الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إردوغان والإرهاب


تتعرض منطقة الشرق الأوسط لحالة من الفوضى بكل ما للكلمة من معنى ومن كافة المجالات السياسية منها والاقتصادية والثقافية والذي بدوره يؤدي إلى تشتت المجتمع نحو المجهول. وهذه الفوضى ليست وليدة السنوات الأخيرة فقط، خاصة بعدما انتشرت ظاهرة تدمير الدول والمجتمعات تحت ما سمي بالربيع العربي. الفوضى التي نعيشها هي حالة الانفجار المجتمعي لما سمي بنظام الدول القومية الذي تشكل بعد الحرب العالمية الأولى وأخذ شكله النهائي بعيد الحرب العالمية الثانية، والتي تشكلت بعدها مباشرة المؤسسات الدولية للجم الدول المشكلة خدمة لمصالح القوى المهيمنة المنتصرة في هذه الحرب الكونية.
حتى انه يمكننا القول أن تراكمات عدم حل المشاكل العالقة من جراء تشكل الدول القومية وتأجيلها يمكن اعتباره من الأسباب الرئيسة لما نعيشه في راهننا. 
الدول التي تشكلت على حساب إنهاء المجتمع لصالح السلطة والفئة المهيمنة عليها، باتت الحمل الثقيل الذي ينبغي التخلص منه. إلا أن أصحاب السلطة المتمسكين بعروشهم ولو على حساب إنهاء المجتمع وتدميره وتهجيره، باتت السمة المشتركة للنظم الدكتاتورية في المنطقة. 
والظاهر أن إردوغان لم يستوعب الدرس مما حصل مع جيرانه من النظم الشمولية أن كانت في سوريا أو العراق. فما زال النظامين الدكتاتوريين في أنقرة وطهران مستمرين بعنجهيتهم وغيهم على المجتمع الداخلي، وكذلك تدخلاتهما في شئون دول المنطقة، إن كان في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر والسودان ولبنان وغيرها من دول المنطقة. عقلية الهيمنة والنفوذ التي تسيطر على كلا النظامين المتشابهين في الدكتاتورية والتسلط على شعوب المنطقة، وإن كانا مختلفين في الأسلوب(سني _ شيعي)، إلا أنهما متماثلين في الهدف والنتيجة والتي هي السيطرة على المنطقة وفرض هيمنتها على الدول والمجتمعات والشعوب. 
وعلى الرغم من انتهاء داعش جغرافيا وهيمنة على قسم من الجغرافيا في سوريا والعراق، إلا أنه ما زال متواجدا بأشكال مختلفة وأسماء شتى. فما دام الزعيم الروحي موجودا وعلى رأس عمله، فلا يمكننا القول أن إرهاب داعش قد انتهى. حيث أنه سيظهر في جغرافيا وباسم مختلف تنفيذا لأجندات الخليفة الذي يستثمر فيهم وبضحاياهم المدنيين. 
إردوغان الذي يعلم جيدا كيف يستغل داعش وباقي فصائل المرتزقة من أجل احتلال أجزاء من الشمال السوري والعراقي وكذلك يستغله بأبشع شكل أيضا في ليبيا، ويرهب من خلالهم المجتمعات والشعوب على أنهم أبشع من يمثل الجريمة تحت مسمى الدين، يعلم أيضا إردوغانكيف يستثمر من خلالهم في فرض أجنداته على أوروبا وترويعهم بتسونامي بشري من اللاجئين. حتى الآن كان بمقدور إردوغان اللعب على الكثير من الحبال ويستثنى ويستغل الآخرين من أجل مصالحه وأجنداته في بعث العثمانية من جديد، إلا أنه ليس كل مرة سيكون بمقدوره أن يستخدم نفس الأسلوب للحصول على نتائج أكبر. 
الآن وبعد خسارته المدوية في الانتخابات المحلية الاخيرة ومحاولة تصدير هذه الخسارة والأزمات السياسية والاقتصادية الداخلية نحو الخارج، وذلك من خلال بلطجيته في البحر المتوسط والتنقيب عن الغاز وكذلك تعنته في شراء منظومة صواريخ اس ٤٠٠ والتي وصلت اولى دفعاتها لتركيا هذا اليوم، كل ذلك سيعجل من انتهاء دور إردوغان وأفول نجمه في المنطقة. هذه الضربات المتتالية التي يتلقاها إردوغان جعلته يفقد صوابه أكثر فأكثر ويزداد توحشا همجية. وربما يغامر اكثر ويتمادى في عنجهيتها صرخ هنا وهناك عله يحصل على فتات ولو قليل من مشروع المنطقة. 
لذلك يمكننا القول إنه ما زال إردوغان موجودا في السلطة، فلا يمكن لأي أحد أن يدعي بأن الإرهاب قد زال وانتهى. وحينما تتخلص المنطقة من إردوغان حينها يمكننا الادعاء بأن الإرهاب في طريقه نحو الزوال. فلن ينعم السوريون ولا العراقيون ولا الليبيون ولا حتى المصريون بالأمن والأمان والاستقرار إلا بالقضاء على إردوغان والفكر الذي يسير خلفهم من الإسلام السياسي والمتمثل بالإخوان المسلمين. وللوصول لهذه المرحلة لا بد على هذه الشعوب أن تتوحد في جبهة عريضة لمكافحة الإرهاب وأفكارهم أينما كانوا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط