الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كشف فساد الجائزة العالمية.. قصة طه حسين الأديب الذي رشح لنوبل 14 مرة ولم يفز في أي منها

طه حسين عميد الأدب
طه حسين عميد الأدب العربي

عميد الأدب العربي، ورائد حركة التنوير، وأحد أبرز من أثروا في الحركة الأدبية الحديثة في مصر وإفريقيا، إنه الكاتب الكبير طه حسين صاحب البصمة الكبرى في الثقافة العربية، وأحد أبرز أعلام التنوير في الفكر المصري والعربي، والذي استطاع أن يتحدى إعاقته البصرية ليحدث ضجة في مجال الأدب العربي.

ففي مركز مغاغة بمحافظة المنيا ولد طه حسين في الخامس عشر من نوفمبر عام 1889، لأسرة متوسطة الحال، لها من الأبناء ثلاثة عشر، كان هو سابعهم، والذي أصيب في صغره بعدوى في عينيه، أصيب بسببها بالعمى وفقد بصره وهو سن الثالثة من عمره، لكنه رغم تلك الإصابة التحق بالكتاب والذي حفظ فيه القرآن، ثم التحق بعدها بالأزهر الشريف الذي اكتسب منه المعارف بالفقه والأدب العربي.

وفور افتتاح الجامعة المصرية الأهلية 1908 التحق طه حسين بتلك الجامعة، وحصل على درجة الدكتوراه عام 1914 قبل أن يسافر لفرنسا ضمن بعثة مصرية ليكمل دراسته في مونبيليه، ثم باريس ليعود أستاذًا للتاريخ في الجامعة، ثم أستاذًا للغة العربية، قبل أن يصبح واحدًا من أشهر عمداء كلية الآداب ثم وزيرًا للمعارف.

نشأة طه حسين الأزهرية، لم تمنعه من أن يصبح أحد أكثر الأدباء إثارة للجدل وتمردا على الموروثات، فقد شن طه حسين العديد من المعارك في سبيل التنوير، واحترام العقل والفكر، وتحرير المرأة، كان أولها في عام 1926 عندما أصدر كتاب "الشعر الجاهلي"، الذي كان مثيرًا للجدل إلى حد كبير في كل من الدوائر السياسية والأدبية، بجانب حالة الجدل التي أثارها الكتاب في صفحات وعناوين الصحف آنذاك.

ورغم الشهرة الكبيرة التي حققها طه حسين باعتباره رائد من رواد التنوير في الثقافة العربية، وأفريقيا، وأبرز من أثروا في تلك الثقافة، بكتاباته وأعماله الأدبية، إلا أن إعلان القائمون على جائزة نوبل بالكشف عن أسماء المرشحون للجائزة بعد مرور 50 عاما من سنة الترشح حمل مفاجأت عديدة تجاه عميد الأدب العربي، والذي وجد أنه تم ترشيحه لتلك الجائزة 14 مرة.

الجائزة التي رحل عميد الأدب العربي دون أن يحصل عليها، وجد اسمه بين كشوف المرشحون لها 14 مرة، وهو ما فسر حالة الجدل المستمرة تجاه تلك الجائزة، خاصة في السلام والأدب، وظهر العديد من الأدباء الذين أمهلهم العمر للفوز بها، ومنهم من لم يمهله العمر للفوز بتلك الجائزة رغم أنه رشح لها عشرات المرات من بينهم طه حسين.

أحمد لطفى السيد أول من رشحه

الترشح الأول لـ طه حسين لجائزة نوبل كان عام 1949 ، وهى المرة التي رشحه فيها الدكتور أحمد لطفي السيد، عقب ازمة طه حسين وتخليه عن عمادة كلية الأداب بعد رفضه منح الدكتوراه الفخرية لعدد من أصحاب المواقف السياسية المثيرة للجدل، وهو العالم الذي قررت فيه اللجنة المسئولة عن الجائزة تأجيل الجائزة عام كامل لعدم توافر الشروط المطلوبة في أي من المرشحين، ثم أُعلن فوز الروائي الأميركي ويليام فوكنر بالجائزة لاحقًا.

حرم منها لمحو الهوية العربية

ووفقا للدكتور محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر السابق، فإن الدكتور طه حسين كان أقرب المرشحين للفوز في تلك السنة، لكن يبدو أن اللجنة كانت تحاول تقديم الجائزة لفوكنر، فاضطرت لتأجيلها لعام آخر حتى يتم ترشيحه ومن ثم إعلان فوزه، أو أنها رفضت فوز طه حسين نفسه بعد علمها أو توقعها فوزه بالتصويت من قائمة المرشحين، بجانب أن هذا العام كان العام التالي لقيام دولة إسرائيل وشنها حربًا على الدول العربية قبل ذلك بعام واحد 1948، واحتياجها لطمس الهوية العربية في العالم وعدم ذكرها.

وفي العام التالي 1950، رشح البروفيسور الفرنسي برنارد جويان الدكتور طه حسين للفوز بالجائزة، وعمل الفرنسي كأستاذ للأدب الفرنسي في جامعة مارسيليا، وكان أحد المهتمين بالمنجز العلمي لطه حسين خاصة رسالتي طه حسين عن أبي العلاء المعري وابن خلدون، واعتبر أن طه حسين صاحب تأثير كبير في فهم الثقافة العربية التاريخية، لكن الفوز هذه المرة كان لصالح الفيلسوف الإنجليزي برتراند.

ترشيح من جامعة القاهرة

وفي المرة الثالثة تم ترشيح طه حسين عام 1951 لجائزة نوبل عن طريق أساتذة جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا) التي كان لها حق الترشيح هذا العام، وخسر طه حسين الجائزة أمام المرشح السويدي بار لاغركفيست الذي ساعدته جنسيته السويدية كثيرًا لحسم مسألة فوزه، خاصة أن أعماله لم تترجم لأي لغة قبل فوزه بجائزة نوبل، وهو أمر كان مثار عجب كثيرين وقت إعلان فوزه.

ترشيح من مستشرق سويدي

وفي عام 1952 كان طه حسين على موعد لترشيح رابع من قبل المستشرق السويدي كارل زترستين الذي ترجم القرآن للسويدية، وكان له اهتمام كبير بتاريخ الفلسفة الإسلامية، وكان يقدر أعمال طه حسين كثيرا في هذا الجانب، لكنه تم حسم الجائزة لصالح الفرنسي فرنسوا مورياك، والذي كان وقتها مسار سخرية كبيرة، لكونه لم يكن من أعلام الأدب أو الفلسفة في وقته، ولم يكن له من إنجاز حقيقي يذكر.

توقف الترشح لـ طه حسين للحصول على جائزة نوبل لمدة 8 سنوات، حتى تم ترشيحه للمرة الخامسة عام 1961 من قبل السويدي جديد هو هيدبرج، وهو الشخص ذاته الذي رشح طه حسين مرتين أخريين أعوام 1961 و1962، إلا أنه في عام 1961 كانت المرة الاولى التي يحوز فيها طه حسين على ثلاث ترشيحات في عام واحد من قبل السويدي هيدبرج الذي رشحه في العام السابق، ومحمد خلف الله، أستاذ اللغة العربية بجامعة الإسكندرية، وهنريك صاموئيل نايبرج، الأكاديمي السويدي أحد أعضاء أكاديمية العلوم الملكية السويدية المسئولة عن اختيار الجائزة، إلا أنه ورغم تلك الترشيحات وارتفاه حظوظه لم يفز بالجائزة في هذا العام وذهبت للصربي إيفوأندريتش الذي تخلى عن جنسيته البوسنية لصالح الصربية إبان الحرب بين الدولتين.

سويدي يرشح طه حسين

في عام 1963 على يد المستشرق الفرنسي شارل بلا الذي كان واحدًا من المهتمين بالفلسفة الإسلامية، وخاصة الجاحظ، وكتب عنه عدة مؤلفات، وكان متقنًا للغة العربية، وعيِن أستاذًا للدراسات الشرقية في جامعة باريس، وكان هذا الترشيح الحادي عشر لـ طه حين، لكن الجائزة كانت من نصيب الشاعر اليوناني الشهير جيورجيوس سفريادس الذي عرف باسمه المستعار جيورجوس سفريس.

وفي عام 1963 من جديد للفوز بجائزة نوبل للأدب، والذي تم ترشيحه على يد البروفيسور السويسري سيزار دوبلير، أستاذ اللغات الشرقية بجامعة زيورخ السويسرية، والمستشرق الفرنسي ريجي بلاشير الذي ترجم القرآن للفرنسية وكانت له اهتمامات واسعة بالفلسفة والشعر الإسلامي، لكن الجائزة فاز بها الفرنسي جون بول سارتر الذي رفض استلامها وقال، إنه يرفض أن يتحول لمؤسسه وإن الجائزة قد تعيقه عن استكمال عمله.

الترشح الرابع عشر والأخير لعميد الأدب العربي للفوز بجائزة نوبل كان عام 1964 كان الترشح الأخير لطه حسين، كان على يد المستشرق الفرنسي شارل بلا للمرة الثانية، لكن الجائزة فاز بها السوفيتي ميخائيل شولوخوف الذي واجهته كثير من الصعوبات والجدل، خاصة حقيقة كتابته لروايته الشهيرة «الدون الهادئ» التي صاحبها الجدل حتى بعد وفاته بسبب ادعاء الكثيرين ملكيتهم الأصلية للنص لكن العديد من الدراسات والأبحاث زعمت بعد ذلك أنه من كتب الرواية بمقارنة باقي رواياته وأسلوبه، معها.