الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التعويذة


اسم يُطلَق علي صنف من حبوب الهلوسة، ظهر بمصر منذ عدة سنوات وله أسماء متعددة كالإستروكس أو الفيل الأزرق، لم أكن علي علم به، علي الرغم من أنني قد شاهدت فيلم الفيل الأزرق للفنان كريم عبد الحميد واعتبرته من الأفلام الجديدة شكلًا وموضوعًا علي السنيما المصرية، يحتوي علي أحداث ما بين الواقع والعالم الخفي، يمتزج فيه الإنس والجن في علاقة عجيبة لا يمكن إدراكها للعامة ولكن تحتاج نوع معين من البشر، من يستطيع العبور إلي العالم الآخر ، عالم الروح حيث تستطيع أن تتعامل مع الثقلين في آن واحد.

لفت نظري اليوم أحد الشباب عن خطورة هذا المنتج و إنتشاره بشدة بين شباب وفتيات المجتمع المصري حيث أصبح بديل لهم للحشيش والماريجوانا وغيرها، حبوب تأخذهم إلي عالم مختلف، تفتح لهم الأبواب المغلقة، فيهربون بها من الواقع، ويدخلون في حالة من الهلاوس السمعية والبصرية وسكون يعبرون به إلي كل ما هو مستتر.

الخطورة ليست فقط في المواد المكونة لتلك التعويذة، الخطورة تكمن في ما وراء الإستعمال من فقدان الإحساس بالواقع، والحياة في التيه، حيث تختلط العوالم، هنا تكمن الخطورة الحقيقية، عندما تفتح بابًا للشيطان وتترك له الفرصة كاملة للحضور والسيطرة تتحول إلي أسير لديه، يستطيع أن يشكل عقلك ويعبث بأفكارك كيفما يشاء طالما كنت تحت السيطرة، وفِي تلك الحالة من السكون بلا قدرة علي إعادة الوعي بالإفاقة،، فالوعي هنا مرتبط بزوال تأثير تلك المواد من الجسم.

حينما ينتهي التأثير وتعود إلي وعيك، لن تعود أنت كما كنت في السابق قبل تناول تلك المادة التي تعبث بالعقل وتنقلك إلي عالم اللاوعي حيث السيطرة التامة من عدوك،، الفارق كبير بين عشب كالحشيش ومواد تؤثر علي العقل مخلوطة بكل دقة لتذهب بك إلي تلك المنطقة ،، فتدخل في الغرف المحظورة، وتكون تحت السيطرة الكاملة.

فيلم الفيل الأزرق حاول أن يشرح تأثير تلك المادة علي العقل البشري، وكيف تستطيع أن تصل إلي مرحلة اللاوعي والسكون لتري ما حولك من كائنات ، تجعلها تسعد لما فَعَلَته بك فتُفصِح عن نفسها بكل وضوح، وتُصبح عبدًا أسيرًا لمن حذّرك المولي عز وجل منه، لمثل تلك الأمور حَرّم الله كل ما يؤثر علي العقل ويغيبه، لأن غياب الوعي يفتح أبواب الشيطان وقد تفعل ما لاتتوقعه ، فتسرق، وتزني وقد تقتل وأنت مغيب تمامًا تتحرك كعرائس الماريونيت ويُخْرِج العرض المسرحي الهزلي الذي وضعت نفسك فيه عدوك وعدو الله الملك الحق.

العالم ممتلئ بالخبايا والأسرار ، والعقل هو القادر علي الإختيار والتمييز بين الحق والباطل وهو ما تميزنا به عن باقي المخلوقات، فإذا ذهب العقل ، ذهب معه الإختيار، وأصبحنا لا حول لنا ولا قوة، وتحولنا إلي فريسة سهلة المنال، المشكلة الكبيرة هي الفضول الذي يؤذي صاحبه، فالبعض يُجَرِب علي سبيل حب الإستطلاع، وعلي أمل الولوج إلي العالم الخفي، دون إدراك منهم أنهم يرمون بأنفسهم في غياهب العبودية، فتلك التعاويذ تؤدي إلي الإدمان، ومن يُجَرِب مرة علي سبيل التهريج يقضي بنفسه علي حريته، ويتحول إلي عبد ذليل لتلك المتاهة.

مع الأسف الشديد تحاوطنا التعاويذ في كل مكان، تعويذة علي شكل حبوب زرقاء، وتعاويذ مكتوبة في كتب الطلاسم والسحر والتي إنتشرت كالنار في الهشيم وأصبحت تباع في كل مكان وبجرأة عجيبة، حتي أنها أصبحت تباع داخل حرم بعض الجامعات علنًا ودون أي رقابة، ويتم تداولها بين الشباب، ويحاول البعض قراءتها وتجربة تأثيرها عليهم، فيُصاب البعض منهم بكوارث لا يُدرِكون مدي خطورتها علي حياتهم ودينهم ومستقبلهم.

الحل ليس فقط إعادة النظر في القوانين المنظمة لتداول تلك الحبوب وتلك الكتب، الحل الحقيقي في نشر الوعي بين الناس، وخصوصًا بين فئة الشباب والأطفال، يجب أن تعلم كل أم ويعلم كل أب آثار تلك الموبقات، حتي يحاولون حماية أولادهم ،حماية حقيقية، ومنع الكوارث قبل حدوثها، كلنا علي علم أن كل ممنوع مرغوب، والرغبة تفوق العقل والإدراك في بعض مراحل العمر، ولكن إذا لم نستطيع تناول تلك الأمور بكل وعي وحسن تصرف، سوف نفقد أبناءنا وسوف نُحَاسَب عليهم.

لا يمكن أن يتحول المجتمع إلي مجتمع مغيب لا وعي له يحيا في عالم إفتراضي ليهرب من الواقع، تلك حياة البؤساء ، ونحن لم نُخلَق لمثل تلك الحياة، خُلِقْنا لنكون خلفاء لملك عظيم علي أرضه، نتحدث بحديثه، نبني ونعمر الأرض، ونحارب الشر بجميع صوره، لسنا عبيدًا للشيطان ولن نكون إلي أن تعود أرواحنا إلي مولاها الحق ، ونعود إلي الديار، إلا من إختار منا العبودية ، فهو ولي للطاغوت إختار أن يصاحبه في ظلمات جهنم تحت الأرضين السبع بكامل إرادته.

يتفنن البعض في إختراع كل ما هو مخرب للعقول، مدمر للأنفس والأرواح، كل ما هو قادر علي إذلال البشر بصور مختلفة من الذل ، أمثال هؤلاء يجب أن يُعدَموا، أو يُصلَّبوا كما أمرنا المولي عز وجل حيث قال (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ).

أعتقد أن إثارة مثل تلك الأمور في المجلس الموقر الذي يُعَبِر عن الشعب ويتحدث بإسمه أهم بكثير من مناقشة أمور كمنع النقاب أو إلغاء خانة الديانة في البطاقة الشخصية، فنحن مهددون بدمار عقول أولادنا ، مهددون بدمار مستقبل جيل وربما أجيال تتعرض لمثل تلك التعاويذ بمختلف أنواعها ، من طلاسم وحبوب، تقضي علي العقيدة وتأسر الأرواح، وتهدد بالضياع لفلذات أكبادنا، والمشكلة الحقيقية إنتشار تلك التعاويذ في كل فئات المجتمع، الغني منها والفقير، الخطر يتوغل في المجتمع، دون وقفة حقيقية، وتصدي للعبودية، اللهم إحفظنا من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي سميع الدعاء.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط