الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثورة قلب الهلال الشيعي.. خريطة ميليشيات إيران في العراق

صدى البلد

كشفت التظاهرات الواسعة التي يشهدها العراق، والتي اندلعت الأسبوع الماضي، عن رفض الشعب العراقي للتغلغل الإيراني في البلاد، الذي وصلت سطوته إلى حد بات معه يمثل تهديدا إرهابيا على الشعب في بلده.

ووصل التوغل الإيراني داخل أوصال العراق الذي يعاني الويلات على مدار عقدين من الزمان، وتمكن من تجنيد ساسة ومليشيات تفتك بكل ما يخالفهم، وبدا أن مخطط المد قد حقق أهدافه إلا أن الشعب العراقي خرج وأعلن أنه لم ولن يمت.

عكس رد الفعل الإيراني على التظاهرات، بأن قالت إنها مؤامرة للتفريق بين الشعبين بحسب وصف المرشد علي خامنئي مدى الهزة التي اعترت طهران، وأكد أنها لن تلعب دور المتفرج أمام تلك الاحتجاجات التي تهتف "إيران بره بره".

لكن ومع الأسف فإن الطريق أمام العراقيين طويل لاستئصال سرطان تراكم خلال السنوات الماضية.

استراتيجية الملالي في العراق

دشن نظام الملالي منذ قومه في أعقاب ثورة الخميني في 1979، مصطلح تصدير الثورة، والذي يمثل هدف النظام بتوسيعه رقعة نفوذه بتنفيذ مخطط المد الذي يلعب على الوتر الطائفي وتشكيل مليشيات شيعية أو ما يعرف بـ الهلال الشيعي، وكان للعراق استراتيجية خاصة ضمن هذا المخطط بل هو قلب هذا المخطط، نظرا لمكانته الكبيرة في الشرق الأوسط وأنه الغريم التقليدي لإيران.

استغلت إيران الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وسقوط نظام صدام حسين، وما أعقبه من تعاظم الدور الشيعي في السلطة على حساب السنة، ما مثل بيئة مثالية للتوغل الإيراني.

اعتمدت الاستراتيجية الإيرانية في العراق على كل محور يمكنها من خلال إحكام السيطرة على البلاد، بداية من الأذرع الإعلامية والحوزات العلمية لعمل على تشكيل صورة على أن إيران هي حاضرة الشيعة، ونشر فكر الفتنة ودس أفكار مفادها أن خطر السنة أكبر من خطر الغرب.

فيلق بدر

عام 1979، أصدر المرجع الشيعي العراقي محمد باقر صدر قتوى بوجوب مواجهة نظام صدام حسين، قبل إعدامه في مطلع الثمانينات، لتتأسس منظمة بدر في إيران عام 1982 بإشراف محمد باقر الحكيم، لتكون جناحا عسكريا للمعارضة الشيعية، وبعد حملة الاغتيالات والاعتقالات التي شنها نظام صدام، هرب أعضاؤها إلى إيران وسوريا.

كان الفيلق يضم مجموعة من المجاهدين والجنود الهاربين من الجيش العراقي السابق وقادة وضباط سابقون ومعارضون لنظام صدام، وبعد سقوط صدام، ازداد نشاطها داخل العراق وتقول التقديرات أن عدد أعضائها بلغ 100 ألف شخص، وتحول الفيلق إلى منظمة مدنية وحزبا سياسيا، وأعلن الحكيم خلال مؤتمر له في النجف انتهاء الدور العسكري للمنظمة.

تلقى الحكيم الدعم من مرشد الثورة الإيرانية آية الله خميني، ليتحول بمساعدة المخابرات الإيرانية والجيش لتتحول فرقة بدر إلى فيلق بدر، ويرتكب مجازر بحق العراقيين خاصة أهل السنة، وشكل ما عرف بـ "فرق الموت" بعد سقوط نظام صدام، فضلا عن اغتيال البعثيين الشيعة ومسئولين في المخابرات وضباط الجيش السابقين؟

وانقسمت قوات فيلق بدر على عدة فرق من بينها المختار والثأر ومتطوعون في الجيش العراقي لمساعدة القوات الأمريكية في عملياتها العسكرية بمدن السنة.

مع مرور السنوات وبعد اغتيال الحكيم في تفجير بمدينة النجف عام 2003، تولى هادي العامري قيادة المنظمة وكتائب الحشد الشعبي، استمر دور المنظمة والحشد كأذرع لإيران داخل العراق، فضلا عن التحالف مع شخصيات كانت تدافع عن تنظيم داعش.

الحشد الشعبي

تأسست قوات الحشد الشعبي في مارس 2014، بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية في النجف بهدف أن تكون قوات نظامية شعبية تابعة للجيش العراقي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، بموافقة من اغلبية البرلمان، وأمر أصدره نوري المالكي، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة آنذاك، والموالي لإيران، ببدء تعبئة الجماهير وتشكيل هيئة الحشد الشعبي، وتشكلت قوة الحشد الشعبي في البداية من كتائب حزب الله العراقي وعصائب أهل الحق وبدر وقوات الشهيد الصدر،، قبل انضمام المتطوعين من مختلف المدن والطوائف وحتى الديانات.

انحرفت مليشيات الحشد الشعبي بعد ذلك عن الهدف الذي أسست من أجله، وباتت ذراعا جليا لإيران، وقال مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري إن مليشيات وقحة تعمل مع الحشد الشعبي تقوم بعمليات ذبح وقتل لمواطنيين عراقيين لا ينتمون إلى داعش، وذكرت تقارير هيومن رايتس ووتش أن المليشيات انتهكت مناطق سنية وارتكبت حرائم حرب كجزء من حملة لتهجير السكان من المناطق السنية والمختلطة.

وأصبحت مليشيات الحشد الشعبي خطرا على العراق وخاصة السنة يتجاوز داعش نفسه، بحسب وصف ديفيد بتريوس الرئيس السابق لـ "سي آي إيه".

وتعد مجرزة بروانة من الأمثلة الفاضحة لذلك، حيث قامت عناصر من المليشيا بقتل أكثر من70 شخصا رميا بالرصاص في 26 يناير 2015، بعد أيام من تهديد العامري الذي قال:"ويوم الحساب أصبح قريب جدًا، ونحذر كل العوائل الموجودة بالخروج لأننا سنضرب ضربة لاتبقي ولا تذر".

وقال المالكي في تصريح سابق إن:"الحشد الشعبي أوقف تقدم الإرهابيين ومنع إنهيار الجيش وسقوط بغداد، ولولا الدعم الإيراني لكان الوضع في العراق صعبًا جدًا".

تضم مليشيات الحشد الشعبي حوالي 68 فصيل تتوزع بين العراق وسوريا من بينها فرقة الإمام علي، سرايا عاشور، كربلاء، علي الأكبر، حركة النجباء، الجهاد، العباس، عصائب أهل الحق، كتائب الإمام علي، لواء أنصار المرجعية، وسرايا عاشوراء.

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل وجهت في الأسابيع الأخيرة عدة هجمات على مواقع للحشد الشعبي، وقالت تقارير انها تأتي لإحباط مشروع صاروخي إيراني. 

يثور الشعب العراقي على الإرهاب الإيراني والموالي لإيران، ولهذا شهدت التظاهرات التي أسقطت 165 قتيلا و6 آلاف مصاب، ضرب المحتجين بالأسلحة الثقيلة، وإرسال إيران 7500 عنصرا من الوحدات الخاصة بالأمن الداخلي إلى العراق بدعوى تأمين أربعينية الحسين، في الوقت الذي تم فيه رصد عناصر من الحرس الثوري الإيراني تقمع المتظاهرين، فضلا عن العثور على جوازات سفر لعناصر أمنية من العراق.