الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وفي أنفسكم أفلا تبصرون (7)


1- لماذا وكيف نتنفس: يتنفس الإنسان وقت الراحة كل خمس ثوان تقريباً (حوالي 17 ألف مرة في اليوم)، وهو عمل إجباري لا إرادي يتسارع تلقائيا عند بذل الجهد، ولا يستطيع الشخص العادي أن يحبس أنفاسه أكثر من دقيقة، إلا أن بعض الغطاسين المتدربين يمكنهم حبس أنفاسهم لفترات أطول. 
  
أما كيف يحدث التنفس دون علمنا فهو أمر مدهش. آخر الأبحاث أشارت إلى أن مركز التنفس في جذع المخ يتمتع بخاصية النبض الكهربائي الذاتي مثل خلايا القلب، ودورته كل خمس ثوان، ينبض لثانيتين ويهدأ لثلاث، لذا كانت سرعة التنفس 12 مرة/دقيقة.

التنفس أحد مظاهر الحياة، حتى أن العقيدة اليهودية ترى أن الروح تدخل جسم المولود مع أول نفس. 

عند الشهيق يحصل الدم على الأوكسيجين من الهواء، وأثناء الزفير يتم طرد غاز ثاني أكسيد الكربون ومعه بخار الماء (حوالي نصف لتر ماء يوميا).

يوجد في كل رئة نصف مليون حويصلة هوائية لو تم فردها لغطت ملعب تنس (ما يساوي 160 متراً مربعاً). وتحدث عملية التبادل بين الهواء والدم عند الجدران الرقيقة لهذه الحويصلات، ونظرا لسهولة التبادل وسرعة الامتصاص في هذه المساحة الشاسعة، يستفاد منها في التخدير الجراحي العام وتعاطي بعض الأدوية والأوكسيجين بطريقة الاستنشاق، وعبور النيكوتين إلى دم المدخنين .

يصدر الأمر بالشهيق من مركز التنفس في جذع المخ إلى الحجاب الحاجز لينقبض متحركا إلى أسفل، وترتفع الأضلاع إلى أعلى ليتوسع الصدر في كل الاتجاهات ويندفع الهواء داخل الرئتين. 
                                                                                                            ومثلما ترسل المعدة إشارة إلى المخ عند امتلائها من خلال العصب الدماغي العاشر لإعلان الشبع، ترسل الرئتان إشارة امتلاء مشابهة من خلال العصب نفسه، وهذا العصب مكلف أيضا باستشعار الخطر عند دخول أجسام أو أبخرة غريبة في ممرات التنفس، ليبلغ مراكز الكحة في المخ لسرعة طردها بفعل منعكس سريع.
 
ومع أن التنفس كله لا إرادي، إلا أن الله منح العقل فرصة التحكم فيه، وهو حق لا يستخدم إلا عند الضرورة.
 
ولمواجهة أكثر من 200 نوع من الفيروسات وعدد مماثل من البكتيريا وموجات برد تتربص بالجهاز التنفسي وتنوي مهاجمته في أي لحظة، زود الخالق سبحانه وتعالى هذا الجهاز بعوامل للتدفئة وحراس أمن على بواباته يقدر عددهم بالملايين: أولهم الشعر في مدخل الأنف، ثم الأهداب والأسواط والمخاط على طول الطرق المؤدية إلى الحويصلات، إضافة إلى أكداس من الخلايا الدفاعية المختبئة في كمائن كثيرة منها الكبير ومنها الصغير تعرف باللوز..

2- ما هو الكذب وكيف يصنع في المخ؟ الكذب هو تغيير الحقيقة والقول عن شيء ليس هو، مخالفا لقوانين الطبيعة، وهو ليس خطأ المخ ولكن خطأ صاحب المخ، باعتبار أن المخ مجرد وعاء للعقل.

يكذب الإنسان لتشويه الحقيقة وتضليل الطرف المقابل لتحقيق كسب معين، أو للدفاع عن النفس خوفا من عقاب، وأحيانا لاتهام الآخرين بدافع الانتقام، ويكثر الكذب عند ارتكاب جريمة أو التقدم لوظيفة أو تسهيل بيع أو خطبة فتاة، ويتعلم الطفل الكذب من أسرته ورفاقة في الشارع والمدرسة، وأكثر كذب الأطفال يكون دفاعيا خوفا من عقاب عند تسببهم في خسائر، وقد يكذب الطفل الموهوب بسبب تأملاته وخياله العلمي. 

ولا يوجد كذب "أبيض" كما يشاع، ولا بأي لون آخر، لكن يقصد به الكذب المباح والمفيد، كالكذب على الأعداء لخداعهم، ومجاملة المرأة في عمرها ووزنها ورقتها، وبقية المجاملات لكسب الود وليس النفاق. 

بتصوير المخ أثناء الكذب بتقنية "الرنين المغناطيسي الوظيفي" شوهد صراع بين منطقتين: ناصية المخ (مقدمته) ولوزة المخ في عمق الفص الصدغي.

معلوم أن ناصية المخ هي منبع الكذب، ومنطقة اللوزة المسئولة عن التواصل الاجتماعي لا تقر بالكذب لكن لا تستطيع إيقافه وهو يخرج من الناصية فتتوهج فقط، ومع كثرة الكذب يخف توهجها وتيأس خصوصا إذا أصبح الكذب عادة وكل كذبة تجر أخرى، إلا أن حالة المسئول في الاتحاد الأوروبي كانت عجيبة وهزت الأوساط العلمية وانتشرت في الدوريات.
هذا الرجل البارز في الاتحاد الأوروبي كان كلما يكذب تحدث له نوبة صرع وهو في اجتماع عام.. أخضعوه لفحوص دقيقة وتبين أنه مصاب بورم في منطقة اللوزة، وكأن ورم اللوزة يعاقبه بنوبة صرع عند كل كذبة!. أزيل الورم من مخ الرجل فتوقف الصرع، لكنه استمر في الكذب.

يصاحب الكذب علامات توتر كثيرة يعرفها خبراء لغة الجسد ويستفيد منها المحققون الجنائيون للوصول إلى الحقيقة، وهذه بعض العلامات المصاحبة الكذب:

تلمع عيني الكاذب وتتحرك في عدة اتجاهات وكأنها تحاول الهرب من شيء، وينظر بوجهه إلى أعلا أكثر من مرة، يقوم بحركات عفوية كقضم الأظافر ومداعبة الملابس وهز القدم، ويبالغ في حركة والشفاة.. وقد طور العلماء أجهزة لكشف الكذب كهربائيا، لكن المحاكم لا تعترف بها. 
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط