الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وارتحلتُ إلى معرض الكتاب


لم يكن لليُوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب أن يمر مرور الكرام، وكان يليق به أن يحاط بهذه العاصفة من اللغط، فنقل الحدث من المكان الذي استوطنه بمدينة نصر منذ أكثر من ثلاثة عقود (تحديدًا عام 1984) أثار لدى البعض مشاعر الرفض، وكان سببا لإحجام آخرين عن الذهاب، ولكنه دفعني لإعداد الزاد والارتحال غرب القاهرة حيث يقع المعرض الآن، لتقييم هذه التجربة والخروج برأي محايد.

من أتيحت له فرصة حضور نسخ من معارض الكتاب في عواصم عربية أخرى، سيدرك أن تجربة معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام مميزة، فالمكان الجديد أتاح فرصة أفضل لتنظيم المعرض بصورة جيدة، وتقسيم دور النشر بطريقة تتيح للزائر أن يصل إلى مبتغاه، كما أن خدمات الرد على تساؤلات ضيوف المعرض حول أماكن دور النشر كانت على مستوى راق يقدمه شباب تم اعدادهم على نحو جيد لهذه المهمة، والخدمات المختلفة الضرورية تبدو هذا العام بصورة أكثر حضارية، ومن بين ذلك دورات المياه، وأماكن الصلاة، والمطاعم.

ورغم قناعتي التامة بأولوية اعتبارات التأمين في الحفاظ على الأمن وضمان نجاح مثل هذا الحدث كثيف الحضور والمشاركة، إلا أن اجراءات المرور عبر البوابات الالكترونية للمعرض كانت كثيرًا ما تتسبب في تكدس طوابير البشر، وان كانت تلك الطوابير تمضي بسلاسة في معظم الوقت، ولكن كان لهذه الاجراءات أثرٌ سيئ لمحته في أعين الزوار وتعليقاتهم، لاسيما من السيدات وكبار السن، خاصةً وأن تلك الاجراءات لم تقتصر على دخول أرض المعارض ذاتها، بل تكررت عند دخول كل قاعة من قاعات المعرض الأربعة، وهو ما لا يمكن تقبله من جانب الزوار في مثل هذه المعارض التي قد تشهد كل يومٍ حضور ما لا يقل عن 100 ألف زائر.

إلى جانب الكتب المعروضة، كانت هناك أنشطة لابُد من تسليط الضوء عليها، فأثناء تجولي وجدت ورشة للرسم للأطفال ووسطهم فنان الكاريكاتير البارع هاني شمس، وفي قاعات الندوات الثقافية وجدت قامات علمية تناقش قضايا معاصرة مثل تمكين المرأة بالمجالين الثقافي والإبداعي، وندوات لعرض أهداف استراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2030، وأخرى عن مستقبل الرياضة في مصر والتعريف باستعدادات مصر لتنظيم بطولة الأمم الأفريقية بحضور وزير الشباب والرياضة، بما جعل المعرض فرصة للتوعية فالتنوير بعدٌ هام من أبعاد الثقافة.

لا ريب أن معرض الكتاب لن يعود إلى مكانه السابق مرة أخرى، فعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، ولكن هذا لا يمنع من البدء فورًا عقب فض هذا العرس الثقافي الأبرز، في تقييم التجربة بكافة جوانبها، فالصورة الحضارية التي ظهر بها المعرض في مكانه الجديد هذا العام لا تكفي للجزم بنجاح التجربة، ولابد أن يوازيها على الجانب الآخر مشاركة كبيرة تضمن مبيعات مرضية للناشرين المشاركين، ليبقى التقييم الأهم في قياس تأثيرات هذه التجربة على حجم الزوار، والمبيعات، ومدى رضا دور النشر المشاركة عما تحقق من أرباح.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط