الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدول الفاشلة.. أقدار عربية


كانت ثورات ما سمي بالربيع العربي، وقد كان الخريف الأسود بعينه وبالا على المنطقة العربية؛ ليس فقط لعدم قدرة هذه الثورات على تحقيق كامل أهدافها، وخصوصا في الدول التي شهدت هذه الفوضى الجبارة سواء في اليمن أو تونس أو مصر أو ليبيا أو سوريا.

وباستثناء مصر - التي خرجت سريعًا من دائرة الفوضى هذه، وعاد الأمر للاستقرار وحالة الدولة سريعًا - فإن باقي الدول التي شهدت الخريف الأسود في عام 2011 وليس الربيع العربي، قد انزلقت جميعها للتدهور الأمني والاقتصادي والسياسي.

ومع التوقف أمام أي نموذج لهذه الدول وليكن اليمن أو ليبيا أو سوريا أو تونس سنجد أنها جميعها انزلقت للخراب. ولم تسقط الأنظمة فقط كما كان مخططا لهذه الثورات وظهرت أنظمة جديدة. ولكنها الدول ذاتها سقطت.

فالوضع الذي تعيشه ليبيا الآن لا يوحي بأنه ستعود الدولة لطبيعتها وقوتها قبل 20 سنة على الأقل من الآن. ليس فقط بسبب التناحر والإرهاب الذي دب بين مختلف أطراف العمل السياسي هناك، ولكن لتفكك مفاصل الدولة ذاتها.

فالدولة أضحت أقاليم مفككة وعناصر وتنظيمات مسيطرة، صحيح أن هناك محاولة لفرض تسوية سياسية من جانب العديد من الأطراف الإقليمية والدولة لاستعادة الاستقرار في ليبيا، لكن هذه أماني غالية؛ لأن هناك أطرافا أخرى إقليمية ودولية تستفيد من حالة الفوضى في ليبيا.

وتستفيد من استباحة موارد هذا البلد النفطي الغني.

الحال لا يختلف كثيرا في اليمن. صحيح أن اليمن كان من البداية دولة فقيرة الموارد والامكانيات لكنه كان دولة مستقرة، وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع علي عبد الله صالح الرئيس اليمني الراحل فقد استطاع إنهاء الحرب الأهلية وإدامة حالة الاستقرار في صنعاء عقودًا طويلة.

سوريا التي بقى النظام فيها حتى اللحظة بفاتورة ضخمة من الدم والخراب والمآسي الإنسانية، تعاني الأمرين أيضا، وتعاني دمشق كذلك من حالة تفكك مفاصل الدولة والتي لم تأت بإرهابيين فقط يسكنونها، ولكنها جاءت بدول محتلة، والنموذج الروسي والإيراني والتركي في سوريا خير دليل.

الخلاصة من هذا كله أن ما سمي بالربيع وكان تخريبا متعمدا للدول العربية، قد أظهر حالة مريرة من الدول الفاشلة والتي تترنح اقتصاديًا وسياسيًا، وهذا ما يدفعنا إلى طلب "مشروع مارشال عربي" من جانب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الغنية؛ لإعادة ما دمر شرط أن نتفق أولا على إنهاء الصراعات وننتصر للأوطان وليس للأجندات الإرهابية والجريمة المنظمة.

وإذا كان البعض يرى أن إسطوانة الإرهاب هذه مكررة وتتلى عبر 8 سنوات، فالحقيقة أنها الإسطوانة الوحيدة الموجودة والمتداولة، فالإرهابيين ليسوا أشباحا، والأجندات الشريرة للفتك بالدول العربية لم تخمد، وهناك كيانات كبرى تقف وراءها وتشجع عناصرها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط