الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أيامنا الحلوة فى المعرض


لم يكن حدث المعرض الدولى للكتاب مجرد منتدى ثقافى سنوى نحرص على متابعته والتردد على خِيامه وصالاته لمعرفة الجديد من الكتب والروايات، وإنما هو جزء من تاريخ جيلنا وذكريات اللقاءات الشبابية المُنعشة من خلال حضور الندوات التثقيفية ومشاهدة العروض المسرحية ذات الألوان المتنوعة، والمواظبة على المشاركة فى الحلقات النقاشية حول قضايا العصر مع أبرز نجوم وقامات الأدب والشعر ورموز الفن والثقافة.. وكثيرا ما كان المعرض مناسبة ترفيهية وتنويرية لنا كطلبة وفرق فنية صاعدة من رحم البيئة الجامعية، فكنا نلتقى فى أيامه ونتبادل الأفكار والآراء ونشترى الكتب بأرخص الأسعار ونحتسى أكواب النسكافيه فى متعة وسعادة بالصحبة و"اللمة الحلوة".. ثم نغادر أرض المعارض ونتجه إلى المواصلات العامة عائدين إلى المنزل بمشاعر الحب والألفة والطاقة الإيجابية المستمدة من التفاعل مع أجواء هذا الحدث الثرى شكلا ومضمونا!.

كانت هذه المقدمة ضرورية لإظهار قيمة معرض الكتاب فى حياتنا وتكويننا المعرفى والإنسانى، خصوصا مع صدمة الملايين من زوار المعرض بعد قرار نقل فعالياته إلى التجمع الخامس بدلا من مصر الجديدة، وارتفاع تكلفة إيجار القاعات بما ينعكس بدوره على أسعار الكتب لتتضاعف بصورة قد تتعارض مع الوضع المادى لكثير من الأسر، وبالتالى لن نشهد إقبالا ملحوظا على الشراء واقتناء أعظم الثروات أو الكنوز الثقافية .

ولاشك أن القرار صدر لتجديد روح المعرض فى مكان آخر أكثر تطورا وملاءمة وبات قِبلة سكان "الكومبوندات" ومنتجعات الـ "ماونتين فيو"، ولا أتصور أن أحدا يرفض التغيير أو يعارض تحسين الصورة، ولكن يبقى الغرض الجوهرى من إقامة المعرض "التاريخى" وهو أن يكون متاحا ومفتوح الأبواب للجمهور العادى فى نفس المكان الذى اعتاد على زيارته.. مكان الذكريات الجميلة والأيام الحلوة.. المكان الذى أتاح هذه السلعة الثقافية للجميع دون تمييز طبقى أو فوارق مادية.

أرض المعارض التى ضربت المثل فى ساحات الإبداع الأدبي والفنى على مدار سنين وأجيال وهى الأجدر بالتطوير وتجديد قاعاتها وصالاتها بما ينسجم ويستوعب نمط الحياة الجديد واختلاف الأذواق، ودون إخلال أو تفريط فى فلسفة الحدث القائمة على تنشيط الوعى وتوفير الكتاب لكل فرد، فى موسم ثقافى تنتظره الأسرة المصرية كـ "هلال العيد"!.

- ليس مقبولا أن يهبط الحال بمعرض الكتاب إلى سوق المزادات والتجارة ليتربح منه سماسرة البيزنس على حساب رسالته ودوره التنويرى والاجتماعى.. وسواء نجحت تجربة "التجمع الخامس" أو فشلت هذا العام، فلن يغير الوضع من حقيقة أن أرض المعارض هى التربة الأفضل والبذرة الأصل ومنها خرجت روافد المعرفة وأثمرت عن تجارب وإبداعات تربَّى عليها ملايين الصغار والكبار .. فانتبهوا يا حُماة الثقافة وراجعوا أنفسكم وادرسوا قراراتكم حفاظا على حياة "الكتاب" فى عصر الإنترنت المتوحش!.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط