الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أصبحنا وأصبح الملك لله


كلمة مصرية صميمة، تعود أهالينا وخاصة من أصحاب الحرف أن تكون هى جملتهم الصباحية التى تدعو للتفاؤل واستقبال يوم مشرق متمنين فيه رزقا حلالا وفيرا.

أما اليوم فإننا نطلق تلك الجملة كنوع من الاعتراض والتمرد علي خط سير مناقشة ليس لها داع، أو خبر لا يستحق أن نبدأ به يومنا، وتبعا لفلسفة (الحمد لله فى السراء والضراء)، فإننا نصبح فى معظم أيامنا علي الأخبار الرديئة قبل الحسنة، وكأن القائمين علي إمدادنا بالأخبار يتسابقون في إطلاعنا عليها، وكأن من سيتجاهل نشر الخبر منهم سيفقد الكثير.

هل وجدت موقعا إليكترونيا واحدا يتجاهل ملابس محمد رمضان فى حفله الأخير؟
هل استشعرت مثلى أنه يعدد فى إمكانيات الحفل والبذخ المبهر، رغم محاولته البائسة إقناعنا أنه ينقده ومعترض عليه؟
هل رأيت كم برنامج ومذيع ومعد برامج تسابق لينال شرف الحديث عن رمضان ومن قبله حمو بيكا أو فلان أو فلان، وهو يتظاهر بشكل ردىء أنه إسفاف فنى وكيف ينحدر ذوقنا الفنى لهذا الحد ؟

فإن كان الوضع كذلك، فلماذا تصرون على ان تطالعونا بل وتتحفونا بتلك الأخبار فى بداية برامجكم، مدعومة بالصور و المقاطع الحية والتقارير المصورة!!

وما واجب الجمهور فى تلك اللحظة التى تقدمون له فيها مادة إعلامية منفذة بدقة عن شيء من المفترض أن يرفضه ؟ والأدهي من ذلك أنه إذا قرر رفضه وغيّر المحطة سيلاحقه التقرير فى بقية البرامج، أو بقية المواقع.

طبعا لأن هؤلاء القائمين لا ينتقون الخبر المناسب تقديمه وليس لديهم وجهة نظر حقيقية لما يجب تقديمه، فإن أرهق كل منهم نفسه لتقديم ما يليق من وجهة نظره،لأصبحت المادة الإعلامية منوعة، وفى الاختلاف رحمة بالجمهور، ولكن تري هل يصر هؤلاء ممن يطلق عليهم إعلاميون وصحفيون علي سقايتنا الفن الهابط والحديث عنه بتلك الكثافة صدفة ؟ أم لانعدام وجود فكر نقدى و فلسفى تعلمنا أنه يجب أن يمتلكه من يخاطب الناس؟ أم لأن هذه هى ثقافتهم أصلا ولا يرهقون أنفسهم للبحث و التنقيب عما هو أعمق منها؟ أم لشيء آخر يتعلق بالمصالح وتحويل مخاطبة الناس إلي تجارة، أو صناعة، أو سياسة!!( المهم يكون بعيد عن الثقافة).

فهل تعلمون أيها الإعلاميون أن مطربا جميلا اسمه (الكينج) أصدر عددا من أغنيات ألبومه الجديد ( وطن) علي موقع يوتيوب وأن بعض تلك الأغنيات التى تم رفعها منذ ما يقرب من شهر حققت نسبة مشاهدة تتعدى الاثنين والثلاثة ملايين مشاهدة !

هل عندكم خبر أن فنانا جميلا آخر اسمه (علي الحجار) ليس من جيل الشباب المقطع وحفلاته لا يوجد بها مقعد خال ! بل و يحمل علي عاتقه عمل صالون ثقافى يصقل فيه مواهب شابة بثقافة فنية رفيعة ويشجعهم ويقدمهم للجمهور!

هل عندكم خبر أن الفنانة الإنسانة (ماجدة الرومى) تغنى وتحيى حفلات مجانا لصالح الأسر الأكثر فقرا فى هذه الأثناء التى تنشغلون فيها بالحديث عن ما لا يجب الحديث عنه؟.

لا يقتصر ذلك علي الأغانى فقط، وإنما عشنا لسنوات نناشد وننقد وندعو لمقاطعة الدراما التى تصمم علي تكوين صورة ذهنية لدينا و لدي غيرنا عنا، إننا مجتمع منحل كل من فيه فاسقون ولهم علاقات مشبوهه، ويسكرون ويستحلون الحرام، وذلك كان من شأنه أن يبدأ الناس فى تصديق ذلك ورؤيته علي أنه ليس جريمة كبري، بمعني إمكانية فعله بقليل من تأنيب الضمير ليس إلا؟ وهذا ما نصبح عليه بين الحين والآخر أن كل من يفعل شيئا قبيحا يهرول إلي برنامج أحد الإعلاميين ليبكى و يعتذر معتقدا أن خطأه ليس جسيما، حتي هزم الجمهور صناع الدراما عندما تعفف عن أعمالهم بالاستغناء، وعدم مشاهدته لها ومقاطعتها، وتحقيق أعلي نسب مشاهدة لعمل ( أبو العروسة) الذى اعتبره المصريون طوق نجاة حيث الحياة الجميلة البسيطة الغنية بالقيم والموجودة فى عامة بيوتنا المصرية .

حتي أن الجمهور هزم الإعلام لأنه أجبره أن يتحدث عن العمل الذى يريد.
أصبح من الواجب علينا كمتلقين، ومثقفين، وجمهور فى المنازل ليس محاربة الفن الهابط فقط، بل هزيمة من يقدمونه لنا وهو محلي بالعسل.

ومثلما هزمنا تجار الدراما، سنهزم تجار الغناء، وتجار الإعلام، وتلك عاداتنا دائما نصبر ولا ننسي، نتغافل إلي حين وليس إلي الأبد، فاحذرونا يا من تصرون علي إعلاء قيمة الرديء وأنتم متصورون أنكم تقودون رغم أنكم فاقدو البوصلة .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط