الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نوروز الأمة الديمقراطية


منذ آلاف السنين يحتفل الكرد بعيد نوروز تعبيرًا عن فرحهم بقدوم الربيع وما يحمل من خير وبركة وفرح والتي تبدأ الطبيعة بلبس ثيابا الملونة بكل الألوان، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل مع النهار مما يعني توحد الطبيعة مع ذاتها. كل ذلك يحدث بعد فترة أو شهور طويلة من الشتاء القارص ولوه الداكن المظلم والذي يوحي إلى الانعزالية والتقوقع على الذات والإقصائية لكل ما يوحي بجمال الطبيعة الغناء. وبنفس الوقت يرمز هذا اليوم إلى المقاومة عند الكرد وباقي الشعوب التي توحدت يومًا ما في وجه ظلم وجبروت الامبراطورية الآشورية التي كانت تُعرف بأنها بنت أمجادها من جماجم الشعوب وقتلهم.

منذ آلاف السنين ويتوق الكرد للحرية والانعتاق من العبودية التي أجبروا عليها حتى راهننا وهم ما زالوا يقاومون كل أشكال الظلم والدكتاتوريات على مرّ التاريخ عمِلت النظم المستعمرة للشعوب على زرع النفاق والكذب الذي تمّ تلوينه بألف لون ولون وتقديمه للشعوب على أنه الحقيقة لخداعهم وجعلهم كقطيع تنجرّ وراء نزواتها وغرائزها، رفضها الكرد بتاتًا وأصروا على استمرارية المقاومة والنضال بكافة أشكاله للوصول للحقيقة الطبيعية للانسان الذي لا يقبل بالعبودية ولا يخنع للقوى الدكتاتورية. 
نوروز الذي كان عيدًا للكرد طيلة هذه السنوات المليئة بالخداع والرياء، بات الآن يعود لطبيعته وحقيقته أكثر وأكثر وذلك من خلال الاحتفال ومشاركة الشعوب الأخرى الكرد، بهذه المقاومة والإرادة التي لا تعترف بما داخل الصندوق فقط، وتُصِرُّ على أنَّ الحياة لها معنى فقط حينما نكون أحرار وأصحاب إرادة تعر عن ذاتنا الحقيقية فقط.
حاولت معظم النظم الدكتاتورية إلغاء عيد نوروز أو إخراجه من معناه وجوهره ليس لشيء، إلا لإبعاد الكُرد والشعوب عن حقيقتهم التواقة للحرية. وبذلك ارتبط نوروز بالحرية والكرامة والمقاومة والتضحية والحقيقة، وغير ذلك لا معنى لنوروز بتاتًا.

ارتكبت معظم النظم الدكتاتورية مجازرها بحق الكرد في هذا الشهر المبارك وحولته من شهر الجمال والربيع وتدفق الحياة، إلى شهر الموت والقتل والدمار والخراب والشتاء الطويل الذي طال انتظار رحيله. لم تترك النظم الحاكمة من وسائل وطرق وحشية إلا وجربتها على الكرد كي لا يحتفلوا بهذا اليوم، إلا أن كافة محاولاتهم باءت بالفشل وكذلك سياساتهم القمعية.

ونحن على أعتاب القرن الحادي والعشرون يحاول أردوغان تركيا الاستمرار بوحشية رؤوسائه السابقين وكما فعل صدام أيضًا في قتل الكرد في شهر أذار ونوروز. لكن إصرار الكرد والشعوب الأخرى على الحرية ومقاومة وحشية الدكتاتورية ستفرغ كافة محاولات أردوغان في التوصل لأهدافه الاجرامية. فكيفما أن الضحاك "أزدهاك" الديكتاتور الاسطوري الذي كان يرهب البشر من خلال قتلهم وتخويفهم لتركيعهم، إلا أن كاوا الحداد "استياغ" الذي نجح في قتل هذا المجرم، وأشعل النار على قمة قصره مبشرًا بانتهاء عصر الظلم والظلمات والقهر والقتل. كذلك فعلتها قوات سوريا الديمقراطية الآن في دحر أعتى ما انتجته قوى الرأسمالية الديكتاتورية من وحوش العصر والتي سُميت باسماء مختلفة من داعش والنصرة والقاعدة وفصائل أخرى تأتمر بأوامر أردوغان "ضحاك" العصر، فعلتها هذه القوات من كرد وعرب وآشور وتركمان الذين مثَّلوا باتحادهم شخصية "كاوا" في دحر أردوغان وافشال كافة سياساته في المنطقة وكذلك قضت على داعش في آخر جيب له في الباغوز، وبنفس اليوم الذي اشعل فيه كاوا النار مبشرًا بقتل الظلم والقهر، كذلك أشعلت قوات سوريا الديمقراطية النار على جبال الباغوز مبشرين شعوب المنطقة والعالم بانتهاء وباء العصر ووحوشهم وأنه تمَّ القضاء عليهم.

أوجلان الذي استطاع من سجنه الذين أرادوه أن يكون قبرًا، كان بمقدوره بإرادته وفكره وفلسفته أن يحول هذا السجن من قبرٍ إلى معبدًا للحرية وتلاحم الشعوب وتوحدها، بوجه القتلة والمجرمين من أمثال أردوغان ومن يسير على خطاه. 

تحول نوروز من نوروز الكرد فقط إلى نوروز كافة الشعوب في المنطقة وبذلك أصبح هذا العيد هو عيدًا للحرية والكرامة والحقيقة وأخوة الشعوب. إنه نوروز الأمة الديمقراطية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط