الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ميسرة السيد تكتب .. تمزق الهوية المصرية

ميسره السيد
ميسره السيد

الهوية هى عصب الأمة، وبنيان المجتمع لبناء حضارة, وقمة الهوية هى التميز أي أنت لابد أن تكون أنت، ومثلما قال أرسطو:" أ=أ ليس ب". ترتكز الهوية بمعناها الأوسع، وأسلوبها الشامل على أربعة مقومات، وهي: طوق التواصل الاجتماعي، الضوابط الاجتماعية، المعتقدات الاجتماعية، والفكر السياسي.

تتعدد أشكال الهوية، ومنها: الهوية الشخصية، أي تلك السمات المشتركة في شخص واحد فقط لا يشترك معه آخرين، أما الهوية الاجتماعية تشمل الصفات المشتركة في تعامل البعض مع بعضهم الآخر بمعنى التلاحم الاجتماعي، وتختلف خصائص تلك الهوية؛ لأن كل منطقة اجتماعية لها سماتها، وتخصصها، أما الهوية القومية ترتكز على مبدأ ( الدولة المثلى ذات الأمة الواحدة) بهدف إشراك جميع أطياف المجتمع في هوية واحدة.

تهدف الهوية إلى إيجاد الترابط بين جماعات المجتمع؛ لأن ارتباط الجماعات هو أحد أهم السمات الغالبة في العلاقات الاجتماعية بمعنى أن التجانس أي الترابط الفكري، والثقافي مهم من أجل البقاء حسب مقدرات الدولة السياسية، فالتجانس يؤدي إلى الانتماء, وهنا يتساءل البعض عما إذا كان الانتماء فطري أم مكتسب؟ لكن الأجابة عن هذا التساؤل قد يثير جدلًا واسعًا بسبب اختلاف العلماء حول ذاك الموضوع، ولكن حديثًا توصل البعض إلى أن بناء الانتماء تتدخل فيه عناصر استراتيجية؛ لتكوين انتماء يهدف إلى خدمة بناء استراتيجية الدولة، لكن فسر البعض الآخر أن الانتماء فطري عن طريق توارث الأجيال للعادات، والتقاليد، لذا يمكن القول أن الانتماء إما فطري، مكتسب ،أوكلاهما.

تعرضت مصر إلى هجمة شرسة من خلال الهجمات السيبرانية أفقدتها هويتها، وعرضتها لعدة أزمات اجتماعية، ونحن بلا شك نعرف أسباب تمزق هويتنا، فالسبب الأول يتمثل في تعمد أجهزة مخابراتية لتغيير ثقافة المجتمع حيث أصبح العبث بمجتمع توازي تكلفته ثمن دبابة، أما السبب الثاني هو استقصاء المعلومات من جهات مغلوطة؛ لإثارة الرأي العام، وبلغت نسبة الإشاعات في مصر خلال ثلاثة أشهر 21ألف شائعة، وعن السبب الثالث يمكن القول أن استغلال مبدأ الحرية للسيطرة على الإعلام نتج عنه انشقاق في المجتمع من خلال تدخل إحدي الدول بقوتها الناعمة، والمتمثلة في المسلسلات من السيطرة علي ثقافة الشعب طيلة فترة حكم الإخوان.

ونستخلص من تلك الإرهاصات أن التحديات الاجتماعية لمصر أكبر، وأخطر من التحديات الاقتصادية؛ لأن الانقسامات الاجتماعية أدت إلى فقد الثقة بين الأهل، وأبنائهم كذلك فقد الثقة بين الشعب، والحاكم، وأصبح للبلاد هوية سهلة السيطرة عليها من خلال تشويه الرموز الوطنية, ترويج الشائعات إلى جانب نشر الإحباط، ولمواجهة تلك الأزمة يجب التلاحم بين الدولة، والمجتمع المدني من أجل إرساخ مفهوم للهوية المصرية بدلًا من العبث بها،وخلق مجتمع قوي مترابط من خلال الاهتمام بالتعليم، التواصل مع المثقفين، احتواء الشباب، وضع خطط استراتيجية مؤسسية يناط بها كيفية إنماء المواطن المصري المعتمد دومًا على تاريخه،وحضارته. 

مصر هي عمود الشرق الأوسط،ومحور الارتكاز، يحاط بها الكثير من المؤامرات بهدف تمزيقها إلى دويلات بما يخدم مصالح الدول الكبرى، ولأن مصر عصية على التقسيم تم استهدافها من خلال الهجمات الإلكترونية بهدف ترويج الشائعات، وبث الخوف، فتمزيق المجتمع الداخلي يساعد في إسقاط الدولة. إذًا الوعي المجتمعي، وشفافية النظام هما عمودان الحفاظ على الهوية؛لأنها متغيرة، وليست ثابتة، فهي تتواصل لحقبة زمنية معينة؛ لتفرز حضارة، وعقب الحرب العالمية الأولى ظهرت البعثات الاستشراقية، وعلم الأنثربولوجيا ؛ بهدف تغيير مفاهيم، وثقافات دول العالم الثالث من أجل تمهيد الطريق لسيطرة الدول المتقدمة عليهم دون إطلاق رصاصة واحدة- تعرف تلك الحروب حديثًا بحروب الجيل الخامس-