الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد الشافعي فرعون يكتب: في شوارعنا قنابل موقوتة


وكأننا أصبحنا على موعد مع الكوارث التي ينتج عنها عشرات القتلى والمصابين، فلم نكد ننتهي من قراءة الفاتحة على قتلى حادث قطار البدرشين، والدعاء للمصابين بسرعة الشفاء، حتى وافتنا الأنباء بانهيار عقار مكون من 8 طوابق بشارع الرحاب بالمعمورة يحوي 24 شقة كلها مشغولة بالسكان، وأن عدد القتلى تجاوز العشرين والمصابين بالعشرات.
المبنى وفقا لتصريح محافظ الإسكندرية المستشار محمد عباس تم بناؤه عام 2005 بدون ترخيص، في الوقت الذي أكد فيه مدير المباحث الجنائية اللواء ناصر العبد أن الترخيص الصادر للعقار كان 5 طوابق فقط.
عندما أعلن الدكتور زكريا عزمي في مجلس الشعب قبل سنوات أن الفساد في المحليات "للركب" لم يصدقه أحد، ولم ينتبه أحد أو يتحرك من الأجهزة الرسمية في الدولة لمواجهة هذا الفساد الذي شاع وانتشر في كل ربوع مصر، ليأتي انهيار هذا المبنى وما سبقه وما سيليه كنتيجة طبيعة لهذا الفساد بإضافة المالك عدة أدوار بالمخالفة للترخيص الصادر تحت أعين أجهزة المحليات المختصة التي وافقت على مد هذه الأدوار "المخالفة" بالخدمات المختلفة من كهرباء وماء وغيرهما، ولم يتحمل العقار الأحمال الزائدة للأداوار المخالفة فانهار.
العقار المنهار ليس هو الأول كما أن بشائر وزير الإسكان الدكتور طارق وفيق التي أفجعنا بها في مؤتمره الصحفي تشير إلى أن هذا الانهيار لن يكون الأخير، حيث يوجد في شوارعنا 318 ألف عقار تم بناؤها بدون ترخيص خلال الفترة من 2009 إلى 2012 فقط، منها 14500 عقار في الإسكندرية وحدها والباقي في كل ربوع مصر، وهذا العدد هو المعلن عنه فقط وما خفى كان أعظم، وهى نتيجة مباشرة لفساد المحليات التي تجاوزت كل الحدود تحت عين وسمع الحكومات المتعاقبة.
إذا فنحن أمام 318 ألف قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر في أي لحظة وينتج عنها المئات من القتلى والمصابين في طول البلاد وعرضها، وهو الأمر الذي يتطلب سرعة الانتهاء من قانون المحليات وسد الثغرات التي كان يلجأ إليها ضعاف النفوس من أصحاب العقارات وموظفي الإدارات المحلية بدعوى المساهمة في حل مشكلة الإسكان التي تعاني منها مصر منذ سنوات طويلة، وفي الوقت نفسه عمل مسح شامل لكل العقارات المخالفة سواء التي لم يصدر لها ترخيص أو خالفت الترخيص الصادر لها بإنشاء أدوار إضافية أو العقارات القديمة التي انتهى عمرها الافتراضي وأصبحت تشكل خطرا حقيقيا على حياة الناس وإعادة تأهيلها وفقا للقانون وبكل حزم، مع توفير الدعم اللازم للوزارة المسئولة في مصر عن حل مشاكل الإسكان والتي لا نرى لها جهدا واضحا في هذا الخصوص.
مشكلة الإسكان في مصر ليست وليدة اليوم ولا الأمس، وإنما هى مشكلة مزمنة نعاني منها من عشرات السنين، وسببها عدم وجود إرادة حقيقية لعلاجها وإنما كان يتم الاكتفاء بالحلول المؤقتة والوقتية التي تنتهي بنهاية عمر الوزارة، لتظهر المشكلة من جديد مع كل وزارة جديدة بانهيار عقار، وتنتهي حياتها أيضا بانهيار عقار، ليكون عدد العقارات المنهارة هو أهم ما يميز كل وزارة.