الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لائحة جزاءات الأعلى للإعلام


القرار الذى أصدره المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تحت رقم 16 لسنة 2019، ونشرته الجريدة الرسمية، أمس، تحت مسمى لائحة الجزاءات، أثار العديد من التساؤلات، فى الأوساط الصحفية، والإعلامية، وتباينت الآراء حول أهدافها، فهناك من يرى أنها جاءت لتكميم الأفواه، والقضاء على ما تبقى من حرية الرأى والتعبير، وهناك من يرى أنها تحكم العشوائية فى الأداء التى يتسم بها المشهد الإعلامى.

غير أن الخوض فى لائحة الجزاءات، دون دراسة فاحصة ومتمعنة، قد ينتهى إلى حالة من السخط العام فى الوسط، خاصة فى ظل الترديد لها، على أنها ضربة قاضية للصحافة.

وعندى، أن اللائحة التى جاءت متضمنة 29 بندا، جمعت بين المحاسن، والمساوئ، التى تجعل الحكم عليها بأى منهما تحيزا لأمور غير واقعية، أو إنكارا لأوضاع هى بالأساس فى حاجة إلى ضبط، خاصة فى الأداء الصحفى والإعلامى.

المساوئ، عندى ليست فى بنود اللائحة، وإنما فى تداعياتها، وأهدافها، والتى يمكن القول اختصارا، أنها عكست حالة الضعف والوهن التى تعيشها نقابة الصحفيين، التى سبق وأن أبدت ملاحظات عليها، وعلى كثير من التشريعات الصحفية التى تم إقرارها بالفعل، غير أنها لم يتم الأخذ بها، وتم تجاهل رأى النقابة، وإن كانت هناك استجابة، فلم تعد أشياء لا تذكر، وعكست أيضا حالة الانقسام بين مجلس النقابة، والجمعية العمومية، التى تعد مصدر القوة الحقيقى للنقابة، فجاءت اللائحة لتمثل افتئاتا على النقابة.

عكست اللائحة أيضا، ضعف الهيئتين الوطنيتين، للصحافة وللإعلام، اللتين لم تقدما أى جديد، وتحولت إلى مجرد كيانات نظرية، لم تقدم أو تؤخر، للصحافة، أو للإعلام، رغم ما خولهما الدستور والقانون من صلاحيات، كانت كفيلة، حال قيامهما بدورهما، بعدم تدخل المجلس الأعلى للإعلام، فى اختصاصاتهما، مستغلا النصوص القانونية التى توسع فيها بشكل طغى على صلاحيات الهيئتين.

هذا بخلاف المساوئ الأخرى، التى تضمنتها اللائحة، والتى تدخل فى إطار تحجيم الأداء، والتوسع فى العقوبات، وفرض الغرامات، التى تصل إلى حد سحب التراخيص، وغير ذلك من الأمور التى تمثل، فى رأينا، عوامل تؤثر سلبا على الأداء الصحفى، تحديدا، والإعلامى بصفة عامة.

غير أن بعض الجوانب الإيجابية التى حملتها اللائحة، يجب الإشارة إليها، منها التأكيد على الأداء الصحفى والإعلامى، الذى يتفق مع الأكواد، ومع مواثيق الشرف الصحفية، والإعلامية، وهو الأمر الذى نعانى منه، وعن جد، خلال الأداء الإعلامى، الذى لم يعد يلتزم، بالمعايير المهنية، أو المواثيق الصحفية، وتحول كل من يعمل به إلى رئيس تحرير نفسه، فى وقت تم فيه التوسع فى الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعى، كمصدر للمعلومات، وهو ما سبق وأن حذرنا منه، مرارا وتكرارا، سواء فى مقالات سابقة، أو حتى فى "لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة" وهى لجنة معنية بالعمل النقابى والتشريعى، الأمر الذى أدى إلى حالة من الفوضى، ليس فقط فى الأداء، ولكن فى صناعة مصادر، لا علاقة لها بالتخصص، مما جعل الإعلام يفتح صفحاته، عبر الصحف، وأثيره عبر الإعلام المسموع والمرئى، لمنتحلى الصفة، ومدعى العلم والثقافة والتخصص، مما أضر بالمهنة، وألحق الأذى بالمجتمع، بسبب الترويج لأفكار، من جانب غير متخصصين.

اللائحة لاتزال فى حاجة إلى دراسة، ومناقشة دقيقة من جانب المهتمين، وهنا أدعو نقابة الصحفيين، إلى تنظيم جلسات استماع حولها، وبيان أهم ما تحويه من إيجابيات وسلبيات، حتى يمكن تطبيقها بشكل يخدم المهنة، ولا يساهم فى الانتقاص من حقوقها، خاصة فى ظل غياب تداول المعلومات، وهو أمر يجب أن تتنبه له الجهات المعنية بالدولة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط