الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هادي حجازي يكتب: هكذا تكلم أبو العلاء (2)

صدى البلد

ثم أبحرت السفينة بابي العلاء متجهة نحو شاطئ الجزيرة التي قصد اليها وهي جزيرة بها أناس سمع ابو العلاء عنهم انهم يعبدون الشمس وان عليهم ملك يدعى تاناميوس وقد سمع ابو العلاء عن عدله تجاه من هم علي ملته غير انه شديد الظلم نحو من هم علي ملة اخرى مثل ابو العلاء فلما سأله احد التجار الذين علي السفينة عن نوع تجارته حيث ان هذه الجزيرة هي الوحيدة التي تعبد الشمس في الارجاء.

 ومن المعلوم لدى السائل ان ابا العلاء لا يعبد الشمس ومعلوم لديه ايضا عسف ملك هذه الجزيرة بمن علي غير دينه ان اقام بها فصار لا يدخل اليه ممن هم علي غير دينه الا التجار وهم فقط ينهون امر تجارتهم ويرحلون ويمنع عليهم ان يأكلوا في حوانيت المدينة وخاناتها وعلي هذا سال التاجر ابا العلاء اي تجارة تذهب بها الي هذه الجزيرة فرد ابو العلاء انت تسالني عن تجارتي.

 وانا اقول انما جعلت التجارة للانسان وليس الانسان للتجارو وانا حيث اتاجر لا اطلب المال وانما اطلب الاجر من عقلي الذي في راسي والذي لا يخمد لهيبه الا برد الوعي الي كل متوهم اغراه وهمه باستعباد نفسه للخليقة التي اوجدت فيه هذا الوهم وغذته بماء رواياتها واساطيرها انني ابو العلاء الضعيف لا اجد غير هذا اتاجر به غير انك لا تضعني في مخيلتك الا ابو العلاء الجبار فكل قوة في العقل تبعث في الهيئة قوة ليست متصورة ممن ضعف عقله من قمعه له .

 انك ان تقمع عقلك تخلف وراءه غريزة تتشرس بحرمانها وتنبح نحو العقل نباحا يأبى ان يخمد الا مع موت ابدي سواء جاء به القدر او استبقته انت فاجهزت علي نفسك ، ايها التاجر ان كل تجارة لا تبتغي الربح ليس لها من ذات اسمها من نصيب ولا من حظها طريق انك ان لم تكن تتصور ان ربحا ينتظرك علي هذا الشاطئ البعيد ما كنت لتتكبد عناء السفر ، ايها التاجر ان هذا الذي تصورته في غيبك ان تحقق تقل بانك كنت سعيد الحظ وان الطبيعة قد ساندتك وان لم يتحقق ولقيت عسفا من ملك تلك الجزيرة او عسفا من الطبيعة التي قد تطيح بتلك السفينة التي نخوض بها غمار البحر ظننت انك انت من اخطا في حساباته او بانك تعيس الحظ غير انني والحق اقول لك ان الملك الذي ينتظرك علي شاطئ الجزيرة والطبيعة التي تتربص بك في عرض هذا البحر لا يأتمران بأمر خيالاتك ولا يعصيانها ان قوة اخرى تمسك بتلابيبهم لتخرجهم عليك كالكلاب او تضعهم تحت اقدامك كالعبيد اتدري ما هذه القوة ، وهنا قطع حديث ابو العلاء صوت استغاثة من علي متن السفينة متبوعة بصيحة قيل فيها "ان السفينة قد تغرق".