الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وفي أنفسكم أفلا تبصرون (6)


1- ما صحة المثل القائل "يخلق من الشبه 40"؟.. يضرب هذا المثل عند رؤية شخص يشبه آخر، وهو مثل قديم له جذور ضاربة في التاريخ، ويروى أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان له أشباه أبرزهم الحسن بن علي ومصعب بن عمير.. لكن لا يعرف لماذا اختير الرقم 40 بالتحديد، خصوصا أنه ورد في أمثلة آخرى منها "من جاور قوما 40 يوما أصبح منهم".
من الناحية العلمية، وبسبب بصمة الحمض النووي، لا يمكن أن يتطابق اثنان أبدا على كوكب الأرض، لكن دراسة حديثة أشارت إلى أنه من حيث الشكل والعقل بوجه عام، يوجد على الكرة الأرضية لكل شخص من الشبه 7184 وليس أربعين..
2- كيف يبدأ الشعور بالعطش وكيف ينتهي؟ يحدث الشعور بالعطش عندما يفقد الجسم السوائل لأسباب طبيعية من خلال البول والعرق، ولأسباب مرضية كالإسهال والقيء والبول السكري ونزف الدم. إذا نقصت السوائل في الجسم يختل توازن الأملاح فيه، وتشعر بذلك مناطق تحت المهاد في المخ وتبلغ قشرة المخ لتصدر الأمر للفم والبلعوم بالإحساس بالعطش وطلب الماء..
يشكل الماء ثلثي وزن الإنسان وهو ضروري لتلطيف الحرارة وسير عمليات الهضم وسلامة المفاصل وأوعية الدم، ويجب أن يكون في حالة توازن لأن نقص الماء يسبب جفاف الحلق والصداع وتشوش العقل، وعلى المدى الطويل يضر بالكلية.
العجيب في تسلسل الأحداث عند الشرب أنه يشبه ما يحدث في أي مصلحة حكومية عندما تستلم طردا كانت تنتظره، حيث هناك موظف يستلم وآخر يسجل الكمية وثالث يرفع بها تقريرا إلى الإدارة، وهذا ما يحدث في موضوع العطش.. بمجرد أن تلامس أول جرعة من الماء بطانة الفم، ترسل مستقبلاتها الحساسة إشارة إلى المخ بأن المشكلة على وشك الحل، فيخف الشعور بالعطش جزئيا، لكنه لا يزول إلا بعد أن تصل إشارة أخرى من المعدة بورود كامل الكمية المطلوبة، ولا يقتنع المخ ويلغي الشعور بالعطش نهائيا إلا بعد أن يتأكد بنفسه من عودة نسبة الأملاح في الدم إلى طبيعتها من خلال تقرير جديد يصله من مختبرات التحاليل عنده!.
3- لماذا نجوع وكيف نشبع؟ قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من التفريق بين المفهوم الدارج للجوع الذي نشعر به كل يوم، والجوع في مفهوم الأمم المتحدة الذي يعني "عدم توفر الغذاء الكافي لتغطية احتياجات مجتمع أو دولة"، وهناك مليار إنسان يعانون من الجوع حاليا، بعضهم على حافة المجاعة.
المفهوم الشائع للجوع هو الرغبة في الأكل، والشبع هو غياب هذه الرغبة، وهما نوعان من الإحساس موجهان بدقة من منطقة تحت المهاد في المخ بالتعاون مع العصب الدماغي العاشر (الحائر) وجدار المعدة ومستوى السكر وبعض الهرمونات في الدم.
انخفاض مستوى نواتج الهضم مثل الجلوكوز والأحماض الأمينية والدهنية في الدم يلعب دورا أساسيا في تنبيه الشعور بالجوع وفتح الشهية للأكل، والعصب العاشر مكلف بإبلاع المخ عند امتلاء المعدة ليوقف الشهية ويعلن الشبع، وهرمون الإنسيولين وظيفته سحب الجلوكوز من الدم وخزنه في الكبد وبالتالي الشعور بالجوع.
يبدأ الجوع بعد بضع ساعات من تناول آخر وجبة، بينما الشعور بالشبع يبدأ من 5-20 دقيقة من تناول الطعام، وتدخل في الجوع عوامل نفسية كحب الأكل ورائحته وطعمه، وهناك ربط بين لذة الأكل واللذة الجنسية لأن مركزهما في المخ واحد، ويمكن للشخص الطبيعي أن يتحمل الجوع لأيام وربما لأسابيع.
وعند ذكر الجوع والشبع لا بد من استحضار وزن الجسم وميزان الطاقة المكتسبة والمفقودة، لآن ما يقلق العلماء في السنوات الأخيرة هو تضاعف نسبة البدانة عند البشر واختلال هذا الميزان باتجاه خزن الدهن.
4- الطرف الوهمي: هذه مشكلة عجز العلماء عن فهمها وعلاجها حتى الآن، وهي الإحساس بوجود طرف مبتور وكأنه ما زال موجودا بإحساسه وكل متاعبه قبل البتر.. كيف لطرف مبتور أن يرسل رسائل وهمية وتأتي منه آلام شديدة وشعور بالضغط والالتواء ويريد من صاحبه أن يحكه أو يحركه؟.. وصاحبه لا يطيق ولا يستطيع أن ينفذ أوامر تأتيه من طرف غير موجود!
تزداد مشاكل الطرف الوهمي مع التوتر العصبي وتغيرات الجو، ولسنوات طويلة ظن العلماء أن نهايات الأعصاب المقطوعة مكان البتر هي المسئولة عن إرسال هذه الإشارات الكاذبة، وبالفعل كان الأطباء يقومون ببتر جديد أبعد من البتر الأول لتبديل نهايات الأعصاب، وكانت نفس الشكوى تعود، مما اضطر العلماء إلى تبرئة النهايات العصبية والعودة إلى البحث في أصل المشكلة داخل المخ نفسه.
ومما أكد للعلماء أن المشكلة أصلها في المخ، حالة سيدة تم بتر يدها التي كانت مشوهة خلقيا وبها ثلاثة أصابع فقط، وبعد البتر عادت السيدة تشكو من يد بها خمسة أصابع وليس ثلاثة! مما زاد الأمر تعقيدا.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط