الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الغبار الأبيض يغتال البراءة.. أطفال المحاجر يروون معاناتهم مع رحلة الموت | فيديو

صدى البلد

مالك المحجر : 
يجب الأ يعمل فى المحجر ما هو تحت الــ 18 ولكن" اللى بيجينا منقدرش نرده"
العامل الطفل : 
"بشتغل 10 ساعات فى اليوم هجيب منين وقت للمدرسة"

فى عشرينيات القرن الماضى ، إلتقط المؤرخ "جورج ليجران" صورة لم يكن يعلم حينها أنها ستظل أيقونة الطفل المصرى حتى عشرينيات القرن الحالى ،و بين قرن مضى وقرن حالى تجد الصورة كما هى معاناة واحدة بإختلاف أطفالها ، مكان كالجليد عند رؤيته تظن أنك فى دولة أوروبية ، وجوه أصابها الشيب قبل أوانها ، أعين لا ترى النور من كثرة بياض رموشها ، سحابة بيضاء تخيم على المحجر تجعلهم يرتدون كمامات محاولين تنفس الأكسجين فقط دون الإختلاط بغبار المحجر الذى يجعلهم لا يرون بعضهم.


* لا بديل للموت


" إحنا لوعندنا فى الصعيد شغلانة تانية كنا إشتغلناها " هكذا كانت كلمة الطفل "أ.س" أحد ضحايا مهنة العمل فى المحاجر الذى يبلغ من العمر 12 عامًا ، وأضاف أنه لم يترك التعليم بعد ولكنه سيتركه حسب قوله ، ولذلك هو يحاول جاهدًا الموازنة بين عمله ومستقبله، وقال "أتمنى تكون شغلتى أحسن من دى ومغامرش فيها بحياتى ". 

تاركين الورقة والقلم .. باحثين عن قوت يومهم

أعرب "ص.أ" مالك محاجر بالمنيا عن رفضه لعمالة الأطفال من الأساس ولكنه لا يستطيع رفض ما يقصده طالبًا العمل بالمحجر نظرًا للظروف الإقتصادية التى تمر بها أغلب عائلات الصعيد ، قائلًا:"اللى بييجى منقدرش نرده"، وأوضح أن السبب الرئيسى فى عمالة الأطفال هو تدهور الحالة التعليمية فهو بالإضافة إلى عمله بالمحاجر كان مدير مدرسة سابق ومدرك ماهية التعليم فى مصر .

وأضاف "ص.أ" أن كل رئيس يحكم مصر منذ الخمسينات يتحدث عن تنمية الصعيد والمشاريع التى ستقام فيه ، ولم يحدث أى جديد ، فالصعيد بالكامل يفتقد للمشاريع الكبرى مما يجعل الأطفال قبل الشباب يلجئون إلى العمل بالمحاجر والمغامرة بفقدان أطرافهم ، فالأب الذى يعول أسرة كبيرة ولم يكفِه راتبه اليومى البسيط ، يُحضر إبنه للعمل بالمحاجر فى محاولة منه لمساعده أسرته ، وأكد على ضرورة تمسك الأب بتعليم أولاده .

* البراءة هى الرابط 
 
حينما إكتشف المؤرخون في نهايات القرن التاسع عشر وحتى العشرينيات من القرن الماضي مقبرة توت عنخ آمون الطفل الملكي الذي عشقه المصريون لطفولته والذي صوره المصريون القدماء منبثقًا من زهرة اللوتس ليمثل الحياة المتجددة حسب معتقدات الفرعونيه القديمه، لم يكن المؤرخون يدركون بأن المكتشف طفل وأن عمال مقبرته أثناء الإكتشاف الذين يساهمون في نقل الأتربة أطفال أيضا، وكأن الرابط هنا هي البراءة

* بين الموت ولقمة العيش


داخل نحو مئات المحاجر المتواجده على أرض مصر يواجه الألآف من العمال مصائب شتى أثناء عملهم اليومي قد تؤدى في النهاية بالعجز وبتر وبعض الأطراف وأمراض السرطان والإلتهاب الرئوى والتهابات العيون وضعف السمع بسبب تقطيع الكتل الحجرية والالآت الحاده ذات الصوت المزعج المستخدمة بها والسحابة الغبارية الناتجة عن تقطيع تلك الكتل الحجرية ولكن ما باليد حيلة ، فعمال تلك المهنة إما أن يموتون نتيجة العمل أو نتيجة الجوع وما أشد صعوبة الإختيار بين إحدى الموتتين .


* حبر على ورق


بعد إكتشاف مقبرة توت عنخ آمون صدرت الجريدة الرسمية للدولة حينها في عام 1933بيانًا بإجتماع مجلس الشيوخ والنواب والوزراء أنه بناء على قرار الملك فؤاد الأول بمنع تشغيل الأطفال والنساء في المحاجر والمصانع وأعمال السكة الحديد والتنقيب عن الآثار وجميع أنواع الصناعات في باطن الأرض وسمح للأطفال في الريف للعمل بالزراعه والغزل والنسيج و 16 مهنه أخرى بسيطه. ولكن هذا القانون لم يكن الأول من نوعه لأنه سبق وأن أعد رواد التحرر الوطني في مصر عام 1909 قرارًا لمنع الأطفال من العمل في محالج القطن، بينما القانون الحالي يتضمن نفس المفاهيم وهي حظر الأطفال من الإشتغال بالمهن الخطرة كالمحاجر والتعدين وأعمال البناء وغيرها، ولكنه ومن المؤسف أن هذه القرارات والقوانين من القرن الماضي إلى الحالي لم تنفذ وكانت مجرد حبر على ورق .