الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أولياء الأمور .. البعد الغائب في استراتيجية التعليم !


يبدو أبناؤنا بالمدارس الخاصة في هذه الآونة، أشبه بالمسلمين الأوائل.. الذين كانوا يعبدون الله سرًا في "دار الأرقم".. مخافة بطش الكفار وطغيانهم.. فالمنهج الجديد الذي طرحته وزارة التربية والتعليم هذا العام بالمراحل الأولى، يتم تدريسه بشكل "علني".. خشية تجاوز توجيهات الوزارة في هذا الشأن.. بينما يستمر عدد من المدارس في تقديم منهج "المستوى الرفيع" "خلسة" دون إظهار أدواته من كتب ووسائط سمعية وبصرية، أو السماح بتداولها خارج المدرسة، الأمر الذي يفقدنا نحن الآباء القدرة على تشكيل صورة واضحة حول ما يتلقاه أبناؤنا من علوم وما يتم غرسه لديهم من مهارات.

نحن أمام مسارين متوازيين لتقديم المادة العلمية من جانب المدارس الخاصة، ولا يمكن اعتبار ذلك تمردًا على قرارات الوزارة أو "كسرًا" لتعليمات الوزير لاسمح الله، بقدر ما هو الحرص على استكمال تقديم الخدمة التعليمية التي تميزها عن غيرها من المدارس الحكومية والتجريبية، بما يوازيه هذا التميز من مقابل مادي مرتفع.. بينما تظل وزارة التربية والتعليم متمسكة بحقها في تنفيذ فلسفة النظام التعليمي الجديد بغرض "إعادة بناء الإنسان المصري" على حد وصف الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم.. ويبقى "الطالب" هو ضحية لعبة القط والفأر، بين المؤسسات التعليمية غير الحكومية والوزارة، والتي لن تكون نتائجها ايجابية على المستوى التعليمي للطلاب، حيث تؤدي إلى ارتباك لدى الطلاب وتذبذب في درجة تحصيلهم، ناهيك عن ضعف قدرة الآباء على متابعة أبنائهم دراسيا.. ليغدو الأمر كمقامرة خاسرة بمستقبل الأجيال القادمة.

أعترف بأنني لم أكن مهتمًا قبل هذا العام بمتابعة المستوى الدراسي لأبنائي، وكنت أعتبر ذلك ـــ نتيجة ظروف عملي ـــ إحدى مهام والدتهم، بحيث يكفي أن أستمع حين عودتي من العمل إلى تقرير مختصر عما جرى معهم في المدرسة، أو الجلوس إلى جوارهم عند إعداد الواجبات المنزلية.. إلا أنني وجدت نفسي هذا العام مهمومًا بتصفح مناهج النظام التعليمي الجديد، وقياس أثر هذه التجربة على أبنائي، والواقع أن كلا الكتابين: الباقة "اكتشف" و "كونكت بلس"، يعدان بكل المقاييس أقل من المستوى التعليمي الذي تقدمه المدارس الخاصة، حيث لا تقدم جديدا لطلابها، وكان تعليق نجلي ذي الستة أعوام "عفويا" حين قال لي: الحاجات دي عارفها، خدناها في كي جي !! .. فهل أرادت وزارة التربية والتعليم من منطلق إيجاد نسق تعليمي واحد، الهبوط بمستوى المادة العلمية المقدمة بمدارس اللغات والمدارس الدولية إلى المستوى المقدم بالمدارس التجريبية والحكومية، بدلا من الارتقاء بالأخيرة إلى مستوى الأولى ؟

لستُ أعلم من يرسمُ أمام الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، هذه الصورة البيضاء، عن حالة رضا تام بين أولياء الأمور عن تطبيق النظام التعليمي الجديد ؟ إن كان الوزير مهتمًا بحق بتقييم الأثر الحقيقي لتطبيق هذا النظام، فلعله يحتاج إلى أن يعقد لقاءً مفتوحًا بشريحة ممثلة لأولياء الأمور، على أن يتم اللقاء على مستويين، الأول يضمُ أولياء أمور طلاب بالمدارس الحكومية والتجريبية، والثاني يشتمل على أولياء أمور طلاب المدارس الخاصة والدولية، فلكل مستوى منهما همومه وأولوياته.

إن جولات الوزير "المفاجئة" بالمدارس لن تجعله وحدها يرى الصورة بكافة أبعادها، فأولياء الأمور هم البعد الغائب في استراتيجية الوزارة لتطوير نظام التعليم، وعلى الوزارة أن تدرك أهمية التواصل الجاد معهم، إذا كانت مقتنعة بالفعل بأهمية التكامل بين دور المنزل والمدرسة لتحقيق صالح الطلاب.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط