الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التعليم في الحلم


لا يخفى على أحد ما حدث في امتحانات الصف الأول الثانوي بنظام التابلت من سقوط للسيستم وتحويل الامتحانات إلى النظام الورقي التقليدي وغضب الطلبة والطالبات ولا سيما الأهالي مما يحدث، بالإضافة إلى ما حدث من تجاوزات من بعض رجال الشرطة أثناء فض تجمعات هؤلاء الطلبة.

وسرعان ما انتشرت الحرب الكلامية على صفحات السوشيال ميديا بين مؤيد ومعارض وناقد لسياسة وزير التعليم ثم محاولات من الحزب المؤيد لسياسة الوزير لإعادة تحسين الصورة والدفاع عن سيادته وذكر تاريخه العملي والاستناد على خبراته وإبراز كفاءته في مجال التعليم، ولَم تنته الحرب حتى الآن، حتي بعد قرار معالي وزير الداخلية بالإفراج عن جميع الطلبة المحتجزين والتحقيق مع المتجاوزين من رجال الشرطة وتأجيل الامتحانات نظرًا لشدة ارتفاع درجات الحرارة وخطورة ذلك على الطلبة.

زوبعة جديدة لم تنته بعد حتى بالرغم من بيان معالي وزير التعليم الصادر من قبل بنجاح جميع الطلبة هذا العام، نظرا لتطبيق هذا النظام الجديد والذي ما زال في مرحلة التجربة، ما بين مؤيد ومعارض تاه الأهالي وأصيب الطلبة بالإحباط، وتحول حلم التغيير والتطوير إلى كابوس يطارد صاحبه، فأين الحقيقة؟ هل حقًا ما يحدث من محاولات للتطوير يستحق تلك المعاناة، وهل استوفت الوزارة جميع خطوات التطوير بنجاح؟

لا اعتقد أن هذا الفكر يصلح تطبيقه في هذه المرحلة، من الواضح أنه لم يكن مستوفيا للدراسة الكافية بل تسرعت الوزارة في تطبيقه دون تمهيد لذلك، والتمهيد هنا ليس فقط للطلبة إنما يجب أن يشمل الأهالي والمعلمين وجميع طبقات المجتمع التي تتعامل معه في جميع المحافظات.

كيف يتم تأهيل المعلم ومنهم المؤقت الذي ينتظر انتهاء عقده بانتهاء العام الدراسي ويحاول بكل استماتة أن يرفض هذا الوضع وأن يستمر في العمل ويتم تثبيته بدلًا من التعاقد المؤقت، وكيف يتم تأهيل المعلم الثابت الذي يعاني ويحارب ليحصل على راتب على أساسي ٢٠١٩ بدلا من أساسي ٢٠١٤؟

كيف يتم تأهيل طالب يعاني من تكدس الفصول وصعوبة استيعاب الدروس لكثرة العدد ويضطر إلى التعامل المستمر مع الدروس الخصوصية ولَم تتم برمجة عقله علي التعامل التكنولوجي الحديث؟

كيف يتم تأهيل مدارس مستهلكة وتحتاج لإعادة ترميم وتجهيزات جديدة تستطيع أن تستوعب التعامل التكنولوجي الحديث؟ وكيف يتم تأهيل أهالي الطلبة في ظل معاناة أبنائهم بين الماضي والحاضر غير المدروس الدراسة الحقيقية؟

ثم يظهر فجأة معالي الوزير ببيان بعدم وجود ميزانية لسداد فواتير الإنترنت واحتياجه لميزانية جديدة العام القادم تحقق له خطته وإلا سوف يتوقف عن مسيرة التطوير؟ هل تمت دراسة هذا المشروع التطويري الدراسة الوافية الشاملة ووضع ميزانية حقيقية بأرقام تعبر عن الواقع وليس عن الحلم؟

هنا تكمن المشكلة الحقيقية، لا أحد ضد التطوير ولكن التطوير يحتاج لتقوية البنية التعليمية وإعادة هيكلة قطاع التعليم وتدريبه وتحسين حال المعلم وتوفير جميع الاحتياجات الآدمية للطلبة في المدارس، ثم يأتي التطوير ويأخذ فرصته كاملة للتجربة، ما حدث يشبه تركيب ورق حائط فاخر على حوائط متآكلة من الرطوبة والخلل يصل فيها إلى الهيكل الخرساني الأساسي للمبنى، فسرعان ما تهوى الأوراق الملونة الجميلة لتظهر ما خلفها من خلل وتلف.

التعليم أساس نهضة الأمم ويحتاج إلى اهتمام حقيقي ولن يشعر الطالب بهذا التطوير إلا إذا شعر بآدميته في المدرسة، والمدرس لن يقبل التكنولوجيا وهو مشغول بالسعي بالمطالبة بحقوقه ومستحقاته المالية وتغيير واقع حياته تغيير حقيقي في ظل محاربة الدولة لمافيا الدروس الخصوصية.

مع الأسف الشديد أظهر هذا التطوير الخلل الكامن في منظومة التعليم بأكملها، ويحتاج إلى إعادة النظر إليه واحتواء الأزمة وتصليح كل ما أفسده الدهر في النفوس وفِي الأخلاق.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط