الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيد النساء وقهر الرجال


سلاحان يحارب كل منهما الآخر، الأول سلاح المرأة وقد يصل إلى حد العظمة عند بعضهن كامرأة العزيز، وغيرها من النساء اللاتي استطعن الانتصار في العديد من المعارك بسلاح الكيد العظيم، والآخر للرجل، فالقهر هو سلاح الرجل الفتاك في محاربة الآخرين من النساء والرجال على حد سواء، وقد استعاذ رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم من هذا السلاح الخطير، قهر الرجال.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: "يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ"، قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: "أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا، إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ: أَذْهَبَ الله عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟"، قال قلت: بلى يا رسول الله، قال: "قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَال"، قال ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني".

وعلي الرغم من وصف كيد المرأة بالعظيم إلا أنه صلى الله عليه وسلم لقبهن بالقوارير وفِي أكثر من حديث وصي بحسن معاملة المرأة، ورفع منزلة الأم عن الأب في الإهتمام والتقدير، ففي باب بر الوالدين وصلة الأرحام أورد المصنف -رحمه الله- حديث أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ -يعني: صحبتي، قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.

أيهما أقوى الكيد أم القهر؟ في اللغة العربية الكيد هو المكر والحيلة، أما القهر فهو الاحتقار والتسلط بظلم علي شخص والغلبة، وتلك المعاني أشد بأسًا وإذلالًا من معاني الكيد مهما كان الكيد خبيثًا، وعلى الرغم من أن الحيلة والمكر قد تنتصر على القهر والغلبة إلا أن ألم القهر شديد، ولا يتحمله أحد رجلًا كان أم امرأة.

المرأة بطبيعتها تميل إلى النعومة، وقليل من النساء يتمتعن بالقوة والصلابة والشدة، فتلجأ إلى ما تستطيع عمله، وهو تدبير المكائد بخير كان أم بشر، المهم في النهاية أن تصل إلى مبتغاها، ويحتاج الكيد إلى الذكاء والفطنة ولا يحتاج إلى عضلات وخشونة، تستطيع بذلك السلاح أن تصل إلى الحكم كما وصلت إليه من قبل شجرة الدر بغض النظر عن نهايتها على يد زوجة أيبك بالقباقيب إلا أنها كانت امرأة تتمتع بكامل أسلحتها من فطنة وذكاء وكيد.

أما الرجل فهو محب للسطوة والقوة والسيطرة فيستخدم تلك الأسلحة للفتك بأعدائه سواء دعم تلك القوة بالمكر والحيلة أم لا وعندما ينتصر قد يقهر أعداءه ويدمر ما تبقى لهم من كبرياء وكرامة، وهذا ما لا يطيقه أحد رجلا كان أم امرأة، كما كان يفعل ملوك الهكسوس ومعظم قادة الجيوش علي مر العصور.

الغلبة إذًا ليست ذات مقياس محدد، فقد تخدمك الظروف، وتمهد لك الطريق للانتصار أيًا كان سلاحك، ومهما كان نوع المحارب رجلا أو امرأة، والبقاء دائمًا للأقوياء، ولا يشترط بوصف القوة هنا كم العضلات، إنما تكمن القوة في الصبر علي القتال وتوفيق الظروف للنصر، واليقظة المستمرة حتي تتضح الأمور وتصل الحرب إلى نهايتها.

ورغمًا عن قوة تلك الأسلحة وقدرتها على الفتك بالعدو، تبقى قدرة المولي عز وجل فوق الجميع، فمن استعان بالمولى عز وجل واستغل قدراته بيقين بقدرة الله على نصره وأخلص النية لله تعالى سوف ينتصر مهما بلغ ضعفه، ومهما قلت حيلته سوف يهزم عدوه هزيمة ساحقة، فالتوكل على الله يصنع المعجزات.

وبعيدًا عن قدرة الخالق وعونه على النصر، ستظل المرأة تستغل كل ما لديها من حيلة ومكر، وسيظل الرجل يستغل قدرته علي القهر لينتصر، وسيظل الصراع قائمًا بينهما، كل منهما يسعى لقيادة الآخر وللسيطرة عليه، والمرأة الذكية، هي من تترك الرجل يظن أنه يملك زمام الأمور، ولكن في حقيقة الأمر هي من تقود، العبرة ليست بالعضلات، العبرة بالعقل والحكمة في إدارة الأزمات.

يظن الرجل أحيانًا أنه قد يضرب امرأة بامرأة أخرى، ولكنه في حقيقة الأمر قد أوقع بنفسه في براثن التيه، فقد يفقد السيطرة، وتتلاعب به كل منهما وتدمره، فالمرأة سلاح فتاك، من لم يأمنه وقع في التهلكة فحذار والعبث مع امرأة، فهي تحمل في جعبتها من الدهاء ما قد يدهشك، وتتحول حياتك إلى معاناة مستمرة.

ليست كل النساء صالحات وليس كل الرجال ذوي قهر وقدرة، ويظل الصراع بينهم مستمرًا إلى أن تنتهي قصة الحياة الدنيا، وكل منهم يبرع في ابتكار أساليب للسيطرة إلا من اتقى الله وتفهم معنى العلاقة السوية بينهم، العلاقة القائمة على العدل والمودة والرحمة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط