الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا تزداد عدوانية الآدميين لبعضهم ؟!!


السلوك الإنسانى قائم فى الأساس على السلام والمصالحة ونشر الخير وكل القيم والأعراف الثابتة المرتبطة بالإيجابية فى المعاملات , ولكن منذ بدء الخليقة ظهرت العدوانية وكأنها جزء أساسى لا يفارق السلوك البشرى, ليقترن الشاذ فى معاملاته بالعادى الذى اعتاد الحياة السليمة, كما أن اقتران العدوانية مبكرا منذ بدء الخليقة عندما قتل قابيل أخاه هابيل, يؤكد أن العدوانية أساس قائم على الأرض بين الآدميين ينمو ويكبر ويترعرع بتغير الظروف وتغير الصورة العدائية.

وإن كان تسليط الضوء ناحية ظاهرة العداء غير المبرر من البشر الى البشر تحتاج الى كتابة مجلدات وليس كتابة مقال ولكن أحاول أن أجتهد من خلال هذا المقال للوصول للحقيقة المؤكدة ـ محاولا ـ أن أسلط الضوء ناحية الأسباب المؤدية للعداء غير المبرر من ناحية, ومحاولة معالجة هذه الظاهرة القديمة الحديثة بتطور العصر.

والسؤال الذى دعانى لكتابة هذا المقال, لماذا تزداد عدوانية الآدميين على الأرض ؟!! , هذا السؤال كان سببا فى ضيق النفس وانغلاقها والانخراط فى التفكير من أجل الوصول للحقيقة , والبحث عن إجابة وافية وشافية لهذا السؤال الذى أحدث زلزالا وبركانا نفسيا داخليا , المهم أننى وصلت الى سبب كاف للعدوانية بين الآدميين .. هذا السبب يكمن فى أن النفس البشرية أنانية إلى أبعد الحدود, كما أن البشر مشغولون بأنفسهم فقط, وطماعون لا يهتمون بغير إشباع شهواتهم , لدرجة أن العدائية أصبحت سببا عميقا للدافع الأساسى عند الإنسان وهو الوصول الى المجد والكسب الشخصى على حساب مَن حوله وإن كانوا أقرب الأقربين.

ومن ضمن الأسباب التى تقود صاحبها الى العدائية مع من حوله من البشر, أن القلب دائما ما ينتصر على العقل, فالهوى قد يقود صاحبه الى تنفيذ أفكار مجنونة وقرارات متسرعة دون إدراك الصواب من الخطأ , ودون أن يضع آدميته نصب عينيه التى هى أكبر بكثير من فعلته العوجاء , فإذا نظرنا إلى القتلة مثلا سنجد أن معظم هؤلاء قتلوا دون إدراك أو وعى , فحينما غيبوا عقولهم انتصر الهوى على المنطق , كما أن امتداد الصورة العدائية بين الذين وضعوا فى قلوبهم العداء أنه هدف رئيسى , هم الذين غلبوا الهوى , دون ترويضه بأخلاق ثابتة متأصلة على القيم والثوابت العميقة الإيجابية سواء ارتبطت بدين أو لم ترتبط .

ومن هنا نخلص بملخص بسيط أن العدائية متأصلة فى الإنسان بدوافع لا شعورية ولا يستطيع التنازل عنها ولكن يستطيع ترويضها وتهذيبها إن أراد, لحيا فى مجتمع يسمح له بالسلام الاجتماعى .

لهذا يجب أن ينتشر السلام الاجتماعى بكل الطرق الممكنة وإن وصلت الطرق الى طريق التأديب والتهذيب الممنهج من خلال تطبيق الدولة لقوانينها والعمل بدستورها , فالدول مثلا , حينما تضع دساتيرها وقوانينها , تضعها من باب حماية الأقليات من الأغلبية وحماية الأفراد من بعضهم البعض بالعدائية المتأصلة فيهم , وحماية الدولة نفسها من الأفراد الشواذ الذين يريدون فرض أفكارهم العدوانية على المجتمع إما بالقول أو التقرير أو الفعل , ومن هنا نشأ القانون والدستور لقمع الحالات العدوانية بين الآدميين بعضهم لبعض , ليعيش الأغلبية فى سلام وتسامح واستقرار نفسى وعاطفى , يقود الى بناء مجتمعات ناجحة بنجاح أفكار من فيها , فإن كانت الأفكار المطروحة من الأفراد فى المجتمع إيجابية , صلح المجتمع كله , وإن كانت أفكارا سلبية , ضاع المجتمع وصعدت روحه ولن تقوم له قائمة من جديد.

يا سادة .. إن الخلاصة التى أود أن أصل إليها أن السلام الاجتماعى ضرورة لا بديل عنها لحياة الأفراد وحياة المجتمعات , فالعداء يهدم البنيان القديم التى تأصلت جذوره وإن كان قويا , لذا علينا جميعا أن نتكاتف لبناء الدولة والحفاظ على ثوابتها وبناء أنفسنا بعيدا عن الأنانية والطمع والرياء والنفاق والهذيان والخمول والانبطاح والفشل, كما يجب أن نحارب العدائية بالسلام ونشره من خلال نشر التسامح بين البشر ونشر قيم الحب والود والوئام التى ضاعت فى دهاليز الحياة أثناء انشغال الجميع.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط