بعض القوى الكارهة للسعودية والولايات المتحدة الأمريكية معا في تعكير صفو العلاقة والتدخل لتفسيره ببذاءة شديدة.

وهو بالفعل ما حدث من قبل الإعلام القطري والإيراني طوال الساعات التي تلت كلمات ترامب.

رد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على ترامب كان حاسمًا. ليس فقط في قوله بأن السعودية ظهرت الى الوجود قبل الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها في عام 1744 أي بنحو 30 عامًا من ظهور أمريكا.

لكن لأنه قلل كثيرا من فجاجة تصريح ترامب. وقال إن العلاقات بين الأصدقاء تحتمل قول شىء جيد وقول شىء سيئ. وحتى هذا موجود بين أفراد الأسرة الواحدة ولا يمكن أن تكون العلاقات مثالية مائة في المائة.

"بن سلمان" لم يقف عند هذ الحد ولكنه قال إن الأسلحة التي يتحدث عنها الرئيس ترامب لحماية الرياض تدفع السعودية ثمنها بالكامل وليست مجانية. كما أن مبلغ الـ 400 مليار دولار الذي دفعته السعودية لشراء أسلحة خلال الأعوام القادمة قد وفر عشرات الآلاف من الوظائف للأمريكيين.

ولم يقف بن سلمان عند هذا الحد، بل قال إن الرياض قد استطاعت جيدًا حماية نفسها وقت إدارة أوباما التي امتدت لنحو 8 سنوات ولم تكن العلاقات بين واشنطن والرياض كما هى الآن.

الحقيقة أن رد ولي العهد السعودي بن سلمان على الرئيس ترامب كان قويا بما فيه الكفاية.

لكن ما لم يقله له صراحة، أن الموقف السعودي القوى خلال العام ونصف العام الأخير وقيام السعودية بتعزيز علاقاها مع إدارة ترامب ودعمه في بدايات حكمه وتوجيهه إلى الأخطار التي تهدد المنطقة سواء كانت أخطارا إيرانية أو أخطارا إرهابية أنقذ شرف الامبراطورية الأمريكية من السقوط في الوحل ومن الخروج من المنطقة بشكل كامل وتسليمها للروس والإيرانيين.

فالموقف السعودي أعاد الدور الأمريكي إلى المنطقة بقوة بعد 8 سنوات من حكم أوباما .

وبدون مبالغة، فقد وفرت السعودية للولايات المتحدة الأمريكية فرصة الولوج الى المنطقة مجددًا عبر قوة عربية وإقليمية كبيرة. وحصار الدور الروسي والدور الإيراني واللذان تراجعا كثيرا بعد ظهور ترامب.

فالإدارة الأمريكية تدين بالفضل فعلًا للرياض على أنها سمحت لها بالتواجد للتصدي للأجندات الأخرى الإرهابية في المنطقة والتحدث عبر القمة العربية – الاسلامية من فوق منصة الرياض للعالم الاسلامي كله.

ولو عرف ترامب فضل المملكة العربية السعودية عليه وعلى حكمه منذ بدايات وصوله إلى السلطة لتحدث بغير هذا الأسلوب تمامًا.

قد يقول البعض، إن الغرض من تصريح ترامب الضغط على السعودية بشأن أسعار البترول. لكن ولي العهد السعودي – وهذه هى الحقيقة- قال إن السعودية لا تحدد أسعار بيع النفط ولكنها تخضع للعرض والطلب.

كما أن الرياض تنتج برميلين مقابل كل برميل ينقص في الأسواق وخصوصا بعد العقوبات الامريكية على إيران والمفترض أن تزيد اوائل شهر نوفمبر القادم حتى تصل بمبيعات النفط الإيرانية إلى الصفر.

تصريح ترامب كان فجًا لكن ردود بن سلمان كانت قوية وحاسمة. وأكدت لواشنطن أن ما تقوم به ليس مجانيًا لأحد ولكنها تأخذ مقابله. كما أن هناك مصالح أمريكية عليا في المنطقة وواشنطن تدافع عن مصالحها وعن استمرار تدفق النفط لها وللغرب.

قليل من الكياسة يكفي يا سيد ترامب..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط