الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مختار محمود يكتب : ادعوا لأخيكم "ترامب".. فإنَّه الآنَ يُعزَلُ!

صدى البلد

ادعوا لأخيكم "ترامب"، وأخلصوا له فى الدعاء، حتى يُفرِّجَ اللهُ كربَه، ويزيلَ عنه الهَمَّ والغَمَّ، بعدما هددَه الأمينُ العامُّ للجامعة العربية "أحمد أبوالغيط"، بالويل والثبور وعظائم الأمور، إنْ أصرَّ على الاعتراف بسيادة "إسرائيل" على مرتفعات "الجولان" السورية!

للهِ درُّك يا "أبا الغيط"، وقلبى معك يا "ترامب"، وأدعو مُخلصًا أن يُكظمَ "أبو الغيط" غيظه، ويتراجعَ عن وعيده وانتقامه، فمثلُه لا يخشى رئيسًا، ولا ملكًا مُتوجًا أو أميرًا مُنعمًا، وينفذُ تهديداته بقلبٍ لا يعرفُ رحمة، وجبروتٍ لا يصادفُ عطفًا ولا إحسانًا، وقد سمعَه القومُ كثيرًا وهو يرددُ داخل أروقة جامعته وخارجها بصوتٍ أجش مُرعبٍ: "لا نجوتُ إن نجا ترامب"!

الذى يجهله كثيرونَ، أنه منذ حلَّ "أبو الغيط" أمينًا للجامعة، قبلَ ثلاثة أعوامٍ، ورؤساءُ العالم ينامون من "المغرب"، حسبَ التوقيت المَحلىِّ لبلادهم، ولا يملكونَ رفاهيةَ السَّهر إلى "العشاء" أو بعدَ ذلكَ بقليل، وبعضُهم أصيبَ بالضغط المرتفع خوفًا، وبعضُهم أصيبَ بالسُّكر فزعًا، ومعظمُهم أصيب بالمرضين معًا، وجميعُهم باتوا مُصابين بالتبول اللاإرادى هَلعًا، وحارَ أطباؤهم فى تطبيبهم، وهناك تفكيرٌ فى مخاطبة وزيرة الصحة والسكان المصرية لاستقبالهم فى مصر لعلاجهم وإعادة تأهيلهم فى الوحدات الصحية الريفية، وردِّهم إلى بلادهم سالِمينَ مُعافينَ!

ويترددُ على نطاقٍ واسعٍ أنَّ رئيسَ الولاياتِ المُتحدة استدعى أعضاءَ حكومته للاطمئنان على الاحتياطىِّ النقدىِّ والغذائىِّ واللوجستىِّ للشعبِ الأمريكىِّ "الشقيق"، واتخاذِ التدابير اللازمة فورًا، خشية أن يفرضَ "أبو الغيط" العُزلة على واشنطن وضواحيها، فيجوعَ الأمريكيون وتتقطعَ بهم السبلُ، وقد يطلبون لجوءًا إلى الدول العربية، فترفضهم أو تقيم لهم مُخيمات على حدودها!

الرئيسُ الأمريكىُّ، لم يكتفِ بهذا الإجراء فحسبْ، بلْ أصبحَ يخشى مصيرَ ولايته الثانية، حيث أظهرتْ استطلاعاتُ الرأى فى بلاده أنَّ أسهمَ فوزه بفترة حكم ثانية، صارتْ ضئيلة، وباتتْ على المحكِّ، منذ أطلق أمينُ الجامعة العربية، حفظه اللهُ وسدَّد خُطاه، تهديده التاريخىَّ.

وبحسبِ تقاريرَ إخباريةٍ، فإنَّ "ترامب" قد يطلبُ من أفراد أسرته خلال ساعاتٍ مغادرة البلاد احترازيًا، حتى لا يأسرَهم "أبو الغيط" وجنودُه، حالَ إنفاذ تهديده، وإعمال جبروته، كما كلفَ "ترامب" أحدَ معاونيه لشراء رواية "مائة عام من العُزلة"، حتى يتسلَّى بها فى سنوات عُزلته التى سوف يفرضها "أبو الغيط" عليه فَرضًا!

ويترددُ أيضًا أنَّ البيتَ الأبيضَ قد يخرجُ- خلالَ ساعاتٍ، عبرَ مُتحدثه الرسمى، بـ"بيانٍ اعتذارى" للجامعة العربية وأمينها "أبو الغيط"، ولسوريا ورئيسها "الأسد"، عن الخطوة المُتسرعة التى أعلن عنها "ترامب" بشأن الاعتراف بسيادة "إسرائيل" على "الجولان"، وسوف يؤكدُ البيانُ تراجعَ الإدارة الأمريكية عن هذا الاعتراف، حتى تتجنبَ انتقامَ "أبو الغيط"..

وربما يبررُ "ترامب" فعلته التى فعلها، أمامَ الرأىِّ العام العالمىِّ، بأنه قصدَ فقط مُجاملة صديقه "نتنياهو"؛ حتى يتمكنَ من الفوز بالانتخابات الإسرائيلية، وبما أنه قد تحقق َالمرادُ، وفاز "الكذَّاب" بولايةٍ خامسةٍ، فلا ضيرَ من التراجع نهائيًا عن هذه الخطوة التى سوف تجرُّ الخرابَ على الولايات المُتحدة؛ درءًا لغضب "أبو الغيط"، وتجنبًا لأذاه، فما لا يعرفه العارفونَ أنَّ "أبو الغيط" وجنودَه إذا دخلوا "واشنطن" أفسدوها، وجعلوا أعزَّة أهلها أذلَّة، وكذلك يفعلونَ!

أظنُّ وبعضُ الظنِّ ليسَ إثمًا، أنَّ الأمين العام للجامعة العربية كانَ يمزحُ، عندما قالَ خلالَ كلمته أمام الجلسة الوزارية لمنتدى التعاون الروسي-العربي، يوم الثلاثاء الماضى: " إنَّ اعتراف الأمريكيين بسيادة إسرائيل على الجولان، سوف يتسببُ في عُزلة واشنطن عن الساحة الدولية"، لا سيما أنَّ الجامعة –فى عهد "أبو الغيط- هى من قادتْ ولا تزالُ تقودُ خطة عزل "سوريا" عن مُحيطها العربى، وتأبى التراجعَ عن تجميد عضويتها، رغمَ الظروفِ الصعبة التى تمرُّ بها منذ سنوات وحتى الآن.

وما بينَ تصريحه أمامَ المنتدى الروسى- العربى بـ "عزلة واشنطن"، والواقع المُتجسِّد فى "تجميد سوريا عربيًا"، فمنَ المؤكد أن "أبو الغيط"، لم يكنْ جادًَّا فيما قالَ، بل كانَ يمزحُ ويمرحُ، وربَّما تعرضَ تصريحُه للتحريفِ والتخريفِ والتجريفِ، وربما كانَ يقصدُ أنَّ إصرارَ "واشنطن" على الاعترافِ بسيادةِ "إسرائيل" على "الجولان" يُعرِّضُ "سوريا" نفسها، وليس طرفًا غيرها، للعُزلة.

وفى هذه الحالة.. تستقيمُ الأمورُ، ويكون "أبو الغيط"، ذو الستة والسبعين عامًا، صادقًا، فلا هو مازحًا، ولا هو مُهددًا لعرش "ترامب" وحسناواته!

ومن المؤكد أن "أبو الغيط"، الذى تعجزُ الجامعة فى عهدِه عن توفير مواردها ونفقاتها المالية، التى تُقدرُ بستين مليون دولار، خلال العام الجارى، لا يعتزمُ فى الوقت الراهن، هزَّ عرش الرئيس الأمريكى وفرض عُزلة على بلاده، وأسرِ حسناواته، قبلَ تدبير نفقات الجامعة التى لا يستفيد منها أحدٌ سوى موظفيها، ومعظمُهم من أبناء العاملين ومن فى مستواهم، فضلًا عن فعالياتها ومهرجاناتها الدورية، التى لا قيمةَ لها، على غرار وصف "مدحت شلبى" لكلامه وآرائه ومقترحاته!

الجامعة العربية، منذ إنشائها فى العام 1945، وحتى العام الجارى، وخلالَ أربعة وسبعين عامًا، ليستْ أكثرَ من مجرد وَهم، أو كما يقول "عمرو دياب": "زى الزينة ديكور"، وهو ما ينطبقُ على العرب أنفسِهم، الذين يتآمرون مع الأعداء، ويديرون ظهورَهم للأشقاء وأبناء العمومة والدين الواحد، ما يجعلنا نكررُ السؤالَ الوجودىَّ الذى أطلقه "نزار قبانى" منذ سنواتٍ طويلة: متى يعلنون وفاة العرب؟

وإذا كانَ ذلكَ كذلكَ، وأقرَّ "أبو الغيط" بزلة لسانه، وأنه لم يقصدْ تهديد الشقيقة "واشنطن"، ولا الصديقة "إسرائيل"، ولا يجرؤ على ذلك من قريبٍ أو بعيدٍ، وأنه يقصد "سوريا" ولا أحدَ غيرها، فمنْ حقِّ "ترامب" أنْ ينامَ قريرَ العين، ويطمئنَ على عرشه وعلى حُكمه وعلى أصدقائه فى "تل أبيب".. وكفى اللهُ الأمريكيين و"ترامب" شرَّ العُزلة، وقدْ يثبتُ الرئيسُ الأمريكى حُسنْ نيته مع الجامعة العربية، ويهدى "أبو الغيط" اثنتين وعشرين نسخة من رواية "مائة عام من العُزلة" للروائى الكولومبى "جابرييل جارثيا ماركيز" الذى حلَّتْ ذكرى وفاته الخامسة أمسِ!