الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد سعيد العوضي يكتب: إليهم وإليه!

صدى البلد

إلى الذين عكرت المآسي صفو أيامهم ، و إلى الذي لم يكترث و باغت ..
إلى الذين هوى بهم الصمت في مكانٍ سحيقٍ ، و إلى الذي نفّض عن نفسه التراب و جاهد ..
إلى الذين هشمتهم نار الافتراق ، و إلى الذي حمل لواء الوحدة العربية و صارع ..
إلى الذين تؤرق أفكارهم تفاهات الأمم ، و إلى الذي أوجعته مصائب موطنه و قاوم ..
لعلها المفارقة المخجلة و الواقع المؤلم ،، ما بين جموع الساكتين و حماس شابٍ يشارف العشرين ،، ما بين ارتضاء الظلم و الطغيان و اندلاع ثورته كالبركان ..
لعلها بداية نهوض ! و لكن كان قبلها بداياتٌ عدة و لم يتغير من الألم شيئًا ،، و لم ننهض !
نحن نتفاءل بالصمت ، نحلم بمستقبلٍ مشرقٍ لا يجد الشمس ، نرى و نتألم و نكمم الأفواه ، ولا يحرك غيرتنا طواغيت الظلم .. ربما لأننا ارتضينا صناعة الطواغيت في بلادنا ،، فهل سنجرؤ على مقاومة طواغيت الدخلاء !! ارتضينا بواقعنا القاسي و لكنه لم يرضى !
يطل بهيئته المضيئة كإشراق الشمس و صفو ضحاها ، يحسبه الناظر إلي براءة شبابه أنه لا يعرف من هموم الحياة شيئًا و لكنه بداخلة قضية يتناساها العديد من أبناء جيله ،
حمل على عاتقه قضيةُ نضالٍ حتى تحقق له ما أراد و نال من ربه أحسن الجزاء في الدنيا و جُل المنازل في الآخرة ..
عمر أبو ليلى ، الشاب المغوار الذي تحلى بصفات سابقيه من عظماء الأمة الإسلامية الذين سُطِّرت أسماؤهم في روايات الجهاد و النضال في سبيل الله و رفعة راية الإسلام ليكتب اسمه معهم بحروفٍ من ذهب ..
كان يعلم تمامًا أن ما يلزمه للنضال لا يضاهي و لو جزءًا بسيطًا من معدات و أسلحة العدو ، و لكن نيران الثورة و الحنق من المحتل بداخله أرشدت عقله أن يرسم طريقًا بسيطًا يستطيع بيه تنفيذ ما يتمناه ..
سكين خضار .. إذا سألتك عن تلك الأداة فستجيب أنها يتم استخدامها في العديد من بيوت العرب لتجهيز موائد الطعام الضخمة و الفاخرة لتملأ البطون تمام الملء ، أو يتعامل بها الشباب الطائش بين بعضهم البعض في الصراعات الشبابية التافهة ، و لكن عمر رأى في هذا السكين وسيلةً لتحقيق غايته الشريفة و هدفه الأسمى ..
ابن التاسعة عشر ربيعًا الذى وُلد في بلدة الزاوية غرب محافظة سلفيت مسك بسكينه و اقتحم تجمعًا لجنود الاحتلال و طعن أحدهم و استولى على سلاحه ثم أطلق النيران على العديد من الجنود الإسرائيليين ، و لم يكتفي ذلك البطل عند هذا القدر حيث قام بالإستيلاء على مركبة إسرائيلية و هاجم بها أكثر من تجمع للمستوطنين و الجنود .
و قد أعلن جهاز الأمن الإسرائيلي " الشاباك " أن هذا الإشتباك نتج عنه إصابة جنديين بجراح خطرة و مقتل جندي و الحاخام المستوطن " أحيعاد إيتنجر " الذي سبق و أن قام بقتل و إحراق عائلة دوابشة في نابلس كما أنه كان مسؤولًا عن المدرسة الدينية العسكرية و التي تخرج منها المستوطنين المجندين في الجيش الإسرائيلي .
جاء الرد بعد ذلك من قوات الإحتلال حيث تسللت وحدات خاصة على هيئة سيارات خضار إلى القرية لتحاصر المنزل الذي تحصن فيه عمر لتتبعها عشرات الآليات و طائرات الإستطلاع . و على الرغم من ذلك فلقد استمرت فدائية و شجاعة عمر و ظل يقاوم قوات الإحتلال حتى انتهى هذا الإشتباك بمقتل عمر الذى صعدت روحه إلى خالقها تزفه الملائكة شهيدًا .
و يبدو أن اعتناق عمر لتلك القضية لم يكن محض صدفة و إنما عقيدة توارثها من أمه الصابرة التي تروي تفاصيل استقبالها للخبر أنها قامت بالزغردة فرحًا لما قام به ابنها البطل الشهيد .
و ما كان عمر إلا استكمالًا لسلسلة روايات الفدائيين في فلسطين المحتلة مثل ما قام به رائد عبد الحميد مسك و قتله لعشرين مواطن إسرائيلي ، و شادي النباهين الذي قام بتفجير نفسه حينما كان يقود دراجته بالقرب من دورية إسرائيلية ، و باسل الأعرج و صالح البرغوثي و غيرهم .

ثمة بطولات فردية يقوم بها مناضلون قرروا أن يحملوا راية الجهاد على عاتقهم ، فمتى يأذن الله لنا باندلاع جماعي عربي من المحيط إلى الخليج حتى تعود فلسطين حرة إلى أهلها و شعبها الصابر ؟