الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"تكنولوجيا المتحف المصري".. بدأت في التسعينيات وحاولت الصمود أمام المعوقات

صدى البلد

الدكتور محمود الحلوجي مدير عام المتحف المصري بالتحرير:
- كنا من أوائل المتاحف المصرية استخدماً للتكنولوجيا وأدخلنا أجهزة الكمبيوتر في التسعينيات
- الدليل الصوتي كان طفرة لزوار المتحف في 2002.. والمرشدون السياحيون هاجموه
- تجربة الصوت والضوء تولى مهمتها شباب مبدعون وتوقفت بعد 3 أيام
- عروض ثلاثية وسباعية الأبعاد لتعويض غياب قناع "توت عنخ آمون"
- موقع إلكتروني جديد للمتحف تبرعت بتكاليفه إحدى منظمات المجتمع المدني
استخدمت التكنولوجيا في مجالات عدة على مدى العقود الأخيرة، منها ما حقق صداه وانتشاره، ومنها من اختفى واندثر مع مرور الوقت لعدم توافر عوامل الاستمرارية، وإذا توقفنا أمام استخدام التكنولوجيا في المتاحف فربما لن تتباري إلي الأذهان أية تجارب مصرية في هذا الصدد، ولكن الحقيقة أن المتحف المصري كان له سابقة تجارب مع استخدام التكنولوجيا منذ تسعينيات القرن الماضي.
وكشف الدكتور محمد الحلوجي، أثناء مشاركته بالصالون التراثي الخامس الذي نظمه مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الاسكندرية، عن أن أولى تجارب المتحف مع التكنولوجيا، في عام 1992، حينما استخدم المتحف أسلوب التسجيل الإلكتروني للقطع الأثرية بدلا من التسجيل الورقي، وذلك بعدما أدخل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، لأول مرة أجهزة كمبيوتر إلي المتحف آنذاك، بالإضافة إلى عقد دورات تدريبية للعاملين بالمتحف لتدريبهم على استخدام الأجهزة، والتي كان يستخدم معها القرص المرن floppy Disk الذي لم يعد متاحاً في عصرنا الحالي، وتعد هذه البداية الحقيقة لدخول التكنولجيا للمتحف المصري.
وأضاف الحلوجي أنه كان للمتحف تجربة أخرى بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أيضاً، إذ تم توفير شاشة تعمل باللمس في مدخل المتحف تتيح للزائر بعض المعلومات البسيطة لمساعدته وعونه خلال زيارته للمتحف، والتى كانت تجربة فريدة من نوعها في المتاحف المصرية آنذاك، واستحوذت على إعجاب الفئات العمرية الصغيرة رغم بساطتها، ولكن لم يكتب لها الاستمرارية طويلاً.
وأضاف أنه كما بدأت علاقة المتحف بالتكنولوجيا من خلال مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار، واستمر هذا التعاون حتى نهاية حقبة التسعينيات قبل أن ينحصر دوره في عملية التوثيق فقط، فكان ظهور مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي في أوائل الألفية الثالثة بمثابة امتداد لسبل التعاون التكنولوجي بين المتحف والجهات الأخرى.
وتابع: في ذكرى الاحتفال بمئوية المتحف المصري عام 2002، قدم المتحف تجربة تكنولوجية جديدة أطلق عليها "الدليل الصوتي" Digital Guide، إذ كانت تتيح للزائر استعارة جهاز إلكتروني ذي شاشة صغيرة وسماعة رأس، يختار من عليها أحد الموضوعات او القطع الآثرية التي يريد معرفة معلومات عنها، وذلك عن طريق ادخال الرقم المبين على فاترين العرض إلي شاشة الجهاز، ومن ثم سماع كافة التفاصيل المتعلقة بها، مشيرا الي ان هذه التجربة كانت بدعم من شركة سامسونج بعد تبرعها بالأجهزة والمعدات والخبرة والصيانة لوزارة الآثار، ولكن لم تكتب لها النجاح أيضاً، نظرا لحدوث أعطال متكررة بالأجهزة وعدم وجود عقود ملزمة للشركة بدورية الصيانة، بالإضافة إلي شكوي المرشدين السياحيين من التقنية الجديدة التي اعتبروها قطعا لأرزاقهم.
وأردف الحلوجي قائلا: ان من أحدث التجارب التكنولوجية التي نفذت العام الماضي، تجربة عروض الصوت والضوء، التي تولى مجموعة من الشباب مهمتها من كافة الجوانب المادية والتقنية، ولاقت نجاحاً وإقبالاً كبيراً، إذ عملت العروض على نقل الزائر من مكان لآخر عبر الصورة اعتمادًا على صوت الراوي، ولكنها لم تستمر لأكثر من 3 أيام بسبب الصعوبات طبيعة التجربة التي تحتاج إلي اطفاء الأنوار بالمتحف والمخاوف الأمنية المرتبة على ذلك. ومن ثم تبحث إدارة المتحف أنسب سبل اتاحتها من جديد، ولكن بتقنية أحدث بشكل لا يتعارض مع المعوقات التي واجهتهم سابقاُ.
وفي ضوء المعطيات التكنولوجية، أوضح مدير المتحف المصري، خطة المتحف للتغلب على غياب قناع توت عنخ آمون أثناء فترة ترميمه، عقب إعلان اللجنة الوزارية المختصة بترميم ذقن تمثال توت عنخ آمون، الانتهاء من الأعمال التمهيدية كالتصوير والمسح والتجهيز للبدء الفعلي في عملية الترميم خلال الأيام القليلة القادمة، وذلك بالتنسيق مع مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، كشريك وطني لإيجاد حلول بديلة وعمل عروض تكنولوجية للقناع باستخدام التقنيات الحديثة كالليزر وثلاثية الأبعاد 3D وسباعية الأبعاد 7D بجانب تحضير مادة علمية ترافقها، بالإضافة إلى إمكانية توفير لقطات حية من داخل معمل الترميم ونقلها للزائر حتى يتعايش مع عملية فك وتركيب ذقن القناع الذهبي للملك توت، بما يحقق رغبة السياح القادمين للمتحف من أجل مشاهدته ويشعرون بأن زيارتهم قد اكتملت.
وبحسب الحلوجي، فقد واجهت إدارة المتحف تحديات وضغوطات عديدة الفترة الأخيرة من قبل شركات السياحة، بعدما أكدت أن كنوز الملك توت من أهم ما يأتي السياح لزيارته بالمتحف، وأن غيابه عن الجمهور خلال فترة الترميم حتماً سيؤدي إلى إلغاء العديد من الرحلات السياحية، مما جعلهم يفكرون في طرق بديلة للتغلب على غياب الآثر أثناء فترة الترميم والتي ستستغرق من 3 أسابيع وحتى شهر، عقب الضجة الإعلامية التي أثيرت مؤخراً حول الترميم الخاطئ للتمثال، بعد وقوعه أثناء التنظيف في شهر أغسطس من العام الماضي، واستخدام مادة (الإيبوكسي) بشكل مبالغ فيه مما أدى إلى تشويه الأثر.
وعلى جانب آخر، يسعى المتحف المصري لتثبيت قدميه على شبكة الإنترنت بموقع إلكتروني جديد تتبرع إحدى منظمات المجتمع المادي بالدعم المادي والفني اللازم لإنشاءه، بديلاً للموقع الذي كان قد انشئه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار للمتحف من قبل، والذي لم يتم تحديث بياناته منذ عام 2002.
وحاولت إدارة المتحف التواصل مع مسئولي المركز لتحديثه ولكن دون جدوى، مما تسبب في العديد من المشاكل مع زوار المتحف، خاصة بعد ثورة يناير 2011 وتغيير ساعات العمل الرسمية لتنتهي في الخامسة مساء بعد أن كانت تستمر حتى السابعة مساء قبل ذلك، حسبما صرح مدير المتحف.
ويعد المتحف المصري من أقدم المتاحف على مستوى العالم بما يحويه على أكثر من 160 ألف قطعة آثرية حقيقة ترمز إلي تراث الحضارة المصرية القديمة، بخلاف المتاحف العالمية الآخرى مثل المتحف البريطاني ومتحف اللوفر، التي تضم أكثر من حضارة وبها قسم خاص للحضارة المصرية تعتبر من أكثر الأقسام جذباً للزوار.