الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هاني سمير يكتب: انبذوا العنصرية

صدى البلد

حدث جلل، مختل عقلي فجأة تراءى لى أنه أفضل من الباقين، أراد ان يطفو إلى السطح عبر مواقع التواصل الاجتماعي لكن هذه المرة على جثث الأبرياء، راح يطلق الرصاص على المصلين في نيوزيلندا وينتقل من مسجد إلى آخر.

شخص غريب الأطوار لا يختلف عن كثيرين في كل أنحاء العالم لا لشيء إلا لأنهم يرون أنفسهم الأفضل ذوي الدم النقي كأن دماءهم ليست حمراء كباقي البشر أو كأن خالقهم اختصهم بدماء منفردة وجنس فريد له أن يتسيد على الجميع.

الأمر الإيجابي في الحادث المروع كان تعامل الحكومة النيوزلندية معه، وإحالته للمحاكمة العاجلة، مع عدم ذكر اسمه ليكون نكرة لا يذكره أحد، وتحدى رئيسة الحكومة وارتدائها الحجاب وأمرها ببث أذان صلاة الجمعة على التلفزيون الرسمي للدولة؛ لتوجه رسالة للعالم كله تقول فيها "هنا نيوزيلندا هنا المعنى الحقيقي للإنسانية التى تقبل الأخرين أيا كان معتقدهم أو جنسهم أو لونهم أو أو".

في منطقتنا العربية الأمر يختلف صوريا فقط، هنا العنصرية تتسيد، الجميع يرى أنه الأفضل لسبب دينى أو طائفى أو جنسى أو وظيفي أو قبلي أو لون بشرته.

المسلم يرى أنه المؤمن الذي سيدخل الجنة بسبب إيمانه، والمسيحى كذلك يرى أنه ابن النور وابن الله بالروح القدس التي وهبها الله له بالمعمودية ولن يرى الفردوس غيره، وكذلك الملحد يرى نفسه تحرر فوق الجميع، الصعيدي يفتخر بانتمائه لهذا المكان هم يرون أنفسهم رجالا وأصل الرجولة بينما يراهم أهالي بحري "مقفلين" ، وفي الوقت نفسه ينظر أهالى الصعيد لسكان الوجه البحري أنهم "فرافير" أي أنهم لا يتحملون مشقة العمل مثلهم.

ناهيكم عن نظرة الرجل للمرأة التى لا تخفى على أحد، وتأتى دائما في المرتبة التالية له، بينما ترى المرأة أنها أرقى من الرجل الذي خلق من طين، بينما خلقها الله من ضلع أدم بعد أن أنزل عليه سبات، وهذا كتبته قسيسة تنتمى للكنيسة الإنجيلية على صفحتها بموقع "فيسبوك".

لكن الأمر المزعج بالنسبة لي تناول المصريين لارتداء رئيسة حكومة نيوزيلندا للحجاب، بينما رآها البعض تقبل للآخر ومواجهة عملية لمواساة أهالي الضحايا، كان هناك من يرى ذلك أنه "إسلام في بلاد لا تعرف الإسلام" ، وحينما قارن أحد الأصدقاء ذلك بمن يحرم المعايدة على المسيحيين في أعيادهم، انهالت عليه اللعنات والاتهام بمخالفة الدين والشريعة.

نحن غارقون في الفساد والرشوة في كل حدب وصوب، غارقون في السعي نحو الرغبات الجنسية والبحث عن مقاطع إباحية على محركات البحث على الإنترنت، لكن حينما نتحدث عن الدين ترانا علماء نصدر الفتوى نحلل ونحرم.

نتظاهر بالتدين، حتى أن من يمر بنا مرور الكرام، ربما يعتقد أن أيدينا ستضيء في الظلام من كثرة الصلاة لله، ألا تعلمون أن الدين سلوك أن الدين معاملة عبر عن إيمانك بتعاملك معى.

ليس الدين أن تترك مكان عملك لتصلي، ليس الدين أن تطيل الصلاة حتى يتسارع الوقت وينتهى وقت العمل، ليس الدين أن تأخذ قسطًا من الراحة بعد الصلاة ليمر الوقت سريعا على حساب عملك، بينما هناك من ينتظرك وسط زحام شديد يقف على قدميه حتى مل الروتين بسببك.

بثوا روح المحبة وانبذوا الكراهية والحقد تقبلوا بعضكم لا تنظر لديانة من أمامك قبل قضاء حاجته، فقط أعمل القانون وضع أمامك أن الله رحمة ويريد الرحمة، اعملوا بجد دون مماطلة دون تهرب دون ادعاء المرض للحصول على إجازة.

لا تكونوا عنصريين.