الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاشت القوات الجوية المصرية


خمسة وأربعون عامًا علي انتصارات حرب أكتوبر المجيدة وتمر الأيام مسرعة ومازالت لدينا حكايات وحكايات عن انتصارات وبطولات للجيش المصري ، والقوات الجوية المصرية ، التي حمت سماء مصر ، بكل شجاعة و إقدام وصممت علي الانتصار ، رغم ما مرت به مصر من هزيمة في حرب الاستنزاف، ورغم ضعف الإمكانيات في هذا العصر وظروف مصر الاقتصادية وقتها، وسيطرة بعض الدول دون غيرها على مصادر السلاح المختلفة .

النجاح رغبة وإرادة وعندما تجتمع الرغبة والإرادة مع اليقين بالمولي تحدث المعجزات، هكذا كان حال الجيش المصري عامة والقوات الجوية المصرية خاصة التي أثبتت أن طياري مصر من أمهر طياري العالم بأسره، رغم ضعف الإمكانيات وقت حرب العبور.

وعلي الرغم من صعوبة السلاح الجوي والذي يعتمد علي خبرات تراكمية مكتسبة والمهارة في استخدام الأجهزة الملاحية والدفاعية والطائرات المتقدمة الحديثة لتحديد الأهداف بكل دقة وبراعة إلا أن روح المقاتل المصري قد ذللت كل تلك الصعوبات وأصرت علي النصر حتي حباها الله به في النصر علي الإرهاب والعملية الشاملة بسيناء، وتظل ذكرى معركة المنصورة محفورة في قلوب المصريين علي مدار السنوات وتتجدد بتجدد الذكري في الرابع عشر من أكتوبر المجيد من كل عام.

اختيار الطيار المقاتل له شروط ومعايير لا تنطبق علي الكثيرين ، لذلك فإن الطيار المقاتل المؤهل هو كنز من الكنوز التي نفتخر بوجودها علي أرض مصر، والتدريب المهني ليس فقط هو مقياس النجاح للطيار المقاتل، إنما يأتي قبله وقبل كل شيء التأهيل النفسي ، الذي يعتمد في الأصل علي ترسيخ مفهوم الوطنية والانتماء، والتضحية، كما هو حال كافة فروع القوات المسلحة، مقاتلون يحملون على عاتقهم حماية الأرض والعرض، في الداخل والخارج، يتحملون كافة المصاعب ويضحون بأنفسهم من أجل نشر الأمن والأمان بين صفوف الشعب المصري.

إبان حرب الاستنزاف ومع حدوث الهزيمة ، تسرب اليأس والحزن في قلوب البعض ، ولولا صمود أفراد القوات المسلحة بكل فروعها والدعم النفسي الذي كان يقدمه كل منهم للآخر، وحسن التخطيط والاستماع للعقول المفكرة واحترام الآراء ومحاولة التلاحم ما كان النصر، إذا لم يكن المرء علي يقين بقضيته وعلي أتم استعداد للتضحية من أجلها لا يأتي النصر مهما كانت الإمكانيات المادية والعسكرية.

لم ينتصر الجيش المصري بالمعدات الحربية، إنما انتصر بقوة الإيمان والترابط والصمود، ومرت السنوات واختلفت الحرب من حرب معلنة واضحة، يعلم كل منا عدوه حق المعرفة، إلي حرب ضد الإرهاب ، العدو الخفي الذي يسعي بكامل طاقته للقضاء علي تماسك هذا الشعب العظيم، وتفتيته إلي دويلات وقبائل يسهل القضاء عليها، ولولا تماسك القوات المسلحة بكامل فروعها وصمودها أمام هؤلاء الخونة لانهارت الدولة .

وعلى الرغم من صعوبة الحرب وصعوبة العصر الحديث في ظل وجود التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعد من أخطر الأسلحة التي تسيطر علي العقول وتعمل علي استقطاب العناصر الضعيفة وضمها إلي صفوف الخائنين، إلا أن الفضل الأول والأخير لتماسك الدولة المصرية يرجع بكل تأكيد إلي القوات المسلحة ، تلك المؤسسة التي أثبتت قدراتها في كافة المجالات ، ليس فقط المجال العسكري، إنما ساهمت بكافة فروعها في إصلاح ما أفسدته المخططات الإرهابية في الحياة المدنية.

الثقة لا تأتي من فراغ، وثقة الشعب المصري في قواته المسلحة جاءت من صدق واجتهاد المؤسسة العسكرية وقدرتهم علي التحمل والصمود رغم كل الظروف السياسية المحيطة للدول المجاورة، ولإعطاء كل ذي حق حقه يجب أن نحفر أسماء هؤلاء الأبطال في قلوبنا قبل أن نحفرها في سجلات التاريخ، يجب أن نفتخر بكل جندي وضابط ومقاتل وقائد وكل من ينتمون لتلك المؤسسة ، ونقف بجوارهم جنبًا لجنب لنتعلم منهم الانضباط والتضحية والاستعداد للشهادة في أي وقت حماية للأرض والعرض وحفاظًا علي أهل مصر، القوي منها والضعيف.

حققت المؤسسة العسكرية المصرية معجزة حقيقية ،فانتصرنا وعبرنا وقضينا علي المخططات الإرهابية وما زلنا نحيا بأمان الله وستره بفضل صمود هؤلاء الرجال، و رغم سمو مطالب ثورة ٢٥ يناير إلا أن الأيدي الخفية حاولت تدمير الوحدة وتقسيم صفوف المصريين، ولولا حنكة المؤسسة العسكرية في احتواء الموقف ، والوقوف بجانب الشعب المصري ، لتحقيق المطالب المشروعة، لتفتت مصر، وجاءت ثورة ٣٠ يونيو لتثبت للعالم بأسره ارتباط الشعب المصري بحماة الوطن ، حتي أثبتنا للعالم أجمع أن الشعب المصري شعب مختلف ،قدوة في التماسك والصمود مهما كانت المحن ، والتاريخ يثبت ذلك علي مر العصور.

نفذت القوات المسلحة بكل قوة ونزاهة ما أمرنا به المولي عز وجل حيث يقول في كتابه الكريم "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ "، وقد برعت القوات المسلحة في تنفيذ هذا الأمر الإلهي، فاستطاعت أن توحد الصفوف وتمتص الغضب، وتعبر بالمصريين بأمان من تلك الفترة العصيبة.

ما أتمناه أن تتعلم باقي مؤسسات الدولة من تلك المؤسسة العريقة التفاني والإخلاص والنظام ، والتضحية، فالنهضة تحتاج إلي القضاء أولا علي فساد المؤسسات وتكاتفها والتفافها حول قواتنا المسلحة، معًا نبني مستقبل مشرق لمصر، ولكن ما يحدث أن البعض يغرد خارج السرب ، فيعطل مسيرة الآخرين ، فتضيع الجهود وتتعطل النهضة.

ونحن في هذه الأيام المباركة التي تشهد لها رمال مصر وسماؤها ، وتتجلي بيننا أرواح لا تموت من أرواح شهداء الوطن، تحية إجلال واعتزاز لكل جندي عبر القناة، لكل عقل خطط لتلك المعارك الشرسة والتي يشهد لها العالم، لكل روح عادت إلي خالقها فداءً للوطن لنحتفل اليوم بذكري حرب غيرت مجري التاريخ، وأعادت الأرض والشرف.

تحية إجلال واعتزاز لكل جندي ضحى بنفسه ليحمي أرض مصر من الإرهاب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط