الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عن القطط والكلاب


ارتباط الإنسان بالحيوان موضوع نسبي لا يمكن أن نجتمع جميعًا عليه، فالبعض يرتبط ارتباطا وثيقا بتربية الطيور، واستخدامها كمصدر للطعام أو الرزق، والبعض لا يستطيع الاستغناء عن البقر والجاموس والحمير والبغال وغيرها، فهي من الحيوانات التي عُرِفَت منذ قديم الأزل بأنها صديقة للفلاح في كل بلاد العالم وليست مصر فقط، فأعمال الزراعة تعتمد في الأساس على مساعدة بعض الحيوانات للإنسان للقيام بها.

البعض يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالخيول ويحبها ولا يستطيع تخيل الحياة بدونها ، وفِي نفس الوقت تُقَدَم في بعض البلاد كطعام فاخر للأغنياء، قد نتقبله وقد لا نتقبله، كذلك الضفادع والصراصير والجراد والخنازير وغيرها، وأخيرًا ظهرت في مصر شائعات جديدة تتحدث عن القطط والكلاب ، علي الرغم من متابعتنا جميعًا علي مدار السنوات القليلة الماضية ما يحدث في السوق المصري من اكتشاف بعض المطاعم التي تقدم الحمير والقطط والكلاب كطعام لروادها بدلًا من اللحوم المتعارف عليها والمتداولة منذ قديم الأزل.

الحقيقة الأمر محير جدًا ويصعب التعليق عليه، ويحتاج إلى رد قاطع من الأزهر الشريف في ما يخص الحلال والحرام في تناول بعض أنواع الحيوانات كطعام للمصريين، فنحن نختلف جميعًا في العادات والتقاليد والارتباط بنوعيات الحيوانات المختلفة، ولكن يربطنا الالتزام الديني ، كل وفقًا لديانته ، فالإسلام لم يحرم تناول البقر والجاموس والأغنام والطيور والسمك، ولكننا لسنا جميعًا علي اطلاع بموقف بعض الحيوانات الأخري من حيث الحلال والحرام في تناولها.

تعودنا على التعايش السلمي مع بعض الحيوانات التي تسكن الدروب والشوارع كالقطط والكلاب ولَم نتعود علي تناولها كطعام لنا كما يحدث في بعض دول الشرق الأقصي، كما لم نتعود علي أكل الجراد والصراصير ولحوم القردة وغيرها، تلك القضايا لا تتعلق فقط بالرفق بالحيوان ، إنما في الأساس تتعلق بارتباط المرء بنوع معين من الحيوانات، فمن يحب تربية القطط لن يتقبل نهائيًا أن تتحول لطعام له أو لغيره، ومن يعشق الكلاب لن يسمح لأحد أن يلتهم كلبه الذي عاش معه وله رصيد في قلبه من الحب والذكريات.

من المؤكد أن انتشار الكلاب والقطط الضالة قد يصيب البعض بالذعر، وقد يسبب بعض المشكلات الحقيقية وخصوصًا في حالة انتشار السعار بينهم، فالكلاب تعودت أن تعيش في عشائر ، وتنتشر بكثرة في المدن الجديدة التي يقل فيها عدد السكان، وتتحول الشوارع إلي مستعمرات لهم، يصعب التحرك فيها دون صحبة، فقد يهاجمك أحد الكلاب المسعورة وقد تصاب بالأذي ، وبالفعل تعرض بعض الأطفال لمثل تلك الإصابات التي عادت عليهم وعلي ذويهم بالأثر السلبي ، وتحول الكلب الضال بالنسبة لهم إلى عدو يجب التخلص منه.

ولكن وفقًا لما ذكره المولي عز وجل في كتابه الكريم بقوله تعالي (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) يجب علينا احترام كل ما خلقه المولي عز وجل ويجب أن نتذكر ما فعله غيرنا من أئمة وخلفاء كانوا يخافون أن يحاسبوا علي دابة جائعة تحيا علي أرض المولي عز وجل، فمن ينظم تلك الأمور ، ومن يحدد مدى الحرمانية في التعامل بيننا وبين الأمم الأخري التي خُلِقَت مثلنا لتحيا علي أرض الله ، لا يد لها في خلقها علي تلك الأرض؟

كلنا علي علم أن هناك بعض المناطق في بعض البلاد التي خلقها المولي عز وجل وخلق فيها من كل دابة ما نعلمه وما يخفى علينا علمه، ويحيا الجميع في أمان الله وستره في محميات طبيعية ، دون أن يتعرض له الإنسان بالضرر، فكيف نستطيع تأمين تلك الأمم علي أرض مصر ، ومن يملك الفصل في تلك القضية الشائكة، من يتحمل وزر تلك الكائنات؟

على الأزهر الشريف حسم تلك القضية بمنتهي الوضوح والشفافية حتي نطمئن جميعًا أننا لم نشارك في إلحاق الأذي بمخلوق لا حول له ولا قوة ولا ذنب له في أنه خُلِق علي أرض المحروسة، فهو مهما أردنا أم أبينا مخلوق مصري يحمل الجنسية المصرية، مثلنا تمامًا فمن منها يستحق الحياة علي أرضها ومن منها خُلِق لإطعام أهلها من بني الإنس، وكيف نؤمن لها حياة أفضل كمخلوقات مصرية لها الحق في الحياة؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط