الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوريا بين سندان أمريكا ومطرقة تركيا


مما لا شك فيه أن إعلان الولايات المتحدة عن انسحابها من سوريا ثم تراجعها ثم تمييعها للخبر لايعني سوى تخبط السياسة الامريكية فى هذه الاونة بصفة عامة وتجاه سوريا بصفة خاصة.

ففى الوقت الذى أكد فيه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب انه سيسحب قواته من سوريا وبالفعل تحركت مجموعة من هذه القوات ووصلت إلى قاعدة الأسد الأمريكية فى الأنبار العراقية، كانت خطوات ترامب التالية غير متزنة فقد أعلن أن قواته ستكمل انسحابها فى غضون 4 أشهر، وبعدها قال إنه لم يذكر جدولا زمنيا للانسحاب ليعقبه بتصريح أن أمريكا لن تنهى وجودها فى سوريا، وعلى الجانب الآخر ومن صدى هذا الإعلان المباغت تهللت اسارير تركيا وفرحت وأكد رئيسها رجب طيب اردوغان ان الانسحاب الامريكى مقرون بتعاون مع انقرة ليرسخ وجودها فى بلدة منبج الحدودية ومعقل الأكراد اعداء تركيا اللدودين . ووسط كل هذا الزخم تستعيد سوريا سيطرتها على معظم البلاد بخلاف تجمعات متفرقة لداعش وللعناصر المعارضة اصبح وجودهم اشبه بالعشب الطافى على ماء راكد . وفيما يتحدث الرئيس الاسد عن سوريا التى تحملت وقاومت وانتصرت على قوى الشر من كل صوب وحدب تعلن الامارات والبحرين اعادة فتح سفارتيهما فى دمشق كخطوة تمهد السبيل لاعادة العلاقات العربية المنقطعة منذ تداعيات ما سمى خطأ بالربيع العربى الذى لم يكن سوى خريف ظالم قاهر للاستقرار والامن العربي. سوريا تنهض مرة اخرى وتنفض عنها مايقرب من ثمانى سنوات عجاف اقتلعت الغث والسمين وتركت اثارها السلبية على كل مافيها من بشر وشجر وحجر.  

لايخفى على الكل ان دخول الدب الروسى الى سوريا كان بمثابة قبلة الحياة التى اعادت الى دمشق شريان الامل وخلصتها من اوردة الالم ، وايضا تصميم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على اظهار زيف واشنطن بتوغل الدواعش واحكام سيطرتهم على منافذ سوريا بقضاء بوتين على هذا الزيف وملاحقته واجبار العناصر المعارضة المدفوع لها ثمن معارضتها على ابرام اتفاقات ترحيلها الى جهات اخرى ، ليؤكد بوتين ان اسطورة داعش ليست سوى صناعة كرتونية امريكية هشة تشبه افلام الرعب الزائفة .

هى إذن قصة محبوكة السيناريو عاشتها سوريا مجبرة على مدى ثماني سنوات الا شهرين لعب فيها كل الأشخاص المعنيين بتفتيت سوريا وتدهورها كافة الادوار وبكل الطرق والسبل ، ولكن الدب الروسى والاسد السورى استطاعا ان يربكا المشهد الدولى برمته ويغلقان الستار وينتجان سيناريو جديد لا يذبذه سوى الوضع فى منبج الذى أصبح فيه الاكراد يعيشون بين سندان أمريكا ومطرقة تركيا ليصبح هذا المشهد هو الوحيد الذى يؤرق بال دمشق ويمنع عنها الشعور بأمان عز تحقيقه منذ اندلاع النزاع فى سوريا عام ٢٠١١.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط