الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: أيها القلب‎

صدى البلد

كفاك تواطؤا مع من خذلونا ، وانحيازا لمن فارقونا، كن منصفا وتذكر ما ألحقوه بنا من أذي ،وما تركوه لنا من جروح غائرة، كن منصفا وتذكر تلك المواقف الأخيرة والإساءات التى بدرت منهم حيالنا، تذكر الصدمة التى تملّكتنا جراء أفعالهم الممغصة، أرجوك لا تدعي النسيان ،لأن كل شيء محفور بالذاكرة، ، ولا تتظاهر بعدم الاكتراث لأن كل ما حدث يجول بالذاكرة،

لماذا تخون الكبرياء بنوبات الحنين ، وتتغافل عن الكرامة من أجل الاشتياق، ترغب في الاقتراب رغم أنهم من بادر بقطع الاتصال،لماذا تميل أضلعك إلي عناقهم رغم كل هذا البعاد ، كيف تكون مع وفاق مع الذكريات وتشعر بانسجام حين تعود للوراء ،لماذا تبلغ ثوراتك عنان السماء في سكنات الليل، لماذا تصر علي نبش ما يقبع تحت وسائدنا، لماذا لا تهدأ إلا حينما تخالط دموعنا حبات المطر ،لماذا تستفرد بنا ليلا وتفر منا نهارا ،لماذا يبقي لك السطوة ،وتظل صاحب النفوذ، كيف تقدر علي أن تعترض طريق العقل لاسيما في أوقات الضعف، لماذا لاتسمح له بالمرور ليصفعنا حتى نستفيق، لماذا تستلذ دائمًا في تخديرنا رغم أنك تعلم أنهم ماضي قد ولي ،وأننا مهما تعذبنا فلم يتغير من الأمر شيئا، لماذا ترفض فكرة تقبل رحيلهم ،و تأبي مبدأ الوداع؟!

أيها القلب ....رغم أنك ملكي انا، وساكن بداخلي ،إلا أنك كنت دائما تثأر لهم، تدافع عنهم ، وتبرر لهم، وتلتمس لهم الأعذار. أقسم عليك أن تقف بجانب صاحبك ،ولو مرة واحدة ،مرة واحدة فحسب، اتركهم يمضوا في دروبهم، ولا تلتفت لهم مجددًا ،بالله عليك كن صادقا  مع نفسك، و أجب عن هذا السؤال :ألم يتسن لنا النسيان بعد كل هذا العناء؟! ،ألم يأن لنا أن نستريح بعد كل هذا العذاب ؟!

عليك أن تتعلم من دروس الحياة ،وأن تغير نهجك نحو الناس ،فلا تأخذهم علي محمل الأبدية فلتؤمن أننا أصبحنا فترات في حياة بعضنا البعض ،كل إنسان بات معرضا أن يكون في طي النسيان ،فقد تكون في الجزء المهمل من الذاكرة لأحدهم، بينما أنت تضعه في قائمة أولوياتك، و هذا يعد أكبر عيوبك على الإطلاق: أن تضع الناس في قدر يفوق قدرهم الحقيقي ،وأن تتوسم فيهم خيرا دون أن تحمل في نفسك ذرة شك نحوهم، ولا يتوقف الأمر علي ذلك، إنما ترضي بما يجودوا به عليك من فتات الاهتمام ،و تكتفي ببقايا الكلام، تتجنب العتاب من أجل البقاء ،تتجاوز عن الأخطاء من أجل الاستمرار ،تتغافل عند الخلاف لتتحاشي أوقات الفراق .

إلي متي ستظل أنت النازف في العطاء بينما هم يضنون بالسؤال ؟!إلي متى سترضخ لعلاقات غير سوية تقوم علي الأنانية وحب الذات؟!

إلي متى ستنصاع في علاقات في ظاهرها الصداقة و باطنها المصلحة؟!

عليك أن تعتاد الغياب ، و تتدارك نواقص البشر ،و تدرك أن كل شيء متوقع،وقابل حدوثه ، فليس هناك ما يدعو لذهول أو يسبب الصدمة ،فلنتخلَ عن فكرة الاستثناء، وأن هذا الصديق لا ينطبق عليه قوانين غدر الأصحاب، أو ذاك الحبيب يختلف عن السابقين ،فهذا ما هو إلا كلام مرسل تسوقه العواطف وتكتنفه المشاعر ،وتبقي حقيقة واحدة :الموقف، المعيار الحقيقي للبقاء أو الرحيل، وليس عدد السنين، وكم الناس من حولك،لذا عليك أن تترك الباب دائما نصف مفتوح، واعلم أن بقاء البشر متوقف علي رغباتهم،فمن يرغب بالبقاء فليبق ،ومن يود الرحيل فليرحل، نحن لا نتوسل ،ولا نستسلم، إنما ننخرط بحقيبة شخصيات جديدة، بعضها يكون صالحا، والآخر يكون طالحا ،وعلينا أن نختار لقلوبنا أشباهها، وما يقع علي شاكلتها ،فلنحسن اختيار سكان القلوب حتى يظل علي نقاء سريرته ، وألا نسمح بأن يلوثه بعض البشر، لأنه في النهاية يبقي ملاذا  لصاحبه، و مأمن لأحبابه، والمتسع حين تضيق بنا الحياة، ولذلك من المستحيل أن يأتى يوما ونسكن أحدا رغما عنه، وأن نتمسك بمن يسبب له آلاما، او يشكل له أوجاعا ، إنما خٌلق هذا القلب لينعم بالراحة والسكينة والهدوء.