الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيران.. اللعب بالتنظيمات الإرهابية السّنية والشيعية


العقوبات الاقتصادية التى أعادت الولايات المتحدة الأمريكية فرضها على طهران. لا تستهدف النظام الإيراني الحاكم هناك منذ أربعة عقود فقط، ولكنها تستهدف كذلك العصابات والميليشيات المسلحة التى تدعمها إيران علانية. وتقف وراء عملياتها التخريبية في الشرق الأوسط.

فلأسباب خاصة بالأيديولوجيا الإيرانية بعد الثورة المسماة إسلامية هناك فى عام 1979، وقفت إيران بل الأحرى أنها قامت بإنشاء تنظيمات إرهابية مختلفة في عدة بلدان بهدف تحقيق مخططها المعلن بتصدير الثورة الإسلامية للخارج! والتمدد في دول الجوار.

فجاءت البداية في ثمانينيات القرن الماضي بإنشاء فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني حتى يكون الراعي الرسمي لهذه التنظيمات الإرهابية والمتواصل معها دعمًا بالسلاح ودعمَا بالمال والتوجهات.

وعليه جرى مبكرا جدًا إنشاء "ميليشيا بدر" والوقوف وراءها لمحاربة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينيات، وكانت تجربة مروعة لميليشيا من عناصر عراقية خائنة حاربت الجيش العراقى وقامت بقتل مئات من جنوده، ثم بعد انتهاء عصر صدام حسين وقفت إيران وراء الميليشيا المسلحة حتى أضحت كتلة سياسية اليوم في العراق باسم ائتلاف الفتح لها ممثلين في مجلس النواب يقودهم هادى العامري أحد رجالات إيران وقائد الميليشيا في قوات الحشد الشعبي!

ولم تكن ميليشيا بدر هى باكورة إنتاج إيران للتنظيمات المسلحة، فقد سارعت منذ أوائل الثمانينيات لإنتاج ميليشيا أكثر فتكا وأكثر تسليحا وعتادًا هى ميليشيا حزب الله في لبنان تحت دعوى مقاومة إسرائيل في جنوب لبنان.

ولم يعرف أحد حتى الآن أنه بالإمكان تصور أن تقوم دولة أجنبية بدعم ميليشيا محلية كما هو الحال بين إيران وحزب الله، ويقال بعد ذلك إن هذا بغرض الوقوف أمام إسرائيل!

إنه ليس وقوفًا أمام إسرائيل بقدر ما هو عمالة وخيانة واختراق لمقدرات وسيادة لبنان وتجنيد آلاف من اللبنانيين يعملون لحساب توجهات دولة أخرى غير لبنان وينفذون أجندتها!

وبظهور "بدر وحزب الله" للوجود وتوالي عملياتهما الإرهابية، آمن النظام الإيراني أن العصابات المأجورة في الدول الأخرى والتي يقف وراءها بالمال والسلاح ستكون اليد التي يحقق بها أهدافه في تصدير ثورته كبند معلن ومشهر من جانبه ويعرفه الجميع.

ولم يقل له أحد إن آيات الله الحاكمين عنده يمثلون مجتمعا شيعيا، وإن هؤلاء لا ينفع ولن يقبل منهم أن يكونوا أئمة للمجتمعات السنية لا دينيًا ولا سياسيًا، ولم يسمع من أحد أن الخلاف الأسطوري التاريخي العميق قبل 1400 سنة بين بنى أمية وبنى العباس لا يمكن أن يحله خميني ولا خامنئي هكذا بتصدير ثورة أو دعم إرهابيين.

كانت عين النظام الإيراني فقط على التمدد الذي سطره لنفسه وتصدير ثورته التي أباحها لعناصره.

وتأتى العقوبات الاقتصادية الأمريكية الجديدة على إيران لكى تمنع أو تعوق على الأقل تدفق المال والسلاح من إيران إلى عصاباتها التى تأتمر بأمرها في الخارج، وبالطبع فواشنطن لا تريد أن تحقق فائدة للعرب قدر ما تريد ان تحقق مصالحها، لكن لحسن الطالع أن المصالح العربية والأمريكية في موضوع العداء لإيران تتلاقي اليوم في نقطة واحدة.

لأن إيران لم تعد تقف بعصاباتها عند حزب الله وميليشيا بدر ولكنها تخطت ذلك عبر تمويل تنظيمات إرهابية محلية لتنفيذ عمليات إجرامية في البحرين والكويت والسعودية، ثم هى تقف وراء ميليشيات الحوثيين لتخريب اليمن والتعدى على السعودية عبر صواريخ باليستية، ثم هى من قامت عصاباتها زينبيون وفاطميون وفيلق القدس وحزب الله والكتائب و100 تنظيم آخر بالدخول لسوريا واستباحة دم عشرات الآلاف من المدنيين السوريين خلال السنوات الأخيرة.

المقزز ورغم هذه الرحلة الطويلة من جانب إيران في دعم الميليشيات الشيعية أنه كان لها دور رهيب وغير مسبوق في مساندة ودعم التنظيمات الإرهابية السّنية كذلك، وقد أثبتت الوثائق التي عثر عليها في مخبأ زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن أن إيران هى من وقفت وراء تمويل التنظيم، وأن الاستخبارات الإيرانية هى من ساعدت عناصره عبر المرور بالأراضي الإيرانية وبجوزات سفر مزورة من الدخول لأمريكا وتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

ولم يقف الأمر عند ذلك، فإن إيران الدولة الغنية بالنفط وثاني دول العالم في إنتاجه، وفي الاحتياطيات المؤكدة منه بعد السعودية، قامت باستضافة عناصر القاعدة وقياداتها على أراضيها وتقدم لهم الحماية والدعم!

حتى تنظيم داعش الإرهابي السنى، فإن إيران استطاعت النفاذ إلى قياداته وتوجيهها ومساندة عناصره الإرهابية.

إنها مأساة مروعة أن يقوم نظام سياسي اعتمادًا على ثروات طائلة بدعم عصابات مسلحة ووضع أجندات التحرك لها كما يحدث من جانب إيران.

لكنها الحقيقة، ومن هنا فنحن نرحب بعقوبات واشنطن المريرة على النظام في إيران ونأمل أن تحقق أهدافها في كف يده عن الدول العربية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط