الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قتل خاشقجي.. الكتابة تحت النار


"قتل صحفي كبير بهذه الطريقة المريبة يساوي الكثير والكثير ولا يمكن أن يتم تجاهله أبدًا" هكذا اقتربت القراء الأعزاء من قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي على مدى المقالين السابقين.

كما انتقدت بوضوح وبشكل علني الطريقة السافرة التي تناول بها الإعلام القطري وقناة الجزيرة للقضية منذ اللحظة الأولى. 

وكان لدي اعتقاد كما كان لدى الكثير من الحكومات والدول والزعامات السياسية. أن يكون اختفاء خاشقجي عن الوجود ليس بهذه الطريقة التي تم بها وألا يكون قد حدث مكروه للرجل.

ليس مراعاة لخاطر قطر أو قناة الجزيرة والرغبة بألا يكونا صادقين. وألا تكون القضية حدثت كما يروونها.

ولكن لأن التعرض لصحفي بهذه الطريقة. وبكل الروايات التي كان تحكى عما تم لن يكون أمرًا سهلًا وسيؤدي إلى تداعيات خطيرة وتحركات دولية مقلقة.

النهاية أن خاشقجي قتل، والمملكة العربية السعودية اعترفت بأن مسؤولين مارقيين قاموا بهذه العملية الدنيئة الغير مسبوقة ولذلك صدرت القرارات من جانب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بإقالة مسؤولين كبار في مقدمتهم نائب رئيس الاستخبارات السعودية أحمد عسيري. والمستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني ونحو 16 عشر متهمًا غيرهما.

حسنا فعلت المملكة ذلك، وطال العقاب رؤوس ضخمة في الجهاز الأمني والاستخبارات السعودي. لأن الحق أحق أن يتبع والفضيحة أصبحت علنية ولا يمكن مداراتها.

فخاشقجي قتل في القنصلية السعودية في تركيا. وهناك فرقة اغتيالات ذهبت لتصفيته بأوامر مسؤولين كبار تمت إقالتهم وتوقيفهم والتحقيق معهم.

والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أصدر أمرًا بتشكيل لجنة وزارية للتحقيق في مقتل جمال خاشقجي والتصرف بهذه الطريقة الوحشية معه.

الحقيقة أن القضية وبالشكل الذي تمت به لن تقف أبدا عند حدود السعودية. وهى بالفعل منذ اللحظات الأولى فالرئيس الأمريكي ترامب والإدارة الأمريكية كلها على خط القضية منذ اللحظة الأولى والعالم كان يقف متأهبًا لمعرفة الحقيقة.

وهى بهذا الشكل لها تفريعات كثيرة ولابد أن تؤخذ في الحسبان..

الأول هل سيقف الحساب السعودي من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عند من تمت إقالتهم وتوقيفهم وهم مسؤولون كبار؟! ام لا؟!

خصوصا وأن القضية أصبحت مثل كرة الثلج التي تتدحرج وتتفتت إلى أجزاء هائلة.

رأيي أنه لا تزال هناك قرارات كبيرة منتظرة من الرياض ومن جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز. فالقضية وحشية وما تم غير مقبول وغير مصدق حتى اللحظة وتم خلط الأمور فيها بشكل جنائي واستخباراتي ودبلوماسي.

فالعالم منتفض وهناك تحركات أوروبية وتحركات داخل أمريكا ذاتها وداخل الكونجرس الأمريكي. وضد رغبة الرئيس ترامب في اتخاذ قرارات أقوى ضد المملكة.

وهكذا، فالذي سيقف كل هذه التحركات هو مواصلة العاهل السعودي لقراراته ومحاسبة كل من تورط في قتل خاشقجي أو أعطى أمرًا بقتله أيا من كان.

ساعاتها سينظر العالم للسعودية، وكما تحرك العاهل السعودي بأنها دولة تنتصر للعدل. كما أن حرية التعبير لأي من كان مكفولة للجميع ولم يكن مقبولا أبدًا إتخاذ قرار كهذا.

إنه من الأعاجيب أن يقتل صحفي وتقطع جثته بهذه الطريقة وفي قنصلية دبلوماسية في بلد أجنبي!

أم الشق الثاني، فإن أخذ السعودية كلها بجريمة كبيرة مثل جريمة قتل خاشقجي سيكون جريمة أفدح وأفظع.

فنحن نتكلم عن السعودية وهى دولة إقليمية كبرى واستقرارها هو استقرار للغالم العربي كله ما في شك في هذا.

لذلك ينبغي أن تأخذ العدالة داخل السعودية مجراها تمامًا وبكل شفافية في قضية قتل خاشقجي حتى يهدأ الرأي العام العربي والدولي ويهدأ السعوديين أنفسهم.

أما الأهم فإن جريمة قتل خاشقجي ليست جريمة دولة بحجم السعودية. ولكن جريمة قتلة مارقون على أعلى مستوى وحتما لابد أن ياخذوا جزاءهم وألا يضيع دم خاشقجي هدر.أ

ما النقطة الثالثة في حديثي،فإنه ينبغى توقع ردود أفعال هائلة من جانب المجتمع الدولى تجاه هذه القضية. ويجب على السعودية ان تتحلى بضبط النفس التام في هذه القضية وتعرف أنها تحولت إلى قضية دولية وتصفية حسبات على أعلى مستوى وهذا سيكون متوقعًا من الآن ولنحو عام كامل على الأقل.

أما النقطة الرابعة، فقد أظهرت لنا هذه الأزمة. المأساة المروعة للإعلام العربي كله.

فهل يعقل ألا يكون للدول العربية الكبرى، قناة إخبارية حقيقية تنقل الأحداث بشكل مكثف و شفاف منذ بداية حدوثها وتقف في وجه إعلام قطري هائل. وقناة الجزيرة التي كانت الوحيدة في بث الأخبار وتلوينها كما يحلوا لها.

لا ننكر أن قناة الجزيرة نقلت منذ الساعات الأولى خبر القتل وتقطيع الجثة. وقالت إن الحادثة تمت داخل القنصلية السعودية.

لكنه الرأي أن يكون هناك مصدر إخباري عربي آخر غير الجزيرة. لأنه وسط حالة العداء مع قطر والخلاف الخليجي والمصري الهائل معها. فالمتوقع ألا تكون أخبارها كلها محايدة. بالعكس إنها فرصتها التامة لتلوين الخبر والتحريض على السعودية.

أما ختام القول، فإني أعتذر بشجاعة للقراء الأعزاء عن بعض التحليلات الخاطئة في موضوع خاشقجي في المقالين الماضيين. لكنه الرأي وليس الانحياز وبمجرد انتهاء التحقيقات وظهور الحقيقة بهذا الشكل المبين.

فإني أدعوا إلى مواصلة الإجراءات السعودية القوية ضد كل من شارك في جريمة قتل جمال خاشقجي مهما كان وضعه وحجمه. والانتصار للعدالة لأن هذا سيوقف عاصفة هائلة قادمة على المنطقة وتحركات مغرضة مشبوهة ستكشف عن وجهها خلال الفترة القادمة.

كما اقول إن الكتابة تحت النار في الأحداث الضخمة قد تكون شجاعة نحتاجها جميعًا لتبيان الحقيقة وللمجتهد أجر وللمخطىء أجران لأنه بذل أقصى ما في وسعه وفي ضوء المعطيات والمعلومات المتوافرة أمامه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط