الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.أسامة نورالدين يكتب: حرب اليمن والقرار العربي المطلوب

صدى البلد

تدخل الحرب التي يشنها التحالف علي اليمن عامها الخامس، ولا يوجد في الأفق ما يوحي بإمكانية وقفها، بالرغم من كم الخسائر المادية والبشرية التى تتكبدها كافة الأطراف، والتى وصلت حسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية إلي ما يقرب من 62 ألف ضحية، ويكلف السعودية حسب تقديرات مجلة فورين بوليسي حوالي 725 مليار دولار كل ستة أشهر، وهذه الأرقام في تزايد مستمر، ولن تتوقف إلا بتوقف الحرب، هذا بخلاف الفاتورة التى يتم دفعها للشركاء الإقليميين والدولييين، الذين يدفعوا في اتجاه استمرار الحرب وتعميق الانقسام الداخلي، حتى يستمروا في حصد المليارات دونما اعتبار للمآسي الإنسانية التى يعيشها الشعب اليمني.

هذا الاستنزاف للأرواح البشرية والثروات الإنسانية التى هي ملك لكل العرب، لا يتطلب قرارًا من مجلس الشيوخ الأمريكي الذي صوت مؤخرًا علي قانون يلزم بسحب قوات الولايات المتحدة من الحرب في اليمن، ووقف تقديم أي دعم للمملكة العربية السعودية، بقدر ما يتطلب موقفًا عربيا موحدا تقوده جامعة الدول العربية أو مجلس التعاون الخليجي من أجل تبني هذا القرار والدفع باتجاه تنفيذه، ليس فقط من أجل اليمن وأمنه واستقراره، وإنما كذلك من أجل منطقة الخليج العربي بأكملها وفي القلب منها المملكة العربية السعودية التى باتت مهددة ولأول مره منذ فترة طويلة.

فاستمرار الحرب لن يجلب للمملكة ولا لحلفائها الأمن ، ولن يكون بمقدور أي طرف بما في ذلك التحالف حسم المعركة علي الأرض، تلك المعركة التى تسببت في حقيقة الأمر في تقسيم اليمن، بل وفي تعميق الانقسام الذي سبق وأن خاضت من أجل منعه حربا ضروسا راح ضحيتها الآلاف من أبناء الشعب اليمني، وها هي تعود إليه مجددًا ولكن بشكل أكثر خطورة، ففي السابق كنا نتتحدث عن اليمن الشمالي والجنوبي، أما اليوم فسنتحدث في حال إذا ما استمرت الحرب عن يمن الشمال ويمن الوسط ويمن الجنوب، وهذا ما من شأنه أن يقود المنطقة بكاملها إلي شبح التقسيم الذي يحذر منه الخبراء والمحللون في الوطن العربي.
ولن يكون اليمن بأفضل حال من سورية التى باتت مقسمة هي الأخرى، وإن كانت اليمن لاتزال تحت سيطرة أبنائها، ولكن يبقى أن ترفع القوى الإقليمية والدولية يدها عنها، وأن تعمل تلك القوى خاصة العربية علي اتخاذ القرارات الصعبة، ومنع عمليات التخوين والعمالة لتى يتم استخدامها من أجل تبرير الحروب وإشعال الأزمات والقضاء علي مقدرات الأمم والشعوب بهذا الشكل.
وفي هذا الصدد يتحمل الشعب اليمني وقياداته –أيضًا- جزءا من المسئولية، لأن البعض أخطأ عندما ظن أن بمقدوره أن يسلب الشعب حريته وأن يسيطر علي قراراته في غفلة من الزمن، أو أن عقارب الساعة يمكن أن تعود إلي الوراء، وأن ما سبق وحدث في إيران يمكن أن يتكرر في اليمن، وأن دعم القوى الخارجية يمكنه أن يحسم المعركة لصالح طرف علي حساب بقية الأطراف، تلك الحسابات التى ثبت خطأها وتحمل الشعب اليمني بمفرده نتائجها الوخيمة، تحتم علي الجميع نبذ الخلافات والاتفاق علي كلمة سواء لتوحيد الصف ولململة الشتات ومنع شبح الانقسام من أن يقوض أواصر الدولة اليمنية.

إن وقف الحرب لن يضير أحد ولن ينتقص من مكانة ولا قوة أحد، بل علي العكس ستحول بين انهيار اليمن، وستفوت الفرصة علي القوى المتربصة بالمنطقة العربية وفي القلب منها الخليج العربي، والتى تسعى إلي تقسيمه وتفتيه حتى يسهل عليها استنزاف ثرواته مثلما كانت تفعل القوى الاستعمارية في السابق، فإما أن نضع حد لهذه المشاريع الخبيثة وإما أن نتخذ القرار الصعب ونوقف الحرب في اليمن.