الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غزو أردوغان لسوريا يكشف حقيقة أمريكا من المنطقة.. دولة تتخلى عن حلفائها وقت الأزمات.. وروسيا الرابح الأكبر

عملية عسكرية تركية
عملية عسكرية تركية ضد الأكراد بسوريا

- ترامب صاحب اللا خطة في سوريا يجني فشل سياساته 
- أردوغان لم يلتزم بوقف إطلاق النار وخرق الاتفاق بعد ساعات 
- بوتين المنتصر.. كل محاولات أطراف النزاع السوري تؤدي إلى موسكو 


في الوقت الذي أشاد فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاتفاق الذي أجرته إدارته مع الأتراك حول العملية العسكرية التركية في شمال سوريا باعتباره "يومًا عظيمًا للحضارة"، سرعان ما ألقى الأتراك الماء البارد في وجهه، ورفضوا حتى وصف الصفقة بوقف إطلاق النار، وفق ماعبرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

وافقت تركيا على وقف هجومها في شمال سوريا خمسة أيام وذلك في اتفاق أشادت به واشنطن ووصفه زعماء أتراك بأنه "نصر كامل"، وفيما رحب الأكراد بالاتفاق بـ"شروط" وصفته حكومة دمشق "بالغامض".

ورحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس الماضي (17 أكتوبر 2019) بإعلان "وقف لإطلاق النار" في شمال سوريا، معتبرًا أنه "يوم عظيم" للولايات المتحدة وتركيا والأكراد. وقال ترامب من فورت وورث في ولاية تكساس "لدينا وقف لإطلاق النار لخمسة أيام. إن الأكراد مسرورون جدا بهذا الحل"، مبديًا رضا كبير عن كون المفاوضات أسفرت عن نتيجة "بهذه السرعة".

وأضاف مؤكدًا أنه تم تحقيق "كل ما كان يمكننا أن نحلم به". وأبدى ترامب ثقته بالنتيجة الإيجابية التي ستسفر عنها هدنة الأيام الخمسة، وقال "أعتقد أن الرئيس أردوغان ذكي جدا ويريد أن يستمر هذا الأمر".

لكن بعد ساعات قليلة فقط من الإعلان عن وقف إطلاق النار، أمكن ملاحظة الغارات الجوية ونيران المدفعية في شمال سوريا حيث اتهمت القوات الديمقراطية السورية التي يهيمن عليها الأكراد، أنقرة ووكلاؤها بانتهاكات صارخة لوقف إطلاق النار.

المزاج السائد في واشنطن والشرق الأوسط هو أن وقف إطلاق النار لن يدوم بعدما تنتهي مدة الوقف بعد غد يوم الثلاثاء 22 أكتوبر، في نفس اليوم الذي سيلتقي فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي لمناقشة التطورات بسوريا. 


دور بوتين القيادي
من الواضح أيضًا أن المستقبل سوف يحدده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى حد كبير، وذاك بعد تخلي ترامب عن الأكراد ، وإعطاءه الضوء الأخضرء لغزو تركيا لشمال سوريا، حيث يمتلك بوتين الآن مفاتيح اللعبة والقواعدالعسكرية والسياسية التي تتكشف هناك.

ولكن على عكس الجهود المحمومة لإدارة ترامب في دبلوماسية اللحظة الأخيرة في محاولة لإنهاء إراقة الدماء التي ساعدت على إهدارها، بدا بوتين على الأقل كرجل لديه خطة.

بدأت روسيا على الفور مفاوضات مع الأكراد والحليف الرئيسي لموسكو ، حكومة الأسد ، حيث توصلت بسرعة إلى اتفاق للسماح للجيش السوري بالدخول إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد ، حيث لم يكن لدمشق وجود منذ سنوات من أجل درء الهجوم بقيادة تركيا.

وسرعان ما نشرت موسكو جيشها الخاص كحاجز لإبقاء الأتراك وقواتهم بعيدة عن الأكراد وقوات الحكومة السورية.

تسببت هذه الخطوة بقدر كبير من الضجة حول جيش بوتين، فعندما يظهر العلم الروسي ، تتوقف المعارك، فلا يريد الأتراك ولا الأكراد الهجوم على الوسيط الروسي ، لذلك يتوقف القتال، كما بدأت وحدات الشرطة العسكرية الروسية بالقيام بدوريات في منبيج.

لعبة روسيا عالية المخاطر
مع دور روسيا الجديد كدولة قيادية بلا منازع تأتي أيضًا مخاطر جمة. الوضع في شمال شرق سوريا أكثر من مجرد حالة متقلبة، حيث أوضح الأتراك أنهم لن يسمحوا بوجود عسكري كردي بالقرب من حدودهم. لكن القوة البرية لأنقرة تتكون إلى حد كبير من جماعات المتمردين السوريين ، وكثير منهم من المتشددين الذين يخشى الأكراد أن يطلقوا ضدهم حملة تطهير عرقي في هذه المنطقة المتنوعة.

يبدو أن موسكو تتفهم الوضع الخطير الذي دفعت به إلى دورها القيادي الجديد.

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في كلمته أمام رؤساء الأجهزة الأمنية خلال وقتٍ سابق :"حاولنا لفت الانتباه لسنوات عديدة إلى السياسات المدمرة للولايات المتحدة الأمريكية والتحالف، الضاغطين سلبيًا إلى انهيار سوريا وإنشاء شبه دولة على الضفة الشرقية من الفرات ، ودفع الأكراد إلى الانفصالية والمواجهة مع العرب".

ويشعر الكرملين بقلق بالغ من أن الروس الذين قاتلوا مع داعش ومجموعات المتمردين الأخرى يمكن أن يعودوا إلى وطنهم ويسببو عدم استقرار هناك، لذا، فمنذ اللحظة التي شنت فيها تركيا هجومها على شمال سوريا ، أعرب الكرملين عن شكوكه الشديدة بشأن قدرة تركيا على الحفاظ على بقاء أسرى داعش وأقاربهم الذين كانوا يحرسهم الأكراد، في أماكنهم.

وواجهت روسيا تمردًا مستمرًا في الشيشان في التسعينيات من القرن الماضي، ودخلت حربًا دموية هناك لعدة سنوات، لذا، فآخر ما يريده فلاديمير بوتين هو عودة أعضاء داعش الروس السابقين إلى منطقة القوقاز. 

جميع الطرق السورية تؤدي إلى موسكو

لكن على الرغم من كل المخاطر التي يواجهها رهان بوتن في سوريا ، يبدو أن الزعيم الروسي لا يزال في وضع يسمح له بمنع الموقف من التفجر أكثر مما هو متفجر بالفعل.

وعلى الرغم من أن العديد من المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين يتهمون موسكو بالخداع والكذب، إلا أن جميع الدول والأطراف المشاركة في الأزمة السورية تتفق إلى حد كبير على أن موسكو أكثر موثوقية من واشنطن في هذه الأزمة.

وتعمل تركيا العضو في حلف الناتو مع الروس لسنوات، على الرغم من أنها تدعم فصائل معارضة في الحرب الأهلية السورية، وحتى إسرائيل وإيران يتفقان على أن طريق تلبية مصالحهما يمر عبر موسكو.

وعندما اكتشفت القوات الديمقراطية السورية التي يهيمن عليها الأكراد - والتي كانت مدعومة من الولايات المتحدة وفقدت ما يقرب من 11000 مقاتل في الحرب ضد داعش - خياتة ترامب لهم أمام أردوغان، فإنهم أيضًا ذهبوا مباشرة إلى الروس، ليأكدوا على تعاونهم منذ سنوات.

لذلك لم يكن البيت الأبيض وترامب، أبدًا وسيطًا لحل الفوضى في شمال شرق سوريا، وإذا كان هناك اتفاق، فسيتم التوصل إليه يوم الثلاثاء المقبل في سوتشي بين بوتين وأردوغان، لا مع ترامب.