الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مع قرار أردوغان إرسال قوات إلى ليبيا.. تركيا تغرق في الظلام بسبب هروب الاستثمارات

صدى البلد

حوّلت سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي 2019 إلى عام وبال على اقتصاد بلاده، وبمزيج من الرعونة في السياسة الخارجية والجهل بقواعد الاقتصاد، جعل الرئيس التركي من بلاده حقل ألغام بالغ الخطورة لأي مستثمر يبحث عن وجهة آمنة ومستقرة سياسية واقتصاديًا بما يكفي للاطمئنان على استثماراته فيها.

ومن التعرض لعقوبات أمريكية نتيجة استفزازات غير محسوبة إلى تصميم أردوغان على احتكار رسم السياسة الاقتصادية والمالية والتحكم في أسعار الفائدة، نزف الاقتصاد التركي كثيرًا من موارده ومصادر توليد الدخل وقيمة الليرة التركية، والأهم من ذلك، نزف الكثير من ثقة المستثمرين وتوقعاتهم لأدائه وقبولهم لسياسات أردوغان الاقتصادية.

وفي تقرير صدر عن البنك المركزي التركي نفسه في نهاية النصف الثاني من العام الماضي، أكد أن استثمارات بنحو 5.2 مليار دولار انسحبت من تركيا خلال شهر واحد (شهر أبريل)، وتراجع مؤشر الثقة بالاقتصاد التركي بنسبة 11% على أساس سنوي، خلال يونيو الماضي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، متأثرًا في ذلك بهبوط عديد من القطاعات الاقتصادية بسبب أزمة الليرة.

لم يكن غريبًا إذن أن تدخل تركيا العام الجديد بأغرب ما يمكن أن تفتتح به دولة عامًا جديدًا، حيث قررت الحكومة التركية إغراق أراضيها في الظلام.

ونقلت وكالة "الأناضول" عن وزير البيئة التركي مراد قوروم إن الحكومة قررت إغلاق خمس محطات لتوليد الطاقة الحرارية، بسبب عدم إكمال الاستثمارات البيئية الضرورية.

وقال قوروم في مؤتمر صحفي، إن محطات الطاقة الخمس كانت ضمن 13 محطة أمهلتها السلطات حتى 31 ديسمبر، لاستكمال الاستثمارات.

وذكرت الوكالة أن الدولة قررت إغلاق محطتين في كوتاهيا، وثلاث محطات أخرى في كهرمان ماراس وسيفاس وزونجولداك، كما أغلقت السلطات جزئيا محطة في إقليم مانيسا، حسبما نقلت "رويترز".

وتعمل محطات توليد الكهرباء بالطاقة الحرارية عن طريق استغلال اندفاع البخار، فالمحطة الحرارية تعمل على تسخين المياه وتحويله إلى بخار مضغوط، ويُوجَّه ذلك البخار في ضغط عالي إلى تدوير توربين بخاري ويكون ذلك التوربين موصولًا بمولد كهربي.

وتنتج المحطات الحرارية في معظم بلاد العالم الطاقة الكهربائية بنسب بين 60% - 100%، ويعود السبب في ذلك إلى وجود الوقود بكميات كبيرة مثل الفحم الحجري والبترول والغاز الطبيعي وإمكانية استغلال تلك الموارد لفترة طويلة.

وفي وسط هذا المأزق الذي يهدد بغرق البلاد في الظلام، لا يجد أردوغان غضاضة في إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لإسناد حكومة الوفاق في طرابلس والميليشيات المتطرفة الموالية لها، بما يستتبع ذلك من كلفة ثقيلة، تمثل عبئًا إضافيًا على كاهل الاقتصاد التركي المثقل بكوارث أردوغان أصلًا.

ويتصادف أن يصوت البرلمان التركي اليوم على مشروع قانون يتيح للحكومة التركية إرسال قوات عسكرية إلى قبرص، في نفس اليوم الذي تعلن فيه حكومة البلاد إغلاق خمس محطات لتوليد الكهرباء بسبب نقص الاستثمارات.

ونقلت وكالة "شينخوا" الصينية عن مدير مركز "تركيا القرن 21" للدراسات ساهيت أرماجان ديليك أن أردوغان يزج بالجيش التركي في حرب أهلية تتضاءل فيها احتمالات النصر أمام الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق، بالنظر إلى ميل الميزان العسكري لصالح الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وأضاف ديليك أن إرسال بعض القوات للقتال إلى جانب ميليشيات طرابلس لن يكون كافيًا لإنقاذ تلك الأخيرة، لكن الأخطر أن ذلك سيجعل من تركيا طرفًا مباشرًا في الحرب الأهلية الليبية، وهو ما سيرتب كلفة فادحة على أنقرة، إذ من المحتمل أن تعرض نفسها لعقوبات دولية على تدخلها في دولة أخرى، في وقت يعاني فيه اقتصادها من أزمة مزمنة، وفي وقت تجد فيه أنقرة نفسها معزولة إقليميًا ودوليًا بسبب سياستها الخارجية الاستفزازية.