الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد ناجى زاهى يكتب: السكين المطعون فى جسد بنها

صدى البلد

مدينة بنها واحدة من المدن التى لها خصوصية شديدة جدا فى قلبى وقلب كل من مر عليها ولو مرة فى العمر , برغم البساطة الشديدة التى تزين شوارعها وميادينها وحواريها وأزقتها المملوءة ببشر لا تجد فى طباعهم إلا الطيبة والكرم والأناقة واللباقة والأصالة بشكل عام .
وبرغم أنى تغزلت فى بنها كثيرا وتعجب البعض من الغزل المجنون , إلا أننى سأكمل غزلى وسأبقى أتغزل فيها حتى تفارق الروح الجسد ــ فهى الماء الذى إذا خرجت منه أو إنقطعت عنه مُت بحق ــ ويتعجب البعض حينما أكتب دائما عن بنها بشكل خاص والقليوبية بشكل عام , فهو عشق المجنون وكأننى أغازل زوجتى وحبيبتى وعشيقتى وصديقتى وأمى وطفلتى , فالجميع إجتمع فى عبق المكان وشواهده , وأهم شاهد على هذه العلاقة الغير مفهومة , هو النيل الذى يحيطها من كل جوانبها تقريبا , فهى الجزيرة وشبه الجزيرة .

وهى المدينة التى تحتار فيها برغم راحتك فيها , وتبقى الأسئلة تراود الأذهان , لتبنى أفكارا وقيودا , وتضع مصطلحات , وأحيانا تهدم نظريات , فهى المعقول واللامعقول , فالتضاد فيها ليس إثما أو خطيئة , بل التضاد فى اشيائها نقطة تحول وشعاع نور , يضىء الى من يظر إليه ويهتدى به , فهى مدينة ستجدها حاضنة للثقافة , برغم الطابع الريفى الذى يغلب على كل شىء فيها , كما أنها حاضنة للفنون برغم أنها لا تملك دارا واحدة للسينما او المسرح بخلاق قصر ثقافة بنها , كما انها الأم الشرعية لأسماء كثيرة لمعت فى مجالات كثيرة اهمها السينما والمسرح والسياسة والطب والعلم والهندسة والفيزياء .

فى بنها تزداد المتناقضات حينما تعلم أن النجوم اساتذتهم من بنها , فالجميع يتجنس بالجنسية البنهاوية لينالوا الأدب والثقافة ويحتسوا العلم والفن من أساتذة كبار , قد لا يسمع احد عنهم , ليس لأنهم قلة أو صغارا فى عالمهم ولكنهم الشموع التى تضىء للجميع وتحترق من أجل الآخرين فى عالم ملىء بالأنانية والرياء والنفاق المرسوم خارج هذه المدينة الصادقة والأبية .
وما يحزننى بعد كل هذا الغزل , أن كل المحافظين الذين تولوا إدارة شون محافظة القليوبية منذ عهد اللواء عبد الحفيظ أبو غنيمة الذى تولى منصب المحافظ فى سبتمبر عام 1960 الى المحافظ الحالى الدكتور علاء عبد الحليم محافظ القليوبية , لم يدركوا قيمة المكان الذين حلوا عليه ضيوفا , فالقليوبية لها خصوصيتها وبنها بالتحديد لها خصوصية شديدة , بعيدا عن التغزل السابق , فإن جغرافيتها وحدها كفيلة لأن تضعها محل إهتمام جدى وحقيقى لإعادة الثوب الانيق الى المدينة الجميلة .
بنها رغم تغزلى فيها وهى تستحق , إلا أن الإهمال يضرب شوارعها عن عمد منذ سنين , كما ان الإنشاءات الأخيرة فيها لم تقدم أى فائدة , بل كانت سلبياتها أكثر من إيجابياتها , كما ان العشوائية التى ضربت المدينة بعد تحويل مسار شوارعها فى عهد المحافظ محمد عبد الظاهر كفيلة لرسم الكأبة على وجوه العابرين عليها ومن خلالها , وعدم إستغلال كورنيش الرياح التوفيقى دليل على عدم تفكير مسئولى المحافظة فى مستقبل ابنائنا وأحفادنا .

السلبيات لم تقف ولن تقف عند هذا الحد بل أن سلبياتها المصطنعة والكثيرة كفيلة بالتعب النفسى وتقرير زيارة طبيب امراض نفسية , ذلك لما تعانية المدينة العظيمة من إهمال جسيم , فالإهمال ستجده حينما حجب رجال الأعمال رؤية النيل عن البسطاء الذين يبحثون عن الراحة بدون مقابل , وذلك ببناء نوادى وملاهى لإقامة الأفراح وليالى الملاح حتى تحولت بنها كل يوم فى المساء الى "حفلة زار" على كورنيشها الذى كنت أتغزل فيه فى بداية مقالى .
ولا اخفى عليكم سرا ان تغزلى فيها وإنتقادى لها ليس تعارض فى فكرى ولكنى بحق اعشقها وأكرة مشاكلها واخطائها ككرهى لمن يدنس الأرض الطاهرة , ولا استثنى احدا من طعنها بشكل دائم ومتكرر حتى أبنائها والمسئولين فى المحافظة ومجلس المدينة والوحدات المحلية , ولهذا أناشد الجميع وعلى رأسهم المسؤلين بأن يبدأوا فى خطة إنتاج بنها الجديدة من خلال وضع كل شىء فى نصابه الصحيح , ومن اجل تحويل المدينة البائسة الى جمالها القديم وإخراج السكين المطعون فى جسد بنها منذ سنين طويلة , برفق ولين .