الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.محمد فوزى يكتب: نيوزيلندا فعسى أن تكرهوا شَيئًا ويجعلَ اللهُ فيه خيرًا كثيرًا

محمد فوزى
محمد فوزى


فى الوقت الذى غضب فيه المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها للحادث الإرهابى الذى هز كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، والذى وقع يوم الجمعة الماضية فى مسجدين بنيوزيلندا راح ضحيته 50 مسلمًا نحسبهم عند الله من الشهداء الذين اصطفاهم الله ليموتوا فى بيته فى خير يومٍ طَلُعت فيه الشمس، أرى أن هذا الحادث ربما يحمل في طياته خيرًا للإسلام والمسلمين مصداقًا لقوله تعالى: " فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا". 

فقد طالعنا عقب هذا الحادث الكثير من الأخبار عبر وسائل الإعلام والتى تبين مدى تعاطف غير المسلمين مع ما حدث، ، ومن ذلك قيام الكثير من غير المسلمين فى الدول الغربية بوضع باقات من الورود أمام المساجد والوقوف أمام تلك المساجد لحمايتها أثناء تأدية المسلمين للصلاة، وأيضًا ما قام به لاعب نيوزيلندى غير مسلم يسمى "كوستا بارباروسيس" بالسجود فى أحد ملاعب كرة القدم بنيوزيلندا معلنًا عن تضامنه مع ما حدث، ومن ذلك أيضًا زيارة وفد من بعثة نيوزيلندا المشاركة فى الأولمبياد الخاص العالمى والتى تستضيفها أبو ظبى مسجد الشيخ زايد الكبير برفقة عائلاتهم.

لذا أراى أن الفرصة سانحة الآن لتعريف الغرب بتعاليم الاسلام وسماحته، وأن ما يقوم به بعض المتطرفين ممن ينتسبون لهذا الدين زورًا وبهتانًا لا يمثلون الاسلام بأى حال من الأحوال. وأرجو من الجاليات الاسلامية فى الدول الغربية أن ينشطوا فى تلك الفترة على هذا النحو:

أولًا: أن يثبتوا على دينهم ولا يتراجعوا إطلاقًا عن الذهاب لأداء الصلاة فى المساجد، لكى يبينوا للجميع أنهم يؤمنون بهذا الدين وثوابته، وأن مثل هذ الحادث لن يزحزحهم أو يزعزع إيمانهم به قدر أنملة.
ثانيًا: أرجو منهم أن يوزعوا كتيبات تبين للغرب سماحة الاسلام وتعاليمة التى وردت فى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بلغات تلك البلاد التى يعيشون فيها.

ثالثًا:عقد ندوات لتعريف الغرب بالاسلام، واستثمار تعاطف الأجهزة الأمنية والأهالى فى بعض الدول مع المسلمين بسبب ما حدث فى نيوزيلندا، ولتكن البداية بهؤلاء المتعاطفين الذين قد تدفعهم فطرتهم إلى الدخول فى هذا الدين. 

رابعًا: قيام بعض الرجال من المسلمين والمتعاطفين معهم من زملائهم ممن يشغلون وظائف فى الجيش أو الشرطة فى تلك الدول الغربية بالمناوبة أمام تلك المساجد بعد أخذ التصاريح اللازمة من الجهات المنوط بها ذلك، وهذا من باب الأخذ بالأسباب فيجب علينا ألا نترك ظهورنا مكشوفة لمثل هؤلاء المتعصبين الذين يتعاملون مع المسلمين فى بلادهم وكأنهم فى حرب معهم. 

وعلى المؤسسات الدينية فى الدول الإسلامية بأكملها وعلى رأسها الأزهر الشريف -الذى نقدر دوره فى هذا الميدان- أن تنشط فى مجال الدعوة بإيفاد عدد أكبر من المبتعثين إلى تلك الدول الغربية، وتكون المهمة الرئيسية المنوط بهم أن يعملوا لأجلها هى نشر صحيح الدين والتعريف بالاسلام وسماحته بعيدًا عن أى تطرف أو غلو.

وإذا كانت تلك النقاط السابقة التى ذكرتها آنفًا تحتاج إلى دعم مادى من المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها حتى تدخل طور التنفيذ فلن يتأخر أحد قط عن تقديم الدعم اللازم لذلك، بشرط أن يصل ذلك الدعم المادى لهؤلاء عبر مؤسسات دينية معترف بها ومشهود لها بالنزاهة والأمانة وتحت رقابة صارمة كى لا يقع فى يد أناس آخرين يستغلونه فى نشر أفكار متطرفة بعيدة كل البعد عن صحيح هذا الدين. 
وفى النهاية أرجو أن يلقى كلامى هذا قبولًا لدى الجميع ولا سيما القائمين على تلك المؤسسات الدينية فى بلادنا الإسلامية، وأن يتحرك الجميع من الآن لاستثمار تلك الفرصة.