الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: أيتها الهاشم.. هاتِ الدفاتر ونقرأها معًا !

صدى البلد

ترددت كثيرًا قبل الخوض في أولى سطور هذا المقال، فأنا لا أجيد فن "التلقيح والردح" مثلما فعلته وأكثر النائبة الكويتية صفاء الهاشم، التي أثارت ردود أفعال غاضبة لدى المصريين بعد نشر مقطع فيديو مصور لها انتقدت فيه تصريحات نبيلة مكرم وزيرة الهجرة المصرية حول واقعة الاعتداء على مواطنة مصرية في الكويت من قبل فتيات كويتيات، بتلك الكلمات "وإن كنتم نسيتوا اللي جرى، هاتوا الدفاتر تنقرا" سببت الهاشم أزمة كبيرة عند المصريين واعتبروا تصريحاتها إهانة للوزيرة والمصريين.

وإذا تحدثنا عن الدفاتر أيتها النائبة، فالتاريخ خير شاهد على مساعدات مصر لدولة الكويت الشقيق، وان كنتِ ناسية سأذكرك: فقد اختلطت الدماء المصرية والكويتية في معركة استرداد الكرامة، عندما شارك الجيش المصري في حرب تحرير الكويت ضد قوات العراق عام 1991 وقدمت مصر العديد من الشهداء من أجل تخليصها، والبداية تبدأ منذ بدايات القرن العشرين بعد أن زار الشيخ محمد رشيد رضا دولة الكويت عام 1913 ذلك المفكر التنويري، ونشر سلسلة مقالات في مجلته المنار كتبها فور عودته إلي مصر وذكر فيها كيف تفاعل مع الشعب الشقيق وانطباعاته الإيجابية وكل ما شاهده في الكويت، ومن بعدها امتدت العلاقات الثنائية بين البلدين في العديد من المجالات وطوال تلك العقود شهدت العلاقات محطات مهمة حفرها التاريخ.

وقد بدأت العلاقات السياسية الأولية بين الدولتين بالتواكب مع الحراك السياسى والشعبى فى مصر بعد الحرب العالمية الاولى حين زار القاهرة الشيخ الراحل أحمد الجابر الصباح، وبعدها زار الشيخُ عبدالله الجابر الصباح القاهرة واستقبله اللواء محمد نجيب والبكباشى جمال عبدالناصر وقتها، وعن العلاقات الثقافية بدأت العلاقة بين البلدين بشكل رسمي عام 1942 وقت ان تم إرسال البعثة التعليمية الكويتية لمصر برعاية وزير المعارف المصري الدكتور طه حسين ورئيس مجلس المعارف الكويتى الشيخ عبدالله الجابر الصباح، فكانت أول بعثة للطالبات الكويتيات، ومن ثم تم افتتاح بيت الكويت بالقاهرة الكبري عام 1956بحضور الرئيس جمال عبدالناصر آنذاك، وامتد التعاون بين البلدين اقتصاديًا وتم توقيع اول اتفاقية تجارية بين مصر والكويت عام 1964 وتوالت الاتفاقات بينهما الاتفاق الموقع بين غرفتى التجارة واتفاق النقل البرى للركاب عام 1998.

وعن مواقف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تُروي الحكايات، وقف بجانبها في حرب تحريرها، وعندما استقلت الكويت عام 1961 أرسل برقية الى أمير الدولة آنذاك الشيخ عبدالله السالم الصباح، الذي قال فيها: " فى هذا اليوم الأغر الذى انبثق فيه فجر جديد فى تاريخ الوطن العربى باستقلال الكويت وسيادتها ليسرنى أن أبادر بالاعلان عن ابتهاج شعب الجمهورية العربية المتحدة وعظيم اغتباطهم بهذا الحدث التاريخى المجيد الذى اعتزت به نفوس العرب جميعا، وليس أحب لقلوبنا من أن ننتهز هذه المناسبة السعيدة لنبعث الى سموكم والى شعب الكويت الشقيق بأجمل تهانينا القلبية وأمانينا الصادقة داعين الله تعالى أن يكتب لكم التوفيق والسداد وأن يمدكم بعونه حتى تصل الكويت فى عهدها الجديد بفضل قيادتكم الى تحقيق ما تصبو اليه من عزة ومجد ورفاهية".

وهو نفسه الذي رفض تهديدات عبدالكريم قاسم رئيس العراق وعارض ضم الكويت، وأصدر بيانا قال فيه: " ان الوحدة لا تتم إلا بالارادة الشعبية فى كل من البلدين، ومصر ترفض منطق الضم".

وشهد البلدان زيارات متبادلة لعدد كبير من المسئولين لدعم القضايا العربية وتوطيد أواصر العلاقات الثنائية بين البلدين ومنها زيارة المستشار عدلى منصور الى الكويت للمشاركة فى اجتماعات القمة العربية الـ25 التى استضافتها دولة الكويت في عام 2014، وأكد حينها منصور دعم مصر للموقف الكويتى. وإذا تحدثنا عن جميع ما ذكره وسطره التاريخ سوف نحكي كثيرًا ولكن جئت بملخص الأحداث ولو تم فتح جميع الدفاتر لقرأنا مؤرخات تحكي دور مصر في المنطقة العربية ككل ومواقفها الداعمة لجميع أشقائها العرب وعلى رأسهم الكويت.

وأحب أقول أن السبب الرئيسي في وجود دولة الكويت الشّقيق يرجع الفضل فيه لمصر وموقفها في تحرير الكويت من أيدي قوات العراق، ولكن يبدو ان تلك الهاشم قد أغفلت التاريخ وتنحت عنه جانبًا ونسيت دور مصر العظيم تجاه بلادها، او يمكن وهي تُقلب في دفاترها تجاهلت التاريخ او تعمدت تغيير الصفحات دون قراءة جيدة للأحداث وما يرويه !

بالطبع أرفض طريقة صفاء الهاشم بموقفها مع وزيرة الهجرة، والذي لم يعد أول المواقف المعروف عنها فقد اشتهرت بالعنصرية لمواقف عدائية عديدة تتخذها، وما فعلته إن كان يعبر فهو لا يعبر غير عن شخصها ولا يعبر عن شعب ودولة الكويت الشقيق، ولعل أقوى رد عليها كان رد الوزيرة النبيلة وزيرة الهجرة المصرية التي ترفعت عن رد الإساءة بالإساءة وعلقت: "عدم الرد على تجاوزات البعض هو موت للكلام الذي يقال، نحن مصريون ونتمتع بالأدب والأخلاقيات والمبادئ، ولا نرد الإساءة بالإساءة". وكان لابد ان يخرج رئيس مجلس النواب الكويتي بتقديم اعتذار رسمي عما احدثته تلك الهاشم علي الرغم من تحسن العلاقات المصرية الكويتية خاصة بعد عدة زيارات للسيد الرئيس وعقد اتفاقات ثنائية بين البلدين.

فتلك الهاشم أرادت إثارة الفتنة بين الشعبين، وإن كان منا العديد الذي لم ينجرف وراء تلك المحاولات وضرب العلاقات بين الدولتين، والحل السياسي هو الأمثل لادارة الأزمة بشكل صحيح يتمثل في تقديم اعتذار رسمي للشعب المصري عما حدث كنوع من أنواع رد الكرامة، ومع العلم ان هذه النائبة افتعلت العديد من المشاكل مع الكثير من الدول، والسؤال إذًا لماذا تجلس في مجلس النواب الكويتي وهي دائمًا تثير الخلافات بين الدول بسبب تصريحاتها؟

فقد يشهد الوضع التوتر بين بعض افراد الشعبين المصري والكويتي خاصةً وهناك من يستغل أي مشكلة بين مصر ودولة شقيقة لاحداث الفتن، وفِي تلك القضية هناك من يساعد على اشتعال النيران التي أحدثتها الهاشم، وعليه فالأمر يحتاج الي تدبر وموقف سياسي يتخذ من قبل الجانب الكويتي لاحتواء الموضوع ككل.